تونس الصباح ...عاد الحديث من جديد في اوساط الفلاحين عن التأمين الفلاحي وتقييم ما انجز واستشراف القادم في ضوء الاجراءات المعلنة الربيع الماضي في هذا المجال.. وطبعا كان لا بد من مناسبة لاثارة الموضوع ونفض الغبار عنه من قبل الفلاحين حتى لا يظل طي النسيان والتجاهل كما هو الحال عادة الى حين بروز الحاجة له عند حصول مكروه او جائحة قد تعصف بكامل الصابة والمحاصيل.. وهو ما يعكس ضعف الثقافة التأمينية لدى الفاعلين في القطاع او لنقل النزر الاكبر منهم. فيكون قدر منظومة التأمين تعدد الاستشارات والتوصيات والقرارات والاصلاحات لتبقى حبيسة مقولة «تمخض الجبل فولَدَ فأرا» لعدم تجاوب الفلاحين معها وتشبثهم بمعتقدات موروثة تجعل من كل جائحة قضاء وقدر لايصح التحسب له. اجراءات وبعد رجع الصدى حول التأمين الفلاحي هذه الايام جاء في اطار ندوة انتظمت للغرض بولاية سليانة جمعت المنتحين واطارات هياكل التأمين واطارات المنظمة الفلاحية لتثمين وتفعيل الاجراءات الاخيرة المعلنة لفائدة المزارعين في هذا المجال والتي على اهميتها لا نخالها قادرة على حلحلة الوضع السائد من حيث تدارك تدني نسبة المظلة التأمينية الفلاحية وتحسينها بشكل بارز باعتبار ان جانبا من القرارات يتعلق بمعلوم التأمين على القروض وتحمل الدولة نسبة 100% من المعلوم التأميني للقروض التي يتحصل عليها الفلاح هذه السنة والنزول بالنسبة تدريجيا الى 75% و50% خلال السنتين القادمتين. ومثل هذا الاجراء على ما يختزله من فائدة ومنفعة لاصحاب هذه القروض وتخفيف العبء معاليم التأمين في هذا المستوى لا نخاله يهم شريحة هامة من الفلاحين بحكم محدودية حجم المقترضين وتراجعها من موسم لآخر.. ثم ان الاهم من تأمين القرض وهو حمل الفلاح على تأمين الصابة والمحاصيل.. «حمل الجماعة ريش» على صعيد آخر وعلى اهمية القرار الخاص بالتخفيض ب20% من التعريفات المطبقة على مخاطر البرد والحريق الزراعي و30% بالنسبة الى خطر هلاك الماشية اضافة الى تطبيق تخفيضات تصل الى 20% عند اقبال الفلاحين على التأمين بصفة جماعية او الانخراط بصفة فردية في عقود متجددة سنويا.. ادت على اهمية هذه الاجراءات فانها ستظل محدودة الفاعلية ما لم تنتظم جموع الفلاحين في هياكل مهنية او شركات تعاونية فلاحية توحّد صفوفهم وتخفف عنهم عبء المعاليم ما دام «حمل الجماعية ريش».. كما ان الاقتصار على بعض الحملات المناسبتية التي ينتهي مفعولها برفع جلستها الختامية وتلاوة قائمة التوصيات والربط على كتف الفلاح لدعوته الى تأمين مستغلاته مادام القرار اختياريا وليس الزاميا تظل التحركات منقوصة في هذا الباب كما في غيره من المجالات التي يتعين فيها التحرك الميداني لتفعيل القرارات. النجاعة المطلوبة فهل يكون الحل الأنجع لانجاح المتابعات الميدانية والحملات التحسيسية مستقبلا في اعتماد مبدأ التدخل الهادف باستهداف منطقة فلاحية معينة واحكام تأطيرها لتحقيق الغاية المنشودة بدل تشتت الجهود في القيام برحلات مكوكية بين مختلف مناطق الانتاج راهنا من قبل المنظمة الفلاحية لحث الفلاحين على التجاوب مع عديد القرارات الحاسمة في دفع تقدم القطاع ومنها ما يتعلق بالتأمين او المديونية الفلاحية وكنا تناولنا في مقال سابقا اشكاليات ومسوقات الانخراط في الاصلاح المعلن عبر اعادة الجدولة الى جانب غيرها من المسائل التي تتعلق بالرفع من الانتاجية والمردودية. لتبقى المؤشرات الاحصائية في نهاية المطاف بعيدة كل البعد عن الاهداف المرسومة ودون المأمول من هذا المنطلق نعتقد ان تغيير المنظمة لتوجهاتها وأساليب تحركها لتفعيل القرارات غير مستبعد بل لعله من المواضيع والافكار المطروحة على بساط الدرس والبلورة باعتبار محدودية امكانياتها البشرية والمادية في التأطير والاحاطة الشاملة في مدة زمنية متقاربة لمختلف المناطق ولكافة الفلاحين وحرصا من جهة اخرى على ضمان الجدوى لتحركاتها وتجسيم السياسات والبرامج الوطنية الخاصة بالفلاحة عبر توخي آلية التبني لبعض المناطق والمستغلات واحاطتها بمتابعة خاصة على صعيد التحسيس والارشاد والتأطير.. لتكون بمثابة النماذج او المشاريع الناجحة في تفعيل بعض القرارات الهامة وترجمتها الى واقع عملي وتتحول بالتالي الى قاطرة تجر اليها بقية العربات. تحرك ميداني اكبر بالتوازي يتعين على المصالح الادارية الفلاحية وما تزخر به من اطارات فنية لا سيما على مستوى المندوبيات الجهوية للفلاحة ان تعزز تواجدها الميداني وتكثف من تحركاتها وتأطيرها للفلاحين وارشادهم وتوجيههم ومتابعتهم اللصيقة بعيدا عن دائرة المكاتب الادارية وضغوطات اوقات العمل الاداري وأجندا مواعيد تعده السكرتيرة.