آليات التشغيل كثيرة ومتنوعة.. لكنها قليلة النجاعة تونس الصباح: كشف تقرير لجنة تنظيم الاستشارة الوطنية حول التشغيل أن تسيير سوق الشغل وبرامج التشغيل في تونس يشكو عديد النقائص.. فرغم وجود كم متنوع من آليات التشغيل والتأهيل والإدماج المهني فإن ذلك لم يحل دون تفشي البطالة.. وتعزى نقاط الضعف خاصة إلى عدم مواكبة تطور الوظائف الأساسية لمصالح التشغيل وهيكلتها للمتطلبات الجديدة لسوق الشغل وللنقص الحاصل في الأدوات الفنية التي تمكن من الاستغلال الأفضل للعروض والطلبات وتنشيط وظيفة التقريب بينها أو التدخل النشيط لملاءمتها إضافة إلى قلة التفاعل في تسيير سوق الشغل بين تدخلات الجمعيات المختصة وهياكل القطاع الخاص وهياكل القطاع العمومي وغياب وظيفة التأهيل كوظيفة أساسية في عمل مصالح التشغيل خاصة أمام إعادة هيكلة التكوين المهني والحاجة إلى تدخلات ناجعة في ميدان الإعداد السريع للموارد البشرية لتتلاءم مع تطور محيط الإنتاج كما تبرز في عدم فاعلية التدخل في القطاعات ذات الحاجة الخصوصية نتيجة عدم تأقلم الهيكلة وتراتيب العمل مع هذه المتطلبات والنقص الكبير المسجل في وظيفة الإعلام والتوجيه المهني رغم أنها الوظيفة الأساسية في تدخل مصالح التشغيل. ومن نقاط الضعف التي شخصها التقرير قلة نجاعة بعض برامج التشغيل ونقص المتابعة وغياب التقييم الخارجي لها ويرجع ذلك إلى كثرة الآليات وقلة النجاعة في التدخل وفي تعبئة الأطراف المعنية بانجازها وإلى عديد النقائص في توجيه الآليات إلى أكثر المحتاجين لتدخلاتها من طالبي الشغل وعدم القدرة على متابعة مسارات الإدماج بصفة متواصلة من أجل ضمان التأقلم مع متغيرات سوق الشغل والنقص الكبير في استعمال آلية التكوين المستمر كأداة للتصرف في سوق الشغل ولتطوير كفاءات العاملين وإعادة إدماج المسرحين وتحسين نوعية العمل في جميع القطاعات إضافة إلى عدم توفر آليات ناجعة لتحسين نوعية التشغيل داخل القطاع الخاص حتى يستجيب لطموحات الشباب الشرعية في تحقيق مشروع مهني دائم داخل المؤسسة الأمر الذي كرس ضغطا كبيرا على سوق الشغل في القطاع العمومي ثم النقص الفادح في انجاز برامج التشغيل عن طريق القطاعين الخاص والجمعياتي مما يقلل من نجاعتها ومن مقدرتها على خلق نسيج من هياكل التدخل المشغلة لخريجي التعليم العالي في ميادين التأهيل والتكوين.. نقص المعلومات ومن الإشكاليات الأخرى التي تطرق إليها التقرير عدم تلاؤم المعطيات المتوفرة حول تطورات سوق الشغل مع متطلبات أخذ القرار ويعزى ذلك إلى عدم استعمال المصنفات المهنية المتفق حولها بين مختلف الأطراف والتي كان بالإمكان أن تيسر تبادل المعلومات وتوحد المفاهيم وتطور استغلالها خاصة بين طالبي الشغل والمؤسسات وهياكل البحث ومراصد المتابعة ومنظومة التربية والتكوين. كما تبرز النقائص في مجال تحليل المعطيات إذ على الرغم من منظومة الإعلام المتوفرة بمصالح التشغيل فقد اتضح بعد التقييم أنه لم يتم استغلالها بدرجة كافية من أجل إقرار نظام متابعة دورية لسوق الشغل. كما أن البحوث الدورية السنوية الجديدة حول التشغيل تتطلب مزيد تعبئة مختلف المتدخلين حول انجازها واستعمال نتائجها ومزيد ربطها بإعداد الميزانيات السنوية. وبينت التقييمات عدم استغلال فرص التشغيل بالخارج على النحو الأمثل إذ اتضح نقص التنوع في وجهات الهجرة التونسية.. وقد تمركزت هذه الهجرة أساسا في الدول الأوربية التي تستقطب 84 بالمائة من المهاجرين بينما لا يوجد بالبلدان العربية سوى 13 بالمائة وبأمريكا وكندا سوى 3 بالمائة فقط. ويعود ذلك أيضا إلى النقص الفادح في إتقان اللغات الأجنبية وخاصة الانقليزية الأمر الذي يمثل عقبة كبرى في غزو الأسواق الأجنبية وتنويعها.. كما يعود أيضا إلى قلة الاعتماد على مؤسسات القطاع الخاص في مجال التشغيل بالخارج.. فبعد تشخيص كل هذه النقائص، فإن مصالح التشغيل مدعوة إلى إعادة صياغة برامجها لأنّ العبرة ليست في الكثرة بقدر ما هي في النجاعة..