قتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري أمس في اعتداء بسيارة مفخخة على الأرجح أسفر أيضا عن سقوط تسعة قتلى و100 جريح وسط العاصمة اللبنانية بيروت حسب ما أكدته مصادر طبية ووسائل الاعلام اللنبانية. وأكدت مصادر طبي ومحطات تلفزية لبنانية مقتل الحريري مع تسعة من مرافقيه في الاعتداء الذي استهدف موكبه بإحدى المناطق الساحلية في بيروت. وكانت إدارة مستشفى الجامعة الأمريكية في بيروت أفادت بأن الحريري المسؤول السياسي الذي كان يتمتع بسمعة ومكانة دولية نقل بعيد وقوع الانفجار الى مستشفى الجامعة الأمريكية حيث أدخل قسم العناية المركزة لكنه سرعان ما توفي متأثرا بجروحه البليغة. وأفادت حصيلة مؤقتة للضحايا بثتها وسائل الاعلام المحلية أن 9 أشخاص على الأقل قتلوا في الانفجار في حي سكني على شاطئ البحر حيث يقع عدد كبير من الفنادق الفاخرة. وذكرت محطة «ال بي سي» التلفزية اللبنانية أن من بين القتلى يحيى العرب أحد حرّاس الحريري. وكانت محطة «ال بي سي اي» اللبنانية الخاصة أفادت بأن وزيرين سابقين كانا من بين القتلى وهما سمير الجسر وباسل فليحان لكن مصادر مقربة من هذين الوزيرين نفت هذا الخبر. وقالت زوجة فليحان انها تلقت رسالة من زوجها عبر هاتفها الجوال أبلغها فيها بأنه أصيب بجروح وأنه أدخل المستشفى. أما سمير الجسر فقد أبلغ وسائل الاعلام اللبنانية بأنه في صحة جيدة ولم يصب بأذى في هذا الهجوم. وقال تلفزيون «المستقبل» الذي يملكه الحريري ان الانفجار نجم عن اعتداء بسيارة مفخخة، وبثّ التلفزيون آيات قرآنية. وأحدث الانفجار الذي وقع قرب فندق سان جورج فجوة كبيرة في الطريق وألحق أضرارا بواجهات بعض المباني الفخمة وأشعال النّار في نحو ست سيارات. وقد وقع الانفجار في منطقة على شاطىء البحر تكون مكتظة عادة في الوقت الذي وقع فيه الانفجار وتضم مقرات عدد من المصارف والفنادق. وحوّل الانفجار العنيف المنطقة إلى ساحة غطتها سحب الدخان وتناثرت فيها الجثث. وحسب التقديرات الأولى التي أوردتها وسائل الاعلام اللبنانية فقد تم استخدام ما يزيد عن 350 كيلوغراما من المتفجرات في هذا الهجوم. والانفجار على ما يبدو هو الأعنف الذي تشهده العاصمة اللبنانية منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990 وقد سمع دوي الانفجار خارج حدود المدينة. وقد تم اخلاء النزل القريبة من المنطقة التي وقع فيها الانفجار وأكدت مصادر صحفية أن بعض رواد النزل حملوا أمتعتهم واتجهوا نحو مطار بيروت. وقال ضابط في الشرطة اللبنانية... لقد كان موكب الحريري هو المستهدف وقد كان يستقل واحدة من السيارات التي أتى عليها الانفجار وقد مات بلا شك. وسرعان ما أغلقت المحلات في حي «الحمراء» التجاري وخلت الشوارع عقب الانفجار. وأعلنت مصادر طبية في وقت لاحق أن 100 شخص على الأقل أصيبوا بجروح في الهجوم الذي أودى بحياة الحريري. وتوجه رئيس الوزراء اللبناني عمر كرامي وعدد من الوزراء والنواب الذين كانوا يشاركون في جلسة لمجلس النواب الى مكان الانفجار. وقالت وكالة الأنباء الرئيسية اللبنانية ان الرئيس اللبناني اميل لحود ترأس اجتماعا للمجلس الأعلى للدفاع الذي يضم قادة الأجهزة الأمنية في لبنان. وجدّ الهجوم فيما يستعد لبنان للانتخابات التشريعية المنتظرة الربيع المقبل. ووسط الحملة الدعائية الأمريكية ضد سوريا ولبنان اثر صدور القرار الأممي رقم 1559 . وكان الحريري (60 عاما) ترأس الحكومة في لبنان من 1992 الى 1998 ثم من 2000 الى 2004 حيث استقال بعد تمديد فترة الرئاسة للرئيس اللبناني اميل لحود واعتبر أحد أبرز وجوه المعارضة في الساحة السياسية اللبنانية. ** الحريري في آخر حديث له: أنا معارض في إطار «الطائف» بيروت (وكالات) أكد رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في آخر حديث صحفي أدلى به قبل وفاته أمس أنه معارض ولكن في حدود اتفاق الطائف معتبرا أن فوزه والمعارضة في الانتخابات المقبلة لا يعني هزيمة لسوريا وأنه سيكون أحرص على العلاقات معها وعلى مصالحها. وقال الحريري في الحديث الذي نشرته صحيفة «السّفير» اللبنانية «إني معارض ولكن لي معارضتي وسقفها اتفاق الطائف وأنا لا ألتحق بأحد». وأكد الحريري أنه واثق من الفوز في الانتخابات في دائرة بيروت وحرصه على أن يكون للمقاومة ممثلها في العاصمة اللبنانية مشيرا الى مقعد يشغله حاليا نائب من «حزب اللّه» في هذه الدائرة. واعتبر الحريري أن فوزه والمعارضة في الانتخابات المقبلة لا يعني هزيمة لسوريا ونحن سنكون الأحرص على العلاقات معها وعلى مصالحها انطلاقا من خياراتنا الوطنية والقومية التي نلتزم بها عن قناعة». لكن الحريري لفت الانتباه الى أنه من الخطإ أيضا ا لاعتقاد بأن الوجود السوري في لبنان هو ضمانة لتلازم المسارين لأن هذا الكلام يوحي بأن اللبنانيين كأنهم خونة سينقلبون على سوريا بمجرّد انسحابها. وتابع الحريري «الغريب أنهم في السلطة يتهمونني بالتحالف مع بعض أطراف المعارضة بينما هم يحاولون بكل الوسائل استمالة العماد ميشال عون وغيره». وأضاف الحريري بلهجة لا تخلو من الانفعال «المشكلة في هذه السلطة أنك إذا اعترضت على أدائها وسلوكها تسارع الى التشكيك في خياراتك الوطنية والقومية، أناقومي عربي منذ عشرات السنين ولن ألجأ إلى تغيير قناعاتي الآن وأنا في الستين من العمر». **قصة.. الحريري: أعاد بناء لبنان ومات بألغامه بيروت (وكالات) يعتبر رفيق الحريري في لبنان مثالا لنجاح فريد من نوعه في الأعمال وفي السياسة ويشكل اغتياله صدمة قوية بما ان الرجل الذي اعاد بناء لبنان مات بألغام مشابهة لتلك التي عمل على محو آثارها.. وكان الحريري رجلا مكافحا بنى نفسه بنفسه ومن لاشيء. ولد رفيق الحريري في صيدا بجنوب لبنان عام 1944 وقد عمل محاسبا حتى يستطيع اكمال دراسته الجامعية في كلية التجارة ببيروتالغربية. وكان عمله هذا العنصر البارز الاول في حياة رجل بنى نفسه بنفسه في عالمي الاعمال والسياسة. بين لبنان والسعودية وكان اعلان في جريدة يومية بمثابة نقطة التحوّل في حياة العصامي رفيق الحريري بما ان هذا الاعلان جعله ينتقل الى السعودية حيث عمل في التدريس قبل ان يعود الى مراقبة الحسابات مجددا جامعا هذه المرحلة في 6 سنوات معيلا لنفسه ومعينا لعائلته. وضع الحريري قدمه عام 1970 في عالم المال والاعمال مؤسسا شركة صغيرة سماها «سيكونيست» وانطلق بقوة عام 1971 عبر قبول تحدّ فيه الكثير من المغامرة من خلال اشتراكه مع شركة اوجيه الفرنسية في انشاء نزل في الطائف في فترة تسعة اشهر بعدما اعتذرت شركات كبرى عن قبول هذا التحدي في حينه. ولاقى الحريري اول انجازاته الكبرى واسس بعد ذلك شركة «سعودي اوجيه» المولودة من دمج «سيكونيست» مع أوجيه وكسب بعدها (في عام 1987) الجنسية السعودية. سياسة وأعمال ويقال ان الحريري نجح في سياسة الاعمال وفي اعمال السياسة في إشارة الى عملية مزج بارعة قام بها بين الاعمال والسياسة. وقد يكون لقب رجل الدولة او الرئيس افضل الألقاب بالنسبة الى رفيق الحريري الذي يتعمد تجاهل خلفيته المالية من خلال انغماسه في السياسة وما يعرف عن الحريري في مجال الاعمال انه كان من أصحاب الثروات الكبرى وقد نفّذت شركته (سعودي أوجيه) مشاريع عقارية ضخمة في السعودية اهمها فندق انتركونينتال في مكةالمكرمة ومركز الحروق الحكومي في الظهران ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنوّرة والمركز الحكومي السعودي في الرياض. كما نفّذت شركة الحريري مشاريع كبرى في لبنان وسوريا واوروبا.. ألغام جديدة وبدأ الحريري استثماراته الاعلامية بتأسيس شبكة تلفزيون المستقبل ثم اشترى اذاعة الشرق التي تبث من باريس منذ عام 1981 وامتلك امتياز مجلة «المستقبل» وجريدة «صوت العروبة» وأصدر بعد ذلك جريدة «المستقبل». ويمتلك الحريري نسبة اسهم في دار «النهار» اللبنانية العريقة وأنشأ الحريري عام 1979 مؤسسة الحريري وهي منظمة لا تبغي الربح ساهمت في تعليم اكثر من 30 الف طالب لبناني في الجامعات الحكومية والخاصة في لبنان وأوروبا وامريكا. وتؤمن المؤسسة خدمات صحية واجتماعية وثقافية.. ولدى الحريري يتداخل فعل الخير مع الاعمال بما ان الرجل كان بدأ ظهوره السياسي في لبنان من خلال الاقتصاد حين قام سنة 1982 بوضع امكاناته تحت تصرف الدولة اللبنانية للمساهمة في ازالة الآثار الناجمة عن الاجتياح الصهيوني للبنان ووصوله الى العاصمة بيروت وآثار الحرب الأهلية. لكن الحريري الذي اعاد بناء لبنان مات بالألغام التي عمل بقوة للتخلص منها وإزالة آثارها. **حادث اغتيال الحريري: سوريا تحذر من فتنة... وإيران تتهم إسرائيل دمشقالقاهرةعواصم (وكالات): أثار اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري أمس ردود فعل غاضبة ومستنكرة من قبل قادة ومسؤولي عدة دول عربية وأجنبية أجمعوا على وصف حادث الاغتيال ب «الاجرامي». وبينما أكدت سوريا وقوفها الى جانب لبنان وحذّرت من «فتنة» في لبنان اتهمت إيران اسرائيل بالوقوف وراء هذا الهجوم الخطير. وقد قتل الحريري أمس في تفجير بسيارة مفخخة استهدف موكبه في بيروت... تنديد وتحذير وفور الاعلان عن نبإ اغتيال الحريري ندّد الرئيس السوري بشار الأسد ب «العمل الاجرامي الرهيب» وأكد وقوف سوريا الى جانب الشعب اللبناني الشقيق... وقال الأسد في بيان له «إن سوريا حكومة وشعبا تعلن وقوفها الى جانب لبنان في هذه الأوضاع الخطيرة وتتوجه الى أسرة رفيق الحريري وعائلات الضحايا بمواساتها وتعازيها الحارة. كما أكد الأسد خطورة الوضع ودقته وطالب الشعب اللبناني بتعزيز وحدته الوطنية ونبذ أولئك الساعين الى الفتنة وزرع الشقاق بين أبناء الشعب اللبناني... واستنكر الرئيس اللبناني إيميل لحود بقوة أمس اغتيال الحريري مضيفا «إن هذه الجريمة تستهدف السلام المدني والاستقرار في لبنان». واستنكر الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى من جانبه حادث اغتيال الحريري ووصفه ب»العمل الاجرامي والخطير». وقال عمرو موسى في تصريحات له للصحفيين: إننا ندعو الله بأن يحفظ لبنان من الانعكاسات التي قد تنجم عن هذا العمل الارهابي... وأعرب موسى عن قلقه العميق حيال مقتل شخصية عربية كبيرة وشخصية لبنانية ودولية استثنائية. وأدانت السلطة الفلسطينية من جهتها اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في بيروت معتبرة أن هذا الهجوم يمثل تهديدا للاستقرار في المنطقة... وقال الناطق الرسمي باسم السلطة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إننا نندّد بشدة باغتيال الحريري... انها جريمة ضد الشعب اللبناني وضربة للاستقرار في لبنان، البلد الذي نكن له احتراما وتقديرا كبيرين... إيران تتهم واستنكرت إيران بدورها بشدة الهجوم الذي أسفر عن مقتل الحريري واتهمت اسرائيل بالوقوف وراء هذه العملية الارهابية... وقال المتحدث باسم الخارجية الايرانية حميد رضا آصفي ان منظمة ارهابية مثل النظام الصهيوني لديها القدرة على القيام بهكذا عملية تهدف أساسا الى إلحاق الضرر بوحدة لبنان... وأضاف ان الجمهورية الاسلامية تدين بقوة هذا الهجوم الارهابي وتأمل أن يثأر الشعب اللبناني لاغتيال الحريري لافشال المخططات الصهيونية الكارثية والتوسعية في المنطقة... وفي أنقرة أعرب المتحدث باسم الحكومة التركية سيميل سيساك عن استنكاره لحادث اغتيال الحريري واصفا الهجوم الذي أودى بحياة رئيس الوزراء اللبناني السابق ب»العمل الارهابي»... وكما تركيا أدانت باريس أمس حادث اغتيال الحريري وطالبت بفتح تحقيق دولي في هذا الغرض بهدف التعرف عن ظروف والمسؤولين عن هذه «التراجيديا» ومعاقبتهم . وفي مدريد أدان الممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا الهجوم الذي وصفه ب»المستهجن»... وفي واشنطن نددت أمس باغتيال الحريري وبما وصفته ب»الاحتلال السوري للبنان».