تونس الصباح: أثار عدم ادراج مسرحية «خمسون» للفاضل الجعايبي ضمن برنامج سهرات الدورة (43) الجديدة لمهرجان قرطاج الدولي الكثير من الكلام لا فقط خلال الندوة الصحفية التي عقدها مؤخرا مدير هذه الدورة والتي اعلن فيها عن برنامج عروضها وانما حتى في غيرها من اللقاءات والجلسات. الذين «فاجأهم» غياب هذه المسرحية عن برنامج عروض دورة هذه الصائفة لمهرجان قرطاج الدولي راحوا يتساءلون حول الاسباب التي حتمت هذا الغياب. فالمسرحية هي انتاج جديد بل هي واحدة من اهم الانتاجات المسرحية واكثرها «حداثة» و«جرأة» حسب رأيهم اعتبارا لا فقط لطبيعة مضمونها انما ايضا لقيمة الفريق الفني (مخرج وممثلين) الذي صاغ خطابها الدرامي والفني والتمثيلي. اللافت حقا ان السيد رجاء فرحات نفسه مدير الدورة (43) لمهرجان قرطاج الدولي لم يستطع خلال الندوة الصحفية الخاصة ببرنامج الدورة ان يقدم اجابة واضحة ومقنعة حول دواعي غياب مسرحية «خمسون» عن برنامج هذه الدورة وراح يرد على الاسئلة التي طرحت وأثارت المسألة بكلام عام وفضفاض.. بل ان البعض قد وجد رابطا بين عدم ادراج اي عرض مسرحي ضمن برنامج دورة هذه الصائفة لمهرجان قرطاج الدولي وبين غياب مسرحية «خمسون» معتبرين ان ادارة المهرجان قد تكون «لجأت» الى هذا الخيار حتى لا تقيم على نفسها الحجة.. لانها اذا ما ادرجت عرضا مسرحيا آخر غير مسرحية «خمسون» فانها ستواجه لا محالة بسؤال: وأين مسرحية «خمسون»؟! لذلك هي قررت في رأيهم ان تغلق بالكامل «باب» العروض المسرحية خلال هذه الدورة! والواقع، أن المسألة لم تكن تتطلب في رأينا كل هذا «الضجيج» ومثل هذه الاساليب، فقد كان بامكان ادارة مهرجان قرطاج الدولي في دورته الجديدة ان كانت قد عقدت فعلا النية وأخذت قرارها بعدم برمجة مسرحية «خمسون» لسبب ما ان تصدع بقرارها هذا وان تدافع عنه باقناع ووضوح كاملين ذلك ان مسرحية «خمسون» هي في رأي بعض النقاد والمهتمين تبدو بالفعل غير «صالحة» لاسباب «ذاتية» وموضوعية لان تكون حاضرة ضمن عروض مهرجان قرطاج الدولي وذلك اعتبارا لطبيعة خطابها السياسوي والشعاراتي من جهة ولحساسة مضمونها المستفز ربما للمشاعر في نظر البعض. نقول، انه كان بامكان ادارة مهرجان قرطاج الدولي في دورته الجديدة ان تصدع بهكذا قرار ان كانت قد اتخذته وان تدافع عنه باقناع بعيدا عن اي شعور بالحرج الثقافي او بالذنب لان المسألة لا تمثل اي شكل من اشكال «الصنصرة» بدليل ان مسرحية «خمسون» هي مبرمجة ضمن عروض مهرجان الحمامات الدولي.. ثم ان مسرحية «خمسون» لا تبدو فنيا في نظر الكثير من النقاد والمتتبعين في قيمة اعمال مسرحية سابقة قدمها الفنان المسرحي الفاضل الجعايبي.. فالكثير من النقاد والمتتبعين رأوا انها فنيا وابداعيا دون مستوى مسرحية «فاميليا» او «جنون» او «عرب» لنفس المخرج.. لذلك فان غيابها عن مهرجان قرطاج للدولي ربما سيكون مقبولا ومبررا فنيا لدى فريق من النقاد والمتتبعين فضلا عن كونه سيكون ايضا مبررا من وجهة نظر تنظيمية.. فمهرجان قرطاج الدولي ومسرحه الاثري الروماني هو تاريخي وسيبقى فضاء للاعمال المسرحية الانسانية الكبيرة والرائدة والفرجوية التي تنهل من المشترك الجمعي لثقافات الشعوب وتراثها وتاريخها وقضاياها وليس من مجرد التفاصيل الايديولوجية لهذه المجموعة السياسية اوتلك.. ربما لا يكون مهرجان قرطاج الدولي قد خسر شيئا من عدم برمجة مسرحية «خمسون» ولكنه بالتأكيد قد خسر كثيرا عندما غيّب بالكامل العروض المسرحية عن برنامج دورته لهذه الصائفة.