أجد نفسي مضطرا للكتابة للأسبوع الثاني على التوالي في مسألة الطاقة لاعتبارين هامين أولهما أن هذا الموضوع ظلّ الأكثر تداولا في الشارع التونسي خلال كامل الأسبوع المنقضي وثانيهما لسبب إجتماعي بحت. فمسألة أسعار الوقود ظلت على امتداد الأسبوع المنقضي مدار حديث الشارع التونسي.. الذي بعد أن تفنّن في تسريب إشاعة التمتع بالمجانية لمن يتولّى تقديم فاتورة الكهرباء قبل حلول يوم السابع من نوفمبر ، أبدع في الترويج للتخفيض في أسعار المحروقات.. وكما يقال ف«العظمة ما تقول طق إلاّ...» فالإشاعة لها ما يغذّيها من معاناة يتقاسمها المنتج والمستهلك معا.. معاناة بلغ صداها قبة البرلمان.. إذ وفي حركة نادرة الحصول طالب البعض من نواب الشعب بالتخفيض في أسعار الوقود في جلسة مغلقة أثناء مناقشة ميزانية وزارة المالية.. ورغم أن بعض من ترددت أسماؤهم ضمن المطالبين بهذا التخفيض نفوا ذلك فإنهم لم ينفوا تطرّق بعضهم للمسألة بطريقة «ألطف» على اعتبارهم نواب للحزب الحاكم وهم أدرى بالتزامات الحكومة وظروفها. الحكومة بدورها لم تتخلف عن التوضيح أنه ولئن تولّت شراء البترول مؤخرا بسعر يناهز ال64 دولارا فإنّ المعدل العام لشراءاتها خلال سنة 2008 كان في حدود 107 دولارات وهو ما أجبرها على مضاعفة حجم الدعم المخصص للمحروقات في قانون المالية التكميلي من 400 الى 800 مليون دينار.. دون أن تقدم توضيحات أوفر حول سعر معدل الدولار الذي تم به اقتناء كامل صفقات الوقود للسنة الجارية ولا سعر بيع النفط الوطني. أما الداعي الأساسي الذي دفعني للكتابة مجددا في المسألة فهو اجتماعي بحت ويخص الفئات الضعيفة وحتى المتوسطة الدخل والتي اعتادت بحلول كل شتاء التدفئة باستعمال مدفأة البترول الأزرق لانخفاض سعرها وسعر البترول الأزرق.. لكن الملاحظ هو أن جنون أسعار البترول جعل سعر البترول الأزرق فوق متناول هذه الفئات التي لا مفرّ لها من استعماله فغاز القوارير سعره من نار وأسعار الكهرباء لا طاقة لهم بها للإضاءة فما بالك للتدفئة.. وحتى الفحم لم يعد في متناول الجميع إضافة الى أن مخاطره أضحت معروفة خصوصا بعد أن أصبح فحم حطب الزيتون مادة نادرة. فكيف السبيل للشيخ والرضيع كي يتدفآ.. كيف يمكن للتلميذ أن يقوم بواجباته المدرسية في البرد القارس.. وكيف يمكن للعامل أن يستقبل يوما جديدا كله نشاط وقد أمضى الليل تصطك أسنانه بردا.. هؤلاء جميعا ينتظرهم شتاء بارد.. وينتظرون لفتة كريمة. حافظ الغريبي للتعليق على هذا الموضوع: