تحتفل "الصباح" اليوم بالذكرى الثامنة والخمسين لتأسيسها على يد المناضل والوطني المرحوم الحبيب شيخ روحه وهو حدث إضافة إلى ما يحمله من دلالات لمؤسسة "دار الصباح" الصحفية العريقة يمثل علامة مضيئة في تاريخ الصحافة التونسية الممتد على مدى ما يقارب المائة وخمسين عاما كان للصباح خلاله دور بارز في الإرتقاء بالصحافة المكتوبة شكلا ومضمونا وفي إرساء دعائم مدرسة صحفية تخرجت منها أجيال ما كان أن تجد لولاها إلى البروز طريقا ولا إلى الشهرة سبيلا. لقد أقدم المؤسس والعميد على بعث صحيفة يومية بوازع وطني يوم كانت تونس ترزح تحت وطأة الاستعمار الفرنسي ويوم كان شعبها سليب الإرادة وارتأى أن تكون منبرا لجميع الوطنيين ومجالا رحبا لكلمة الحق والإصداع بما يختلج في قلوب التونسيين من توق إلى الحرية والاستقلال والعيش الكريم في ظل دولة وطنية تتكاتف فيها جهود الجميع من أجل الخروج من التخلف ومحاربة الجهل ومقاومة المرض.. ورغم ما عاناه مؤسس الجريدة وقاساه من ظلم السلطات الاستعمارية إلا أنه ظل وفيا لمبادئه, متشبثا بمواقفه , صامدا من أجل أداء رسالته. وبعد أن أثمرت نضالات الشعب الاستقلال واصلت "الصباح" بنفس الدافع والوازع مسيرتها الإعلامية إيمانا منها بأن للصحافة المكتوبة دورا هاما في المشاركة في بناء دولة حديثة أسسها مؤسسات عصرية وتمكين الشعب من حياة سياسية متطورة قوامها الديموقراطية وتعدد الآراء والعمل على النهوض بالانسان التونسي وحقه في التنمية في مناخ من الأمن والأمان وبما يضمن الكرامة للجميع. وإيمانا منه بمكانة الصحافة ودورها واستشرافا لمستقبلها جعل المرحوم الحبيب شيخ روحه من "الصباح" القلب النابض لدار صحفية كبرى - وهي "دار الصباح" التي أسسها لتكون منارة إعلامية في تونس ومرآة للصحافة التونسية خارج حدود الوطن وذلك عبر شقييقاتها من الصحف اليومية والأسبوعية التي تصدرها الدار معاضدة منها للقطاع الإعلامي وإثراء المشهد وتنويعه - إضافة إلى حرصه الشديد على المسك بناصية التكنولوجيا بتمكين الدار من أحدث وسائل الإخراج الفني الجيد والطباعة العصرية وهو تقليد دأبت عليه دار الصباح إلى اليوم. وإضافة إلى الجانب الفني حافظت "الصباح" طيلة مسيرتها على ريادتها في أن تكون الجريدة المستقلة الأولى في تونس متمسكة بجملة الثوابث التي صاغها مؤسسها والمستندة إلى المصداقية والموضوعية والجرأة والمهنية والتمسك بأخلاقيات المهنة ومخاطبة العقل بعيدا عن الإثارة ودغدغة العواطف وتغييب قضايا المواطن ومشاغله وهو ماجعل الصحيفة تحظى بالاحترام داخل تونس وخارجها وتصبح مرجعا للباحثين والمحللين . ورغم الصعوبات التي تواجهها الصحافة المكتوبة في العالم بفعل المنافسة من قبل الانترنات والفضائيات ستبقى "الصباح" مدرسة ومثالا للنزاهة والمصداقية ومعيارا لصحافة الجودة والرصانة ورمزا للريادة والتميز متخذة من إثراء المشهد الإعلامي ومواصلة الاهتمام بقضايا الوطن ومشاغل المواطن نهجا لا محيد عنه.