نسبة قرصنة البرامج المعلوماتية في تونس ناهزت ال%76 سنة 2007 الخسائر الناجمة على القرصنة في العالم العربي بلغت 960 مليون دولار سنة 2007 نشر الاتحاد الدولي للاتصالات في المدة الأخيرة تقريرا يتضمن إحصائيات ومؤشرات سنة 2007 حول استخدام شعوب الدول الأعضاء لوسائل التكنولوجيات الحديثة للمعلومات والاتصال التي تساعد تلك الشعوب على كسب رهان الثورة الرقمية. ومن أهم المؤشرات التي تناولها هذا التقرير هو مؤشر نسبة ربط وتوصيلية شعوب العالم بشبكة الإنترنت الذي يقود، بقسط وافر من الموضوعية، إلى معرفة نسبة الأمية الالكترونية في العالم. وحسب نفس المصدر، تعد الكرة الأرضية إلى موفى 2007 حوالي ست مليارات و 690 ألف ساكن، منهم حوالي مليار و 346ألف مستخدم لشبكة الإنترنت، مما يعني أن نسبة مستخدمي شبكة الإنترنت في العالم تحوم حول 20% وهذه النسبة أقل بكثير في العالم العربي حيث تبلغ حوالي 13% فقط. بما يعني أن نسبة الأمية الالكترونية تبلغ 80% كمعدل عالمي و87% كمعدل في الوطن العربي. أما بخصوص قرصنة البرامج الحاسوبية وحسب تقرير أعده مكتب دراسات عالمي مشهود له بمصداقيته في أعماله فإن نسبة قرصنة البرامج الحاسوبية، أي عدد البرامج المقرصنة بالنسبة لكل مائة برنامج مستخدم، يبلغ معدلها في العالم حوالي 38% وحوالي 67% في العالم العربي. أمية الكترونية حسب إحصائيات الاتحاد الدولي للاتصالات، يعد العالم العربي حوالي 320 مليون نسمة منهم فقط حوالي 42 مليون يستخدمون شبكة الإنترنت أي ما يمثل نسبة 13 في المائة وهي أقل بكثير من المعدل العالمي وتجعل نسبة الأمية الالكترونية في العالم العربي لو اعتبرنا هذا المقياس تبلغ حوالي 87% وهذا الأمر لا يعني أن كل الدول العربية معنية بنفس الدرجة حيث هناك بعض الدول العربية الصاعدة التي تملك نسبة ربط بشبكة الإنترنت تفوق المعدل العالمي وتضاهي نسب الدول المتقدمة على غرار الإمارات العربية المتحدة (52.51%) أو دولة قطر (41.75%). هذا لو اعتبرنا مؤشر التوصيلية بشبكة الإنترنت، أما لو اعتمدنا مؤشرا آخر على غرار عدد الموزعات على شبكة الإنترنت وهو مؤشر يعطي فكرة عن حجم الإنتاج وتوفير المحتوى على الشبكة العنكبوتية، فإننا نلاحظ أن دولة صاعدة مثل الشيلي أو اليونان لوحدها تملك أكثر موزعات من كل الدول العربية مجتمعة. قرصنة البرامج لقد أخذت الجرائم المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات والاتصال أشكالا عدة منها مثلا جرائم الاختراقات التي يدخل ضمنها إختراق المواقع على شبكة الإنترنت وأجهزة الحواسيب والمراسلات والبيانات وإرسال الفيروسات، وجرائم الأموال مثل السطو على أرقام البطاقات الائتمانية والتشفير الخاصة بالحسابات البنكية والتزوير، وجرائم إنشاء أو ارتياد مواقع الدعاية للأعمال الإجرامية ويدخل ضمنها المواقع البورنوغرافية أو الإباحية، وجرائم الابتزاز والتهديد بمختلف أنواعه عن طريق مراسلات الكترونية، وكذلك جرائم قرصنة البرامج الحاسوبية التي يدخل ضمنها نسخ وتوزيع التطبيقات والبرامج بطرق غير شرعية وبدون وجه حق بما يخترق حقوق الملكية الفكرية لتلك البرامج. فقرصنة البرامج الحاسوبية هي موضوعنا بالأساس في هذا المقال وهي، بمعنى آخر، أن يتعمد المخترق أو القرصان نسخ تطبيقة أو برمجية، محمية بملكية فكرية، في كميات هائلة على إثر تنزيلها من شبكة الإنترنت أو الحصول عليها من حوامل رقمية مثل القرص المدمج أو القرص اللين، ثم يوزعها ويبيعها بأثمان زهيدة تدر عليه أرباحا كبيرة على حساب منتجها الحقيقي الذي لا يستطيع استرجاع فقط نفقاته المادية في بعض الأحيان. تقارير بناء على تقارير دورية قام بها مكتب الدراسات المعروف «آي دي سي» (IDC) لحساب جمعية منتجي البرامج الحاسوبية التجارية BSA (Business Software Alliance)، وهي جمعية تضم كبرى شركات ومنتجي البرمجيات في العالم تعمل بالخصوص على مكافحة القرصنة، فإن حجم الخسائر في العالم قد بلغ حوالي 48 مليار دولار في سنة ,2007 وأفادت نفس التقارير بأن معدل نسبة قرصنة البرامج الحاسوبية في العالم قد بلغ حوالي 38% وقد سجلت أعلى النسب في الدول الصاعدة في مجال التكنولوجيات الحديثة مثل الصين (82%) وروسيا (73%) والبرازيل (59%) وسجلت أدنى النسب في الدول المتقدمة مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية (20%) وزيلندا الجديدة (22%) واليابان (23%) وأستراليا (28%). أما بخصوص الدول العربية، فقد بلغ معدل نسبة القرصنة حوالي 67% وهي نسبة تفوق بكثير المعدل العالمي. وسجلت بتونس نسبة 76% وبلغت قيمة الخسائر الناجمة عن القرصنة 54 مليون دولار أي ما يفوق ال 66 مليون دينار تكبدها منتجو البرامج أما في الإمارات العربية المتحدة فقد تم تسجيل أدنى نسبة (35%)، وهي الدولة العربية الوحيدة التي لا تتعدى نسبة القرصنة عندها المعدل العالمي، تليها المملكة العربية السعودية (51%) ثم دولة قطر (54%) وفي المقابل سجلت اليمن أعلى نسبة (89%) تليها ليبيا (88%) ثم العراق (85%) والجزائر (84%)، وتعتبر هذه النسب من أعلى نسب القرصنة في العالم. وفيما يلي أكثر تفاصيل عن وضعية الدول العربية بخصوص نسبة الربط بشبكة الإنترنت ونسبة قرصنة البرامج الحاسوبية في جدول مرتب حسب نسبة الربط بشبكة الإنترنت: انظر إلى الجدول تحسنّ لكن..؟ وبالعودة الى تونس ومن خلال التقارير المذكورة، يلاحظ أن نسبة الربط بشبكة الإنترنت تطورت من 9,48% في سنة 2005 إلى 12,68% في سنة 2006 ثم إلى 16,68% في سنة 2007 ولو تواصل هذا النمو بنفس الوتيرة سوف تتدارك تونس تخلفها في هذا المجال وتتخطى عتبة المعدل العالمي (20%) في بضع سنوات، وتصبح من الدول المؤهلة للانخراط في العالم الرقمي. وفي المقابل وبخصوص قرصنة البرامج الحاسوبية، ورغم ربح بعض النقاط في نسبة القرصنة من سنة إلى أخرى حيث تقلصت هذه النسبة من 81% في سنة 2005 إلى 79% في سنة 2006 ثم إلى 76% في سنة 2007 إلا أنها لا تزال بعيدة عن المعدل العالمي (38%)، وبالتالي ينبغي بذل المزيد من المجهودات لإيجاد الحلول التكوينية والردعية الكفيلة بالزيادة في نسق التقليص من نسبة قرصنة البرمجيات. مفارقات هكذا يتبين أن معدل نسبة ربط الشعوب العربية بالشبكة العالمية يقارب نصف المعدل العالمي في حين أن معدل نسبة القرصنة في الدول العربية لا يبعد كثيرا عن ضعف المعدل العالمي للقرصنة، وأن هذه النسبة تزداد من سنة إلى أخرى في بعض الدول العربية حتى أصبحت تفوق نسب قرصنة لبلدان معروفة عالميا ولها باع في مجال القرصنة مثل الصين والبرازيل وبعض دول أوروبا الشرقية. ولا شك أن الحكومات العربية، وخاصة الجهات الساهرة على قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصال، مضطرة للقيام بمجهودات استثنائية مستقبلا لرتق هذا الصدع على مستويين اثنين: مستوى أول يتعلق بالعمل على تحسين توصيلية الشعوب العربية بالعالم الرقمي وذلك باستنباط مشاريع وتوفير آليات وبيئة ملائمة تمكن الأفراد والشركات ومكونات المجتمع المدني من الحصول على الأدوات الضامنة للانخراط في عالم التكنولوجيات الحديثة بدون عراقيل من أي نوع وبأثمان معقولة لا تؤثر سلبا على جيوب أرباب الأسر والعائلات. أما المستوى الثاني فهو يتعلق بقرصنة البرامج الحاسوبية وما تسببه من انتهاكات لقوانين الملكية الفكرية ومن عزوف عن خلق الفرص الاستثمارية وتوفير فرص العمل. ومسألة احترام حقوق المؤلف والملكية الفكرية بصفة عامة ومكافحة قرصنة البرامج بصفة خاصة هي مسألة أخلاقية قبل أن تكون قانونية، وبالتالي لن يستطيع أحد أن يفرض أفضل قوانين الحماية على مجتمع لا يؤمن بجدواها ولا يحترم قواعدها. لذلك ينبغي أن تتضافر جهود مؤسسات تربوية وتعليمية وإعلامية ومهنية في إطار استراتيجية واضحة الأهداف والمعالم وخطة عمل محددة الآجال لتحسيس المستخدمين وتجار البرمجيات وتثقيفهم حول الاستخدام القانوني للبرامج الحاسوبية. هذا إلى جانب وضع نصوص قانونية وطنية تكون موائمة مع لوائح واتفاقيات المنظمة العالمية لحقوق الملكية الفكرية والمنظمة العالمية للتجارة وكذلك الهيئات العالمية الأخرى المعنية بحماية الملكية الأدبية ومكافحة قرصنة الأعمال الفكرية. عبد المجيد ميلاد للتعليق على هذا الموضوع: