قرى وأرياف معزولة تفتقر لأبسط الضروريات امرأة تلد داخل جرافة.. ووفاة طفلة جراء البرد إشاعة أدت الثلوج التي نزلت بكثافة على منطقة عين دراهم الى تعطل مصالح المواطنين والى شلل تام في حركة المرور وقد تأزمت خاصة وضعية الحالات الاستعجالية من المرضى حيث أعاقت 14 مريضا يقومون بتصفية الدم بصفة دورية عن التحول من عين دراهم الى منطقة «ببوش» بولاية جندوبة والتي تبعد 5 كيلومترات عن مقرات سكناهم مما جعلهم في حالة حرجة. وفي نفس الاطار لم يتمكن المشرفون على المستشفى المحلي بعين دراهم من نقل المرضى الذين هم في حالة حرجة الى مستشفى جندوبة باعتبار افتقارهم الى سيارة اسعاف رباعية الدفع يمكنها التحرك على الثلوج المتراكمة ومن بين الحالات الاستعجالية التي لم تستطع الانتظار حالة امرأة حامل فاجأها المخاض فوضعت مولودها داخل جرافة «تراكس». هذا بالإضافة الى أن عديد العائلات التي قدمت لقضاء عطلة نهاية الأسبوع بالجهة مازالت عالقة بسبب الثلوج بطرقات عين دراهموجندوبة وطبرقة وفرنانة وهي تنتظر تدخل السلطات «لتسريحها». كما تسببت الثلوج كذلك في عزلة تامة للأرياف والقرى التي لم يتمكن متساكنوها من التزود بالغاز بالإضافة الى انقطاع الكهرباء عنهم وافتقارهم الى المواد الأساسية مما عمق من وطأة المعاناة لديهم. من جهة أخرى نفى المشرفون على المستشفى المحلي بعين دراهم في اتصال ب«الصباح» خبر وفاة طفلة عمرها 10 سنوات نتيجة موجة البرد التي اجتاحت المنطقة وبذلك فندوا الاشاعة التي انتشرت على شبكة التواصل الاجتماعي «الفايسبوك».
وقفة احتجاجية
وفي نفس الاطار تجمهر أمس عدد غفير من متساكني عين دراهم أمام مقر المعتمدية مطالبين السلط المحلية والجهوية بالتدخل العاجل لنجدتهم جراء العزلة التامة التي أصبحت تعيشها المنطقة جراء سقوط الثلوج والشلل التام لحركة المرور وانقطاع التزود بالضروريات لمجابهة موجة البرد التي اجتاحت الجهة محتجين على صمت المسؤولين وعدم تدخلهم لفك عزلتهم والحد من معاناتهم.
إمكانيات محدودة.. ونقائص عديدة
أمام موجة الأمطار والثلوج التي اكتسحت الجهة بات أمر مواجهة التغيرات المناخية مرهقا ومثقلا بالنسبة لمتساكني منطقة عين دراهم نظرا لأنه يكتسي أهمية بالغة فما من عائلة الا وتخصص جانبا كبيرا من مداخيلها المالية لوسائل التدفئة من بترول وحطب وأغطية صوفية وألبسة خاصة لمجابهة الثلوج التي تتساقط حاليا بكميات كبيرة تراوحت بين 80 و100 صم.
اِنقطاع حركة المرور
وينصب تفكير الأهالي هذه الأيام على الاستعداد الدائم لمجابهة هذا المناخ القاسي والقارس حيث عجز المتساكنون عند تساقط هذه الكميات الكبيرة من الثلوج عن القيام بأعمالهم اليومية فتعطلت الدروس وتعذر على التلاميذ الوصول الى مدارسهم وكذلك الشأن بالنسبة الى أغلب الموظفين والعملة الى جانب انقطاع حركة المرور وانعزال المدينة عن بقية المدن والقرى. وتوجد بالمدينة محطة وقود واحدة ولما يكثر الطلب تشهد اقبالا كبيرا من المواطنين للتزود بالوقود للتدفئة فلا يستطيع أغلبهم الحصول على طلباتهم بصفة منتظمة بسبب نفاده في وقت قصير وهذا ما يعانيه اليوم المواطن في عين دراهم وهنا تدعو الضرورة الى توفير محطة وقود ثانية حتى تفي بحاجيات المواطنين التي تتزايد يوما بعد يوم. واما الذين لهم في منازلهم مدافئ فيعانون الأمرين بسبب الارتفاع المشط للحطب اذ بلغ سعر الخمسة أمتار 120 دينارا من الخواص لذا فان ما يطلبه المتساكنون هو أن يتم توفير الكميات اللازمة مع التخفيض في السعر حتى يكون في المتناول. وأما في مجال العادات الغذائية فيعول الأهالي هذه الأيام على ما اختزنوه من مؤنة كالكسكسي و«المحمصة» لاستهلاكها عند الحاجة. ومن جراء تساقط الثلوج تعيش المنطقة على نسق بعض الانقطاعات للتيار الكهر بائي وكذلك تجمد المياه فيتعطل بذلك عمل المخابز وهنا يلتجئ البعض ممن يملكون «طابونة» الى صنع أنواع من خبز الطابونة و«الملاوي» والفطائر و«الخبز المبسس».
شتاء قاس
استعدادات المواطن بالجهة لهذ الفصل تختلف عن غيرها من المناطق الاخرى. فشاكر جميعي (عامل يومي) يعترف أن فصل الشتاء يجبره على حرمان فلذات أكباده العديد من طلباتهم، فلا يستطيع أن يوفر وسائل التدفئة التي تصبح في بعض الاحيان أهم حتى من الأكل نظرا لارتفاع سعر الحطب باعتبارها مادة ضرورية. أما سمير عرفاوي (معلم) فيؤكد أن شتاء عين دراهم صعب ومقاومته أشد صعوبة وتوفير مستلزماته اليومية من وسائل التدفئة من حطب وبترول التي تبقى الشغل الشاغل لكافة المتساكنين خاصة وأن المواطن في عين دراهم أصبح غير قادر على اقتنائها وخاصة مادة الخشب الذي أصبح سعره خياليا والدعوة موجهة الى السلط المسؤولة لإيجاد حل يرضي جميع الأطراف. كما هو الشأن بالنسبة للسيدة آمال عرفاوي (ربة بيت) التي أفادت أن الاستعدادات لفصل الشتاء مكلفة جدا سواء منها المتعلقة بتوفير الأكل واللباس والأغطية الى جانب ضرورة توفير وسائل التدفئة من بترول وغيره.. وتبقى عين دراهم من المدن التونسية التي يتوافد عليها السياح للاحتفال بتساقط الثلوج فتجد عدسات آلات التصوير ترسم صورة وضاءة للجبال التي اكتست حلة بيضاء ويقوم البعض بصنع عرائس من الثلج. هذه عين دراهم بين قساوة المناخ والظروف المعيشية ونضارة المشاهد الطبيعية.