وزارة التجهيز: تحويل في الطريق الوطنية عدد 8 بداية من يوم الاثنين القادم    ملعب حمادي العقربي يفتح أبوابه الوقت هذا.. شنوة لازم تعرف قبل ما تمشي!    معهد الرصد الجوي يضع عددا من المناطق في الخانة الصفراء    أمطار وبَرَد في عز أوت: تقلبات مفاجئة تضرب 13 ولاية تونسية    18/20 وُجّه لعلوم الآثار بدل الطب... تدخل وزاري يعيد الحق لتلميذ باكالوريا    الإدارة العامة للأداءات تنشر الأجندة الجبائية لشهر أوت 2025..    شراو تذاكر ومالقاوش بلايصهم! شنوّة صار في باب عليوة؟    زغوان: حجز 735 كلغ من الأسماك الفاسدة كانت داخل براميل بلاستيكية كبيرة الحجم    عاجل/ زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب هذه المنطقة..    عاجل/ القبض على "بلوجر" معروفة..وهذه التفاصيل…    عاجل/ وزارة الفلاحة توجه نداء هام لمُجمّعي الحبوب وتقدّم جُملة من التوصيات للفلاحين..    عاجل/ تزايد محاولات القرصنة..ووكالة السلامة السيبرنية تحذر..    نقابة الصحفيين : مقاطع الفيديو المتعلقة بجماهير المهرجانات والمتداولة ليست لصحفيين محترفين ويجب احترام أخلاقيات المهنة    كيف حال الشواطئ التونسية..وهل السباحة ممكنة اليوم..؟!    عاجل/ شبهات اختراق وتلاعب بمعطيات شخصية لناجحين في البكالوريا..نقابة المستشارين في الإعلام والتوجيه الجامعي تتدخل..    عاجل/ الحماية المدنية تُحذر من اضطراب البحر حتى وإن كان الطقس مشمساً..    غدًا.. الدخول مجاني لجميع المواقع الأثريّة والمعالم التاريخيّة    جامع الزيتونة ضمن السجل المعماري والعمراني للتراث العربي    الشاب بشير يمتع جماهير مهرجان سلبانة الدولي    تحذير: استعمال ماء الجافيل على الأبيض يدمّرو... والحل؟ بسيط وموجود في دارك    وزير التعليم العالي يتدخل وينصف التلميذ محمد العبيدي في توجيهه الجامعي    اتحاد الشغل يؤكد على ضرورة استئناف التفاوض مع سلطات الإشراف حول الزيادة في القطاع الخاص    "تاف تونس " تعلن عن تركيب عدة اجهزة كومولوس لانتاج المياه الصالحة للشرب داخل مطار النفيضة- الحمامات الدولي    المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط تدعو إلى سنّ ضوابط لحضور الأطفال في المهرجانات والحفلات    غازي العيادي ضمن فعاليات مهرجان الحمامات الدولي: ولادة جديدة بعد مسيرة فنية حافلة    مونديال الكرة الطائرة تحت 19 عاما - المنتخب التونسي ينهي مشاركته في المركز الثاني والعشرين    أحمد الجوادي في نهائي 1500 متر: سباحة تونس تواصل التألق في بطولة العالم    كيفاش أظافرك تنبهك لمشاكل في القلب والدورة الدموية؟    شنية حكاية ''زكرة بريك'' اللي خوّفت جدودنا؟    الفنان "الشامي" يحقق نجاحا جماهريا باهرا ضمن فعاليات الدورة 45 لمهرجان صفاقس الدولي.    توقعات موسم أوت - سبتمبر - أكتوبر 2025: حرارة أعلى من المعدلات واحتمالات مطرية غير محسومة    جثمان متحلل بالشقة.. الشرطة تكشف لغز اختفاء عم الفنانة أنغام    طقس اليوم: أمطار رعدية متوقعة وارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة بالجنوب    نواب أمريكيون يدعون ترامب لإنهاء الحرب في غزة    بعد إيقاف مسيرتها.. أنس جابر تتفرغ للدفاع عن أطفال غزة    الرضاعة الطبيعية: 82% من الرضّع في تونس محرومون منها، يحذّر وزارة الصحة    مباراة ودية: تغيير موعد مواجهة النجم الساحلي والنادي البنزرتي    البطولة العربية لكرة السلة - المنتخب الجزائري يتوج باللقب    النادي الإفريقي يعلن تعاقده رسميا مع "فوزي البنزرتي"    موجة شهادات مزورة تثير تداعيات سياسية في إسبانيا    كولومبيا.. تعيين ممثل أفلام إباحية وزيرا للمساواة    محمد رمضان يرد على الشامتين بعد انفجار حفله الغنائي: "اللي معندوش كلمة طيبة يخرس!"    بطاطا ولا طماطم؟ الحقيقة إلّي حيّرت العلماء    سهرة قائدي الأوركسترا لشادي القرفي على ركح قرطاج: لقاء عالمي في حضرة الموسيقى    عاجل : القضاء الأميركي يوقف ترحيل آلاف المهاجرين: تفاصيل    الحوثي يستهدف مطار بن غوريون بصاروخ باليستي    الرابطة الأولى: قطيعة بالتراضي بين فادي سليمان ومستقبل قابس    عرض كمان حول العالم للعازف وليد الغربي.. رحلة موسيقية تتجاوز الحدود    القصرين: منع مؤقت لاستعمال مياه عين أحمد وأم الثعالب بسبب تغيّر في الجودة    تاريخ الخيانات السياسية (33) هدم قبر الحسين وحرثه    أعلام من بلادي: الشيخ بشير صفية (توزر): فقيه وأديب وشاعر درس في الجزائر وتونس    دكتورة في أمراض الشيخوخة تحذّر من اضطرابات المشي لدى كبار السن المؤدية إلى السقوط    انتعاشة هامة للسياحة/ هذا عدد عدد الوافدين على تونس الى 20 جويلية 2025..    وزارة الصناعة تمنح شركة فسفاط قفصة رخصة البحث عن الفسفاط " نفطة توزر"    وزارة التجارة تعلن عن تحديد أسعار قصوى للبطاطا وهوامش ربح للأسماك بداية من 4 أوت    هل يمكن لمن قام بالحج أن يؤدي عمرة في نفس السنة؟    شنوّة جايك اليوم؟ أبراجك تكشف أسرار 1 أوت!    خطبة الجمعة: أمسِكْ عليك لسانك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لقاء مع: الأستاذ أحمد السالمي ل «الشروق»: حصولي على الجائزة الوطنية للآداب لفتة كريمة من سيادة الرئيس زين العابدين بن علي
نشر في الشروق يوم 15 - 04 - 2010

أحمد السالمي مثقف مبدع يواصل عمله دون جلبة أو ادعاء، وهو يراكم النصوص الابداعية والمصنفات السياسية خلال السنوات العشر الماضية.
والسالمي معروف في الأوساط الثقافية في تونس وخارجها، بنزاهته وطيبة قلبه وعفويته، فهو انسان مقبل على الحياة بنبل وتعفف، لهذا أحبه الأدباء والشعراء ورجال المسرح والسينما، وتعلق بمودته الرسامون فكان صديقا للجميع، وحافظ على اتصال حبل الود خلال السنوات المتعاقبة في تونس، وليبيا وبقية الدول العربية.
ونعتقد أن السالمي سيواصل خلال السنوات القادمة، بعد أن تم تعيينه من قبل سيادة رئيس الجمهورية في خطة قنصل عام للجمهورية التونسية بطرابلس، ما بدأه في السنوات الفارطة من عمل ثقافي اجتماعي سياسي، اذ كان قد اعتاد نشر عدد من المقالات في النثر، والسياسة، لإيمانه بجدوى العمل العام، وسعيه الى خدمة الرؤى التحديثية الصائبة لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي.
وفي زيارته الأخيرة الى تونس وقبل التحاقه بوظيفته الجديدة على رأس القنصلية العامة للجمهورية التونسية بطرابلس، كان لنا معه هذا الحوار الصريح والشامل:
ما هو سر تعلقكم القديم بالأدب وماذا بقي من سنوات الطفولة في الأحياء المحيطة «بالحفصية» في المدينة العتيقة؟
أنا لا أنتمي الى أسرة ثرية ولا حتى متوسطةالحال. الا أن ذلك لم يمنعني من المواظبة على المطالعة، والاهتمام بالكتاب. كنت أجتهد في الحصول على رواية أو مجموعة قصصية أو «رسوم متحركة» جديدة.... كان همي أن أستعير من أترابي أبناء الحي ما يملكون من كتب ومجلات... وأقضي وقتا طويلا في الغوص في مصير شخصيات عربية وأجنبية تحت مصباح بيتنا العتيق، أو تحت فانوس الشارع... حين يؤذن الوقت بالغروب. المهم أنني كنت أواظب على قراءة الكتب الأدبية، بشتى أنواعها وأصنافها، لهذا فإن ما بقي من سنوات الطفولة، كان يتصل في جانب منه بهذا النشاط الذي بقيت مشدودا اليه حتى وقتنا هذا، الا أن السينما أيضا كانت تشد انتباهي... فلقد كانت تزورنا في ساحة نهج الباشا، سيارة وزارة الثقافة، محملة بأفلام قديمة وأخرى جديدة، شرقية وغربية، من شادية وعبد الحليم وفريد شوقي وفاتن حمامة حتى بريجيت باردو ويول برونر وشارل برونسون وقاري كوبر وجيمس دين وكلاوس كينسكي وآلان دولان... فكنت أمضي الليل في الساحة الواسعة حيث كانت تعرض هذه الأشرطة، كان ذلك يأخذني الى عوالم بديعة من الاكتشافات الواسعة، ويملأ قلبي وعقلي، رغبة في المزيد من الاطلاع والاكتشاف.
ان المتأمل في مشروعكم الثقافي، يجده مقسما بين الأعمال الابداعية، والمؤلفات السياسية، ما هو تعليقكم على هذا؟
هذه ثنائية أصيلة في تكويني، وقد أشرت في البداية الى هوى الفن والابداع، والكتب الأدبية، وأشير هنا الى التعلق بسيادة الرئيس زين العابدين بن علي، فمنذ سنة 1987 تأكدت من أنني إزاء ذات عظيمة ستطبع الشعب التونسي بثقافتها، ورؤاها التحديثية، وقدرتها على المزج الذكي بين المجالات المتباعدة، خدمة للمستقبل التونسي الذي نريده جميعا مستقبلا وضاء شفيفا قادرا على الاضافة الى القيم العربية المتوسطية التي نؤمن بها جميعا.
هذا الهوى المزدوج، هوى الكتب، والتعلق بسيادة الرئيس زين العابدين بن علي هو الذي دفعني الى مواصلة الكتابة في هذين الفنين القريبين من نفسي، فن الابداع السردي، وفن التأليف السياسي.
وأعتقد أن هذا المشروع الجامع بين المتباعدات هو الذي شجعني على الامساك بطرفي هذا الزوج المتقابل، والعمل على تأليف قصص وروايات واقعية وثيقة الصلة بحياتي وسيرتي الذاتية، والعمل على تأليف كتب سياسية على صلة بالابداع، وهل ممارسات سيادة الرئيس زين العابدين بن علي الا من قبيل الابداع المفضي الى استشراف المستقبل.
يبدو أدبكم لصيقا بحياتكم... ما هو موقفكم من هذا؟
فعلا هذه هي السمة الرئيسية التي يمكن أن يخرج بها متأمل كتاباتي، فقصصي الأولى، في المرحلة العراقية، كانت على صلة وثيقة بالاحداث التي عشتها في تلك الحقبة.
لهذا كانت قصة «رخام أسود» أو «غيوم في سماء القلب» مثلا تعبيرا عن الواقع في أبسط مظاهره، لكن تلك البساطة كانت ذات عمق انساني استثنائي، فلقد مثلت تحولا في اقبالي على كتابة القصة القصيرة.
لذلك يسرني أن أشير الى وثوق الصلة بين ابداعي السردي وحياتي، وأن أؤكد أن السيرة الذاتية كانت فعلا عملا صادقا تمام الصدق، بحيث انعطفت على حياتي واستخلصت منها لحظات الصدق لتنسج على منوالها إبداعا أصيلا.
هل لكم أن تتحدثوا عن تجربتكم في ادارة المركز الثقافي التونسي الليبي بطرابلس؟
أفضل ما في تلك التجربة أنها قد عرفتني على المبدعين من الأدباء والشعراء والرسامين والفنانين التونسيين والليبيين والعرب، ويمكنني اليوم أن أصرح بأن صداقات شتى تشدني الى مبدعين كبار من تونس ومن المشرق والمغرب من أمين مازن ود. صلاح فضل، حتى د. واسيني الأعرج، مرورا بالدكتور شعيب الحليفي، ود. سعيد يقطين ود نبيل سليمان ود. ماجد السامرائي الى د. محمود طرشونة وتوفيق بكار ود. صلاح الدين بوجاه ود. فوزي الزمرلي وجميلة الماجري وآمال موسى ومحمد الغزي والمنصف الوهايبي وحافظ محفوظ ومحمد الهادي الجزيري وعبد الوهاب الملوح والمنصف المزغني وابراهيم الدرغوثي وعز الدين المدني... عليه فإن هذه التجربة الادارية قد تحولت الى تجربة في الصداقة والابداع وطدت علاقاتي بالابداع، وجعلتني أنوع علاقاتي بالأدباء الكبار...
بل أضيف أنها لم تقتصر على ذلك، اذ ربطتني بصلات مهمة بالرسامين والمسرحيين الكبار والمطربين المبدعين... وغيرهم من أهل الثقافة والابداع على غرار محمد المي والأمين ساسي والقذافي الفاخري وعلي العباني ومراد الحرباوي والمنجي معتوق ولطفي بوشناق وعبد الله لسود وحسن الدهماني ونور الدين الباجي والمنصف السويسي وعبد الله الزروق والنوري عبد الدائم والمنجي بن ابراهيم ود. محمد عبازة.
نعرف أن لديكم علاقة خاصة مع القصة القصيرة الى أين وصلت؟
صلتي بالقصة القصيرة قديمة جدا، انها تعود الى أيام الطفولة حين كنت أعدو في نهج حمام الرميمي ونهج الباشا خلف أقراني، ثم نعود الى أمهاتنا بكدمات طفولتنا المادية والنفسية. منذ منتصف المرحلة الثانوية قمت بكتابة خواطري في كنش قديم، لا أزال أحتفظ به، انه لفتة الطفل الذي كنت... يحيي الكهل الذي هو أنا الآن.
هذا هو العالم الذي يجتذبني الى ضفافه ويشعرني بذلك الفردوس القديم المليء خيرا وشرا... المليء لذة وألما، الذي هو عالم الصبا... الذي شدني الى عالم الرواية، والقصص البوليسية، وعالم ألف ليلة وليلة.
ماذا تفضلون.. الرواية أم القصة القصيرة؟ أم تعتقدون أنهما فن واحد؟.
أمارسهما معا دون تمييز، لكنني أميل الى كتابة القصة القصيرة، فهي تقوم على اللمحة الخاطفة، وترصد اللحظة الهاربة، وفي ذلك متعتي، التي لا أستطيع مقاومتها.
لهذا أعلن صراحة أنني أفضل القصة القصيرة، في مستوى ما أقرأ، وفي مستوى ما أكتب، وأعتقد أنها أكثر انسجاما مع روح العصر أيضا، رغم أنهما في النهاية فن واحد، يؤول بنا الى ممارسة الابداع في أجلى مظاهره!
بماذا احتفظتم من مطالعات الطفولة والشباب؟
أشير أولا الى أعمال أرسين لوبين، فهي الروايات البوليسية التي لونت وجودي، وأكسبتني المزيد من الخيال، اضافة الى أعمال كل من نجيب محفوظ وطه حسين والبشير خريف، ويوسف السباعي ومحمود المسعدي والمنفلوطي، ونماذج كثيرة من الرواية العالمية.
ويمكنني أن أحيل على العشرات من الروايات التي نسيت أسماء مؤلفيها مثل إيميل زولا وتولستوي، وفيكتور هيغو، وغيرهم، وهي كلها قد أكدت ميلي الى هذا الفن الراقي الصعب، المتغير على الدوام.
ما هو موقع الرواية والأدب في تونس من الأدب عموما؟
السنوات الأخيرة قد أسهمت في اشعاع السرد التونسي بما قدمته الرواية من نصوص جيدة، لروائيين متميزين أمثال حسن نصر، حسونة المصباحي، صلاح الدين بوجاه، ابراهيم الدرغوثي، آمال مختار، حافظ محفوظ، لطفي اليوسفي، فوزية العلوي، مسعودة بوبكر،... وذلك بشهادة عدد من النقاد المصريين أنفسهم، فكانت هذه الروايات قادرة على طرح استفهامات كثيرة بين مصر وباقي البلدان العربية.
لذلك لم نعد اليوم ازاء محور مصري وهوامش تونسية أو ليبية أو اماراتية أو جزائرية، انما نحن إزاء مراكز كثيرة تتناوب على إحداث الأثر الثقافي الايجابي هنا وهناك.
وتعلمون جيدا أن مركزية الرواية الأوروبية قد تشتتت أيضا مفسحة المجال أمام مركزيات أخرى كثيرة منها المركزية العربية، والمركزية الأمريكية اللاتينية والمركزية اليابانية والمركزية الهندية، أو الايرانية...
كيف تصفون لنا الحالتين الثقافيتين التونسية والليبية؟
يمر البلدان بوضع انسجام عام، ويبدو أن التقارب بين القائدين، الرئيس زين العابدين بن علي والعقيد معمر القذافي، قد أكسب الجوانب الثقافية ألقا خاصا، وشجع على التكامل.
لذلك فإن ثقافة البلدين، بكل عناصرها التشكيلية والأدبية والموسيقية تشهد اليوم، حركية فعلية في جميع المستويات. الهياكل الجديدة كثيرة متنوعة، البرامج عميقة ذات بعد حداثي، والآفاق مفتوحة تماما أمام الثقافة في تونس وليبيا لمزيد البروز والتألق والاشعاع.
عليه فإن كتبا جديدة كثيرة قد طبعت وأفلاما ترى النور كل سنة، وألحانا متنوعة تغزو الساحة العربية.
ما هي قراءتكم للمشهد الثقافي العام في العالم العربي؟ كيف تصفون العلاقة بين المغرب العربي، والمشرق العربي؟
العلاقات قوية، وهي تتقوى يوميا، لكنها غير كافية. هذا ما يمكن أن نلاحظه بموضوعية، واعتقادي أن القنوات التلفزية الجديدة، يمكن أن تلعب دورا ايجابيا في هذا المسار، كما أن الجوائز العربية الكثيرة التي ترصد الشعر والقصة والرواية والمسرح والموسيقى مهمة جدا للتشجيع على الانتاج الثقافي، وتقريب الشقة بين جناحي العالم العربي، المغرب والمشرق.
ومن الضروري حقا أن نذكر بأن مسألة «ثنائية المغرب والمشرق» مسألة قديمة جدا، قدم الحضارة العربية. وقد كان الناس في المغرب (تونس ليبيا الجزائر والمغرب) يتباهون بأن لديهم شعراء وأدباء في قيمة الشعراء في المشرق العربي، بل أن الاندلس نفسها قد لعبت دورا أساسيا في هذا السياق، وساهمت في تقديم أسماء مهمة من الفقهاء والعلماء والشعراء والأدباء. لكن التاريخ القائم على المنافسة قد ولى وانتهى، والثقافة العربية اليوم مطالبة بتجاوز خلافاتها الداخلية حتى تسهم بقسطها ضمن مجال العطاء العالمي.
اطلعت في سيرتكم الذاتية على حصولكم على «الجائزة الوطنية في الآداب والعلوم الانسانية». فماذا أضاف الى مسيرتكم هذا التتويج؟
لا شك أن هذه اللفتة الرئاسية تمثل تكريما فعليا لشخص أحب الأدب، وناضل في سبيل خدمة الثقافة، ويواصل ترسيخ قيم العهد الجديد بكيفيات مختلفة في الداخل والخارج.
وتدركون جيدا أن ما نسميه «العهد الجديد» أو «عهد التغيير» هو عهد الرئيس زين العابدين بن علي، الذي أدخل ثورة مباركة على المجتمع التونسي بجميع فئاته. ولا شك أن الثقافة تعتبر بمثابة المحرار الذي يؤرخ التحولات الكبرى في التاريخ. لذلك فإنني أعتقد أن التحول يعتبر فعلا من قبيل هذه الثورة الهادئة، ويشرفني أن يسند اليّ سيادة رئيس الجمهورية الجائزة الوطنية في الآداب والفنون، ففي ذلك رعاية خاصة من لدنه تقبلتها بكل غبطة.
لقد تقلبتم بين الادارة والخطط السياسية، ما هو أثر ذلك في شخصيتكم؟.
كي أصارحكم ينبغي أن أقول ان عملي الاداري على رأس المركز الثقافي بطرابلس عمل سياسي أيضا، عند هذا البرزخ الخفي بين العمل الاداري السياسي والعمل الاداري الثقافي والعمل الابداعي تكمن اضافاتي في صلب المركز الثقافي التونسي الليبي بطرابلس، غير أن هذا الطور الجديد، الذي أدخله يعتبر اعلانا عن دخولي مرحلة أخرى جديدة من العمل السياسي الصريح.
لهذا علي أن أعترف أن عملي الجديد أقرب الى العمل السياسي منه الى العمل الاداري، لكن هذا لن يمنعني من مواصلة الخوض في كتابة القصة القصيرة والرواية، وممارسة التناول النقدي للأعمال التشكيلية التونسية والليبية التي دأبت على تناولها بالغوص والقراءة الهادفة.
ما هي أحب شخصياتكم القصصية الى قلبكم؟
أقول بصراحة بعد «المركانتي»، تأتي بطلة «رخام أسود»... لكنني أضيف شخصيات أخرى كثيرة، وأختم بأن المبدع يحب كل شخصياته، من أبسطها الى أكثرها تعقيدا، أحب أيضا بطل رواية «الرحيل شرقا» فهو ذو وجوه عديدة، يمكن اكتشافه تدريجيا، لكنه وجه من وجوهنا التونسية الكثيرة، التي يمكن أن نصادفها في أي بلد عربي، وعند زاوية أي شارع من شوارع المدن العربية.
تعدد اقاماتكم من وسط البلاد التونسية الى شمالها.. فضلا على أوروبا والشرق العربي، ثم طرابلس.. ماذا غنمتم من هذا؟
بكل بساطة يمكنني أن أقول انني قد أقمت في ريف القيروان بسيدي عمر بوحجلة، حتى قلب العاصمة، مرورا بسويسرا وفرنسا وايطاليا وأنقلترا ويوغسلافيا وتركيا، ثم ذلك النزول الطويل في العراق، قبل زيارة ايران ولبنان والأردن ودول أوروبا الشرقية وطرابلس الشرق... قبل الاقامة الطويلة في طرابلس الغرب...
اليوم يمكنني أن أقول انني قد تذوقت ألوانا لا عد لها، وعاشرت أقواما من قارات مختلفة، وطالعت كتبا ومجلات كثيرة وشاهدت أفلاما ولوحات عديدة.. كلها تؤدي الى تعميق الرؤية، وتعدد مظاهر الاحساس، وسبل فهم العالم والانسان والأشياء. لقد كسبت من اقاماتي الكثيرة هنا وهناك شعورا بالثراء الأدبي والعمق الانساني، مكنني من الايمان بفكرة واحدة تفيد بأن الانسان، حيثما حل كائن واحد، لكنه متعدد الرؤى، كثير الأحاسيس، قادر على تقديم فهم مختلف للوجود والطبيعة.
ما هي مشاريعكم الابداعية المستقبلية؟
مشاريعي متنوعة شتى، وأغلبها يعود الى نهاية التسعينات، حيث أخذت أستفيد من أوقات فراغي، وأقتنص لحظات آخر الليل خاصة للإمساك بالمشاهد الكثيرة الهاربة، وتدوين ما يمكن تدوينه من روايات وأفكار، وقصص قصيرة، وقراءة في لوحات تشكيلية اضافة الى كتابة سيرتي الذاتية. وقد دفعت بها جميعا الى النشر منذ بداية الصائفة وقد ترى النور خلال الأشهر أو الأيام القليلة القادمة.
لهذا يمكنني الآن أن أتحدث عن مشاريعي الابداعية الجديدة، وأقول هي سردية بالأساس فقد بدأت بعد في كتابة رواية جديدة بعنوان «نوبة» واختيار نصوص جاهزة منذ وقت بعيد في شكل مجموعة قصصية بعنوان «بذر الريح» وقد أقوم بنشرهما بين صيف أو شتاء 2010. لكن العمل الكبير الذي أتوق الى استكماله، بعد أن كتب منه النصف تقريبا فيتمثل في الجزء الثاني من سيرتي الذاتية، حيث أنتظر أن يكون مقارنة بين النصف الأول، الذي شهد انكبابا على العمل الاداري الثقافي، والجزء الأخير الموسوم بالتركيز في العمل الاداري السياسي من خلال الاشراف على حظوظ القنصلية العامة بطرابلس، هذا هو جديدي المقبل.
هل تواصلون الكتابة في مجالات السياسة والمجتمع... ما هي مشاريعكم المقبلة؟
نعم، لقد أشرت الى أنني سأقوم برصد تجربتي في القنصلية العامة وأقارنها بتجربتي في المركز الثقافي الليبي بطرابلس.
الا أن العمل الأهم يتمثل في مواصلة رصد نجاحات سيادة الرئيس زين العابدين بن علي الذي مكن تونس من تحقيق قفزة نوعية عملاقة وأكد أن «المستحيل ليس تونسيا» وأشار بإصبع صريحة الى أن «النموذج التونسي» هو الأفضل والأبقى، والأكثر انسجاما مع ما ننتظره من المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.