عقد قمة عربية طارئة لا بد أن يتجاوز التنديد والإدانة إلى موقف حازم قرطاج (وات) توجه الرئيس زين العابدين بن علي امس الاربعاء الى الشعب التونسي بكلمة بمناسبة حلول السنة الادارية الجديدة 2009 وفي ما يلي نص هذه الكلمة: «بسم الله الرحمان الرحيم ايها المواطنون ايتها المواطنات نودع اليوم سنة حافلة بالاحداث الوطنية والدولية سجلنا فيها عدة مكاسب وانجازات لبلادنا في ظروف عالمية صعبة ومتقلبة لنستقبل غدا سنة ادارية جديدة نرجو من الله ان يعيدها على كل التونسيين والتونسيات في الداخل والخارج بالخير والسعادة والرفاه. ويحق لنا ان نعرب عن ارتياحنا واعتزازنا بمناخ الحوار والتعاون الذي تميزت به طوال السنة المنقضية العلاقات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية من جهة وبين الحكومة والاطراف السياسية والمهنية والاجتماعية وسائر مكونات المجتمع المدني من جهة اخرى علاوة على الاستشارات التي اسهمت فيها كل الاطراف المعنية وفي مقدمتها الاستشارة الوطنية حول التشغيل والحوار الشامل مع الشباب والتوصيات الصادرة بشانهما والتي وجدت لدينا كل الاهتمام والمتابعة. ونحن عازمون خلال السنة الجديدة على تعميق هذا التوجه وتوسيع مساحة الحريات العامة ومجالات المشاركة السياسية على اساس احترام مرجعياتنا الوطنية والاحتكام الى دولة القانون والمؤسسات ووضع مصلحة تونس فوق كل اعتبار. واذ نستقبل غدا سنة 2009 بثقة وتفاؤل رغم حدة الازمة الاقتصادية العالمية الراهنة واثارها المرتقبة فاننا نؤكد ان بلادنا دائما متيقظة ومحتاطة في كل شؤونها ترسم سياستها ومخططاتها بما يلزم من الحذر والتبصر وبما يتناسب مع الظروف السائدة والوسائل المتاحة. ونحن نتابع بدقة تطورات الازمة الاقتصادية في العالم ونتولى تقويم نتائجها باستمرار للحد قدر الامكان من انعكاساتها السلبية والمحافظة على نجاعة منوالنا التنموي ببعديه الاجتماعي والاقتصادي. وقد حرصنا رغم الظروف العالمية غير الملائمة على ان نحافظ على سياستنا التفاوضية بين الاطراف الاجتماعيين بدون انقطاع وعلى ان نقر الزيادة في الاجور للفترة الثلاثية القادمة مما يجعل من تونس في الظرف الراهن بالذات البلد الوحيد في العالم الذي يقوم بهذا الاجراء خلال السنة الحالية وهو مكسب متميز يحفز كل الاطراف الى مضاعفة الجهد والاجتهاد سواء بالنسبة الى الشغالين ووجوب تاكيد دورهم فى رفع الانتاج والارتقاء بالجودة او بالنسبة الى اصحاب المؤسسات ووجوب تاكيد دورهم في احكام التصرف والتنظيم واكساب القدرة التنافسية المزيد من الجراة والنجاعة. وتكريسا لهذا التوجه بادرنا بالاذن بتنظيم حوار وطني خلال النصف الاول من السنة الجديدة يجمع مختلف الاطراف الوطنية من احزاب ومنظمات وكفاءات واطراف الانتاج والهيئات المهنية وذلك لبلورة السبل الكفيلة بدعم الانتاجية باعتبارها مقوما اساسيا لرفع تنافسية اقتصادنا على الساحة العالمية. ولابد في هذا المجال كذلك من ان نحافظ على مواطن الشغل لاسيما في القطاعات التي قد تشملها انعكاسات الازمة العالمية مع استحثاث الخطى في بعث المؤسسات الصغرى والمتوسطة وايجاد اكثر ما يمكن من مواطن الشغل وموارد الرزق. وسنعمل في نطاق مواجهة الصعوبات المتوقعة على مزيد حفز الاستثمار الداخلي والخارجي وعلى تعبئة كل الامكانيات والطاقات الوطنية وحسن التصرف فيها مراهنين في ذلك على ما يتحلى به شعبنا من عزم ثابت على الفعل والانجاز لرفع التحديات وكسب الرهانات. واريد ان اؤكد بهذه المناسبة ان تداعيات الانكماش التي بدات تطال الاقتصاد العالمي لن تصرفنا عن تنفيذ المشاريع الكبرى وخصوصا ما تعلق منها بشبكة الطرقات السريعة وذلك طبقا للخطة التي كنا اعلناها بمناسبة الاحتفال بالذكرى الحادية والعشرين للتحول. كما سنوجه اهتمامنا في السنة القادمة الى مزيد تنويع القاعدة الاقتصادية للجهات ودعم مقومات الحياة الكريمة بها وسنتخذ مبادرات جديدة بشان تطوير الخدمات في مكاتب التشغيل وتوسيع احداثات الشغل وتعزيز الياتها لاسيما امام الفئات التي تلاقي صعوبات ادماج خصوصية مع استهداف حاملي الشهادات العليا ببرامج حديثة من التكوين والتاهيل تيسر لهم سبل الانتداب وبعث المشاريع. ايها المواطنون ايتها المواطنات لقد استطعنا انجاز برنامجنا الانتخابي للفترة 2004/2009 بمختلف محاوره ونحن نستعد اليوم لرسم اهداف اخرى للمرحلة القادمة تكون في مستوى التحديات المطروحة على بلادنا والطموحات المشروعة لشعبنا وسنحرص على ان تجرى الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة في احسن الظروف وفي نطاق الشفافية واحترام القانون بما يؤكد ما بلغه شعبنا من نضج سياسي ورشد حضاري هو بهما جدير. وستكون السنة القادمة حافلة باحداث ثقافية كبرى ابرزها الاحتفال بالقيروان عاصمة للثقافة الاسلامية واحياء الذكرى المائوية لميلاد شاعر تونس الخالد ابي القاسم الشابي. وتواصلا مع سنة الحوار مع الشباب سنتولى خلال السنة القادمة اعداد استراتيجية متكاملة للشباب للفترة 2009/2014 تاخذ في الاعتبار الاقتراحات والتوجهات المسجلة في الحوار والميثاق وتشارك في اعدادها كل الاطراف المعنية. أيها المواطنون ايتها المواطنات ان ما يجري هذه الايام على ارض غزة المحاصرة من عدوان وحشي عنيف طال المدنيين الابرياء في بيوتهم وخلف مئات الضحايا والاف الجرحى والدمار الواسع يدعو الضمير الانساني الى تحرك حازم للوقف الفوري للعدوان وتوفير الحماية الدولية الضرورية للشعب الفلسطيني الشقيق ورفع الحصار عنه. وان تونس التي ما فتئت تعمل على ايجاد الحل السلمي الشامل والدائم والقائم على الشرعية الدولية والمبادرات التي جاءت في اطارها تدعو الاطراف الدولية الفاعلة الى الاسراع بوضع حد لهذا التدهور الخطير للاوضاع وما يمثله من تهديد مباشر لكل المساعي الدولية الهادفة الى احلال السلم والاستقرار بالمنطقة. كما ان بلادنا التي تؤمن بالعمل العربي المشترك وتحرص على تكريس التضامن العربي لاسيما فيما يتعلق بهذه القضية المصيرية الكبرى بالنسبة الى منطقتنا والعالم ترى ان عقد قمة عربية طارئة لابد ان يتجاوز مجرد اصدار قرارات التنديد والادانة والاستنكار الى موقف حازم له جدواه في الاسهام في وضع حد لنزيف الدماء الفلسطينية الزكية وفتح المجال مجددا امام الحل السلمي المنشود. وعلى صعيد اخر في علاقات بلادنا الخارجية سنعمل على دعم علاقاتنا بالاتحاد الاوروبي وسنسعى بالتعاون مع اشقائنا قادة الاتحاد المغاربي الى اقامة المنطقة المغاربية للتبادل الحر وانجاز المشاريع المشتركة حتى نحقق الاندماج الاقتصادى لبلداننا في محيطها الاقليمي والدولي. كما سنعزز علاقاتنا مع شتى الفضاءات الجهوية والاقليمية والدولية في نطاق خدمة مصالحنا الوطنية وفي ضوء التمسك بسيادتنا وخصوصياتنا الثقافية والحضارية. ايها المواطنون ايتها المواطنات أجدد لكم أطيب تمنياتي بالسنة الادارية الجديدة املا ان تكون طالع خير على بلادنا وعلى امتنا العربية والاسلامية وعلى اقطار اتحادنا المغاربي واتحادنا الافريقي وراجيا في الان نفسه ان تتغلب المجموعة الدولية على مشاكلها وازماتها حتى يعم العالم الوئام والسلام وتنعم سائر الشعوب بالنماء والرخاء. وكل عام وانتم بخير وكل عام وتونس بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».