«الاختلاف مسألة حضارية وجزء من التركيبة اللبنانية» تونس الصباح : المشهد اللبناني الراهن الى اين، وأي مستقبل للمقاومة اللبنانية في خضم الحوار اللبناني اللبناني؟ واين يقف لبنان من التحولات المتسارعة في منطقة الشرق وكيف ينظر الى الدعوة الاسرائيلية لاحياء المبادرة العربية؟ وماذا عن انعكسات الازمة المالية العالمية على الوضع الاقتصادي اللبناني وابرز التحديات التي يواجهها لبنان؟ وماذا في ملف اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات اللبنانية؟ تلك كانت بعض من النقاط التي تعرض لها السفيراللبناني السيد فريد عبود في اللقاء الذي احتضنته جمعية الدراسات الدولية مساء اول امس في اطار دورتها الراهنة برئاسة السيد رشيد ادريس وبحضور عدد من الديبلوماسيين والاعلاميين والطلبة.. واستعرض السفير اللبناني في هذا اللقاء قائمة التحديات التي يواجهها لبنان في هذه المرحلة محليا واقليميا ودوليا كما لم يخف مخاوفه من احتمال لجوء اسرائيل لضرب لبنان في أي حين مستندا في ذلك الى تصريحات المسؤولين الاسرائيليين الذين لا يتوقفون عن توجيه تهديداتهم للبنان واعرب عن استغرابه من عدم تسجيل أي رد فعل من جانب الغرب ازاء تلك التهديدات التي اعتبر ان توجيهها الى المدنيين يعتبر جريمة في حد ذاته. تحديات بالجملة وقال: "الخطر الاسرائيلي موجود وهذا قدرنا ليس بسبب الوضع الجغرافي ولكن بسبب الواقع ايضا" واضاف ان اللبنانيين مازالوا يعتبرون ان اسرائيل عدو لهم بسبب ما خبروه من اعتداءات من جانبها وشدد على ان لبنان ليس بالبلد الفقير كما يمكن ان يتبادر الى الاذهان، موضحا ان ميزان دفوعاته ايجابي بفضل الاموال التي تتدفق على لبنان من ابنائه في الخارج.. واوضح انه من المفارقات الحاصلة ان لبنان الذي يعد اربعة ملايين ساكن لديه نحو خمسة عشر مليون لبناني في المهجر مشيرا الى ان اللبنانيين يحبون الهجرة وهم ناجحون عموما.. ورغم ان لبنان يخسر بمقتضى ذلك الكثير من العقول والادمغة فقد اعتبر ان هؤلاء غالبا ما يحافظون على الروابط العائلية وقد شكلوا دوما للبنان منقذا من الازمات والحروب التي واجهته ومكنته من الاستمرار رغم كل العراقيل والخسائر التي كان يتكبدها في كل مرة وحرص على التوضيح بان حجم الاموال في المصارف اللبنانية يتخطى 95 مليار دولار في الداخل و30 مليار دولار في البنوك اللبنانية في الخارج وهو ما يوفر للبنان نوعا من الحصانة الاقتصادية.. الا انه شدد على ان البنية التحتية مدمرة وهي في حاجة لدعم الدول المانحة لاستعادة عافيتها. وتوقع السفيراللبناني ان يكون للازمة المالية العالمية الراهنة وقع على لبنان في حال استمرارها وذلك اذا عمدت دول الخليج وغيرها الى صرف العملة اللبنانية للتخفيف من اعباء الازمة. ولاحظ السفير اللبناني ان تواجد اللاجئين الفلسطينيين يشكل بدوره احد التحديات القائمة معتبرا ان وجود 400 الف فلسطيني في لبنان يمثل 10 في المائة من سكان البلاد وهو عدد كبير بالنسبة لاي بلد خاصة اذا كان هؤلاء محرومين من العودة الى بلادهم. واعتبر السفير البناني ان لبنان يواجه جملة من التحديات الانية والمستقبلية بعضها مرتبط بصعوبة التعايش اللبناني الفلسطيني مع اللاجئين كقوة الامر الذي تسبب في السابق في مشاكل كبيرة خاصة في السبعينات عندما برز الفلسطينيون كقوة مسلحة وجدد السفير اللبناني رفض بلاده توطين الفلسطينيين معتبرا ان هناك اتفاقا لبنانيا بشان هذه النقطة موضحا ان الحل بالنسبة للقضية الفلسطينية ليس في توطين اللاجئين ولكن في استعادتهم حقوقهم وعودتهم الى وطنهم. أي مستقبل للمقاومة اللبنانية؟ وفي معرض حديثه عن مستقبل المقاومة اللبنانية اعتبر السفير اللبناني ان الامر مطروح ضمن الحوار الوطني اللبناني بمشاركة معظم القوى اللبنانية مشيرا الى وجود وجهتي نظر في هذه المسالة وتعتبر الوجهة الاولى انه طالما هناك احتلال.. فلا بد من تواجد قوى تواجه هذا الخطر بمعنى قوى تكمل القوى الشرعية خاصة ان قوى الدولة الكلاسيكية لا يمكنها مواجهة اسرائيل وقد اكدت التجربة قصور الجيش اللبناني في ذلك فاسرائيل المدعومة من امريكا تبقى اكبر من كل القوى العربية المتوفرة.. اما وجهة النظر الثانية فهي اكثر التزاما بالدكتور وهي تعتبر انه لا يمكن لبلد ان تكون له قوى عسكرية خارج إطار الجيش ولكل حسب السفير اللبناني مبرراته وهي مبررات لا تخلو من الاقناع لدى الجانبين ملاحظا ان هدف الوجهتين واحد في نهاية المطاف وهو الدفاع عن لبنان. ملفات العلاقات مع سوريا احتل بدوره جانبا من اللقاء حيث اعتبر السفير اللبناني انه لا بد للعلاقات السورية اللبنانية ان تكون جيدة لسبب موضوعي بسيط وهو ان سوريا تمثل الحدود الوحيدة للبنان اما الحدود الاخرى مع اسرائيل فهي مغلقة.. معتبرا ان العلاقات مع سوريا علاقات انسانية تتحدى كل انواع الحدود.. وان هذا واقع يقره اشد المنتقدين لسوريا. ولاحظ السفير اللبناني ان زيارة الرئيس اللبناني الى سوريا ساعدت على تخطي الكثير من العقبات وفي تعليقه على الغارة الامريكية على سوريا قال ان لبنان ادان العملية واعتبر ان توقيتها غريب وهدفها غير مقنع وانها تظل اعتداء صارخا على السيادة وان هذا الموقف طبيعي جدا.. مضيفا ان هناك الكثير من الشكوك بشان اسباب الغارة التي اعتبر انها انتخابية بهدف تقوية احد المرشحين في السباق الانتخابي لاسيما ان الامريكيين اعترفوا بتعاون سوريا على الحدود. واعتبر ان دعوة اسرائيل لاحياء المبادرة العربية مجرد مناورة وانه لن يبقى لها أي اثر خلال ايام في خضم الحملة الانتخابية الاسرائيلية. اما عن ترويج اسرائيل لاتفاقية عدم اعتداء مع لبنان فرد بقوله بان اسرائيل احتلت لبنان وان المقاومة جاءت لطردها وان اتفاقية عدم اعتداء لا تعني شيئا وانه لا احد يقبل احتلال بلده مضيفا ان هذه ايضا مناورة اسرائيلية لا مستقبل لها وان لبنان ملتزم بالمفاوضات العربية وفقا للشرعية الدولية. واعتبر ان لقاء نصرالله الحريري مرحلة من ترميم الوضع في لبنان بعد التوترات التي عاشتها المنطقة في الماضي وهو يهدف الى اجراء الانتخابات في اجواء اقل توترا مضيفا ان الاختلافات في الساحة اللبنانية جزء من التركيبة والعقلية اللبنانية والاختلاف مسالة حضارية وان اللبنانيين يتعايشون كشعب واحد ولا يمكن ان يكونوا اعداء لبعضهم ولكن اعداء لمن يعتدي عليهم واضاف ان لقاء نصرالله الحريري جزء من لقاءات كثيرة تمت بين الفرقاء اللبنانيين ولكنه يبقى الاهم لانه يجمع تيار المستقبل وحزب الله واعتبر ان الواقع السياسي اللبناني يتعدى الخلافات المذهبية وان كل الطوائف تجلس حول طاولة واحدة وانه ليس هناك عائلة سنية غير متصاهرة مع عائلات شيعية...