بعد الجهود الديبلوماسية العربية المكثفة في مجلس الأمن والتي أسفرت يوم الخميس الماضي عن تبنّي قرار دولي يدعو إلى وقف إطلاق النّار في غزّة بشكل فوري تجاهلته الأطراف المعنية حتى الساعة... دعت عدّة بلدان عربية وفي مقدّمتها قطر إلى عقد قمّة طارئة يوم الجمعة القادم حول الانتهاكات الخطيرة التي يتعرّض لها الفلسطينيون في القطاع أي قبل ثلاثة أيام من القمّة العربية الاقتصادية المنتظر أن تحتضنها الكويت... إلا أنّ بلدانا عربية أخرى عارضت انعقاد هذه القمّة السياسية في قطر والاكتفاء باجتماع لوزراء الخارجية العرب على هامش قمّة الكويت الاقتصادية من منطلق انه يتعين الاعداد الجيد لأي تحرك عربي. ويعكس هذا الاختلاف في مواقف القيادات العربية حالة الانقسام السائدة على الصعيد الرسمي بين مؤيّد ومعارض للقمّة بعد الاخفاق في وضع حدّ للعدوان الإسرائيلي ورفع الحصار وفتح المعابر رغم قرار مجلس الأمن 1860. وفي ظلّ هذا الوضع القائم يلتقي العاهل السعودي والرئيس المصري في الرياض لبحث سائر المواضيع المطروحة وعلى رأسها العدوان الإسرائيلي بعد أن رفضت مصر صراحة الاستجابة لدعوة قطر لعقد هذه القمّة الطارئة مبررة عدم التحمّس لعقدها خشية ألا تسفر عن نتائج.... وفي غضون ذلك برزت مؤشرات مشجعة تتعلّق بالمحادثات الجارية في القاهرة بين الحكومة المصرية وممثلين عن المقاومة الفلسطينية والتي قد تفضي إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع الجانب الإسرائيلي... وهذا عززه توني بلير مبعوث الرباعية الدولية الموجود حاليا بالعاصمة المصرية بالقول: «أن كل العناصر الضرورية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار متوفّرة» مضيفا القول: «..لكن علينا العمل من أجل أن نجعله ذا مصداقية..». وفي ظلّ هذا الحراك الديبلوماسي المكثف عربيا ودوليا لوضع حدّ للحرب المعلنة ضدّ غزّة ورغم تباين الآراء والمواقف إزاء عمل عربي موحّد تجاهها فإنّ المطروح الآن وبالحاح هو موقف عربي موحّد يضع حدّا لهذه الجرائم الإسرائيلية ويتجاوب مع تطلعات الشعوب العربية ويرتقي إلى المسؤولية التاريخية الملقاة على كواهلهم في هذا الظرف العصيب... وذلك باتخاذ قرارات ترتقي إلى نداءات الشعوب وطموحاتها خصوصا أنّ القوات العسكرية الإسرائيلية أوغلت في ارتكاب مجازر راح ضحيتها ما يقارب الألف شهيد وما يزيد عن أربعة آلاف جريح لم تستثن منهم الطواقم الطبية وطواقم سيارات الإسعاف والمراكز الأممية للإغاثة... ولجأت إلى استعمال أسلحة محظورة دوليا ضدّ المدنيين الأبرياء إمعانا في خرق القانون الدولي والمعاهدات الإنسانية بمباركة أمريكية غير مشروطة. وأمام هذا الوضع واحتمالات تطور العمليات العسكرية الاسرائيلية بقطاع غزة لابد من اعادة توحيد الموقف العربي... لان القضية الفلسطينية تبقى دوما هي الخاسر الاكبر من اي انقسام وقد برهنت معاناة اهالي غزة عن مدى الحاجة الى وجود صف موحد داعم لكافة ابناء الشعب الفلسطيني.