تونس الأسبوعي: ماتزال الأزمة المالية العالمية تلقي بظلالها على الأحداث في العالم اليوم.. فالجميع يصبح ويمسي على تداولات الأسواق المالية وأسعار البورصة وبرميل النفط.. والكل ينتظر خبرا سعيدا بعودة التوازن الى التعاملات خوفا من الانعكاسات والتأثيرات السلبية التي يمكن أن تحملها هذه الأزمة المالية التي تسببت وفي ظرف ساعات في خسائر فادحة لكبرى الشركات في العالم. «الأسبوعي» ومن باب الحرص على فتح جسور التواصل وقنوات الحوار مع شخصيات وخبراء أجانب سألت بعض ضيوف الندوة الدولية للتجمع الدستوري الديمقراطي حول إمكانية أن يكون لواقع الأزمة المالية انعكاس سلبي على مسار المشاركة والتعاون بين دول الشمال والجنوب.. بمعنى أخر هل يمكن أن تنقل الدول الكبرى أزمتها المالية إلى فقراء العالم ومن يتمتعون ببعض المساعدات..؟ الدكتور ياسر حوريّه: عضو القيادة القطرية لحزب البعث ورئيس الوفد السوري لابد من إعادة النظر في جداول الإنفاق والخطط والموازنات بكل تأكيد ستصيب هذه الأزمة المالية التي تجاوزت حدود البلدان التي افتعلتها بأذاها الدول الأخرى وستؤثر أكثر في الدول الفقيرة، الأمر الذي يؤدي الى زيادة فقرها.. وبالتأكيد ستختلف درجة الضرر من بلد لأخر بحسب نسبة المساهمة في النظام الرأسمالي العالمي وبحسب دور الدول وقدرتها على التحكم بالإقتصاد وبمصالح الناس.. كما ستتأثر الخطط والبرامج والموازنات بسبب نقص التمويل وشحّ السيولة المالية من الدول المانحة الى الدول الفقيرة المستقبلة.. كما ستفضي هذه الأزمة الى افقار الأقطار التي لا تسيطر بشكل جيد على اقتصادها. أما بالنسبة الى الدول العربية فسيختلف مستوى الضرر من قطر عربي الى آخر.. وبخصوص سوريا وتونس فأعتقد أنه وحتى التاريخ الحاضر تبقى الأثار محدودة جدا وهي مرتبطة بالتداعيات المستقبلية. كما أن انخفاض أسعار النفط سيؤثر بدوره حتما على منطقتنا العربية بشكل عام ومن الضروري ان تبادر عديد الحكومات بإعادة النظر في جداول الانفاق والخطط والموازنات لتفادي التأثيرات السلبية المتوقعة لواقع الحال. الدكتور ابراهيم ريشا: ممثل حزب الكتائب بلبنان: «انتقال الأزمة سيتمّ تلقائيا بقطع النظر عن رغبة الدول الكبرى..» في اعتقادي وبصرف النظر عن قرار الدول الكبرى والرأسمالية لنقل الأزمة المالية أرى أن عملية انتقال هذه الأزمة المالية ستتم بشكل تلقائي وذلك ارتباطا بواقع التبادل بين الدول الغنية والدول الفقيرة. ومن ثمّة يكون تأثير الأزمة المالية دون قرار الدول الكبرى بمعنى أن تصيب الأزمة دول الجنوب فذلك أمر يندرج ضمن مسار وصيرورة الحركة المالية وليس رهين قرار تتخذه دولة غنية تجاه أخرى صغيرة أو فقيرة.. وإن لم يكن هناك من استدراك دولي لفرملة هذه الأزمة وتغيير وجهة سيرها وسرعتها فإن الدول المعنية مباشرة بالأزمة المالية ستكون في حالة إرباك وعدم استقرار مما سيؤثر حتما على قرار المساعدات ومضمونها وستصاب الدول المنتظرة لمساعدات دولية بتأثيرات سلبية تغير في اقتصادها وفي بنائها الاجتماعي وهي في الأساس وقبل حصول الأزمة المالية تتكل في اقتصادها على موارد لاتدخل في دائرة الاقتصاد المحلي المنتج. الدكتور مهدي مفتاح أمبيرش: مدير عام أكاديمية الفكر الجماهيري ووزير تعليم سابق بليبيا ثنائيات مغلوطة أضرّت بالعالم.. والحل بيد القوى الفكرية والثقافية في رأيي القضية الكبرى ليست في الأزمة المالية ذاتها بقدر ما أنها تكمن في طبيعة التعامل والتواصل.. وكذلك المشاركة بين مختلف الفاعلين من الأمم في العالم.. فالمشكل إذن يتصل بالمشاركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لمختلف الدول في منظومة الانتاج وصنع القرار على الصعيد العالمي.. بلغة أخرى إن عملية تقسيم العالم الى ثنائيات: دول غنية ودول فقيرة، دول قوية ودول ضعيفة دول متقدمة ودول متخلفة.. هو أصل المشكل سيما في ظل العولمة.. حيث من المفترض أن يكون العالم جسدا واحدا وان تتغير فيه طبيعة التعاملات لتحقيق مصلحة الجميع وليس لمصلحة فئة من الدول دون أخرى.. ومن البديهي في ظل هذه المعادلة المغلوطة التي نعيشها أن تدفع دول العالم الثالث الثمن أكبر وأفضع في هذه الأزمة.. لتزداد بذلك فقرا وتتضاعف العقبات أمامها. وأعتقد كذلك ان طبيعة هذا الوضع القائم في العالم اليوم من شأنه ان يشجع على ظهور حركات إحتجاجية وأخرى متطرفة شبيهة بحركات الستينات ناتجة عن حالة الاحباط التي يصبح ويمسي العالم على وقعها.. وبالتوازي أدعو القوى الفكرية والثقافية الى ضرورة الالتزام بدورها وتكثيف جهودها نحو الحد من تأثيرات الأزمة المالية وتوجيه العالم الى علاقات أكثر أفقية وتواصلا ايجابيا.. السيد خوزي لويس أرنوت: رئيس الوفد البرتغالي «المساعدات وان استمرت فلن تكون بنفس الحجم» في الواقع لا أحد يمكن أن يعرف إلى حد اليوم حدود الأزمة ويقدر بصفة نهائية خسائرها وتأثيراتها السلبية على العالم أو على الدول واقتصادياتها.. ولكن رغم ذلك وكما بدا في مطلع الأزمة فالعالم بشقيه المتقدم والنامي معني مباشرة بهذه الأزمة المالية وانعكاساتها. وأعتقد أن جهود الدول الكبرى لتشخيص ومعرفة أسباب الأزمة المالية ومحاولة ايجاد حلول عاجلة لها شيء ايجابي للغاية وهذه الجهود يجب ان تتواصل حتى نضع حدا لهذا الخطر الداهم الذي هدد اقتصاديات الدول وكبرى الشركات في العالم.. كما أن هذه الأزمة التي هزت العالم بأسره من شأنها ان تدفع الجميع الى مراجعة آليات التعامل والتفكير في وسائل وأساليب أكثر حماية وضمانا للإقتصاد في العالم. ومن المؤكد في رأيي أن يكون هناك تأثير عميق لهذه الأزمة على البلدان الفقيرة.. إذ على الرغم من أن المساعدات للبلدان المحتاجة لن تضمحل نهائيا ولكنها في اعتقادي لن تبقى ذاتها وبنفس الحجم باعتبار تأثر البلدان المانحة من الأزمة المالية. سفيان السهيلي