في ظلّ تصاعد التوتّر مجدّدا في قطاع غزّة بعد أن قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي على مدار الأيّام القليلة الماضية بسلسلة من الغارات الجويّة استهدفت عديد المناطق داخل القطاع وقرب الحدود مع مصر بدعوى تدمير الأنفاق والردّ على إطلاق قذائف صاروخية من غزّة، تتكثّف المشاورات عربيّا للبحث عن السبل الكفيلة بتحقيق التهدئة في المنطقة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية حيث التقى الرئيس المصري كلا من رئيس السلطة الفلسطينية ووزير الخارجية السعودي، وتناول الاجتماع عدّة مسائل منها موضوع التهدئة والمصالحة الفلسطينية وإعادة إعمار القطاع ورفع الحصار. ولئن لم تتسرّب معلومات بشأن نتائج هذا الاجتماع فإنّ التّباين الحاد بين أغلب الفصائل والسلطة الفلسطينية قد يحول دون تحقيق نتائج ملموسة على المدى القريب. لقد تعمّقت الهوّة بين الطرفين بعد أن أصبحت منظمة التحرير الفلسطينية محلّ إعادة نظر نتيجة دعوة بعض الفصائل إلى تشكيل مرجعية وطنية جديدة تمثل فلسطينيي الداخل والخارج وتضمّ جميع القوى الوطنية وقوى الشعب وتياراته الأمر الذي رفضه محمود عباس بشكل مطلق مؤكّدا أنّه «لا حوار مع كل من يرفض منظمة التحرير الفلسطينية» مضيفا القول «... عليهم أن يعترفوا دون لبس أو غموض بأنّ منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني». وبالتوازي مع هذا السجال الفلسطيني الداخلي تواصلت زيارة المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط حيث أجرى سلسلة لقاءات مع قادة عرب كان آخرها مع الملك السعودي للتشاور بشأن تثبيت وقف إطلاق النار الهش في القطاع إضافة إلى مستجدات القضية الفلسطينية وعملية السلام في المنطقة. ولئن اعتبرت هذه الزيارة لجورج ميتشل للمنطقة - وهي الأولى في عهد الرئيس أوباما - مجرّد جسّ نبض واطلاع على مجريات الأمور عن كثب فإن المبعوث الأمريكي قد حذّر من «العقبات الكبيرة» أمام التوصّل لسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين متوقّعا «مزيدا من الانتكاسات» ومؤكّدا في الوقت ذاته التزام الرئيس باراك أوباما بالسعي «بنشاط وهمّة» للتوصّل إلى اتّفاق سلام. وبين تزايد الهوّة في الداخل الفلسطيني على خلفية المرجعية الفلسطينية المطروحة إثر الحرب الإسرائيلية الأخيرة... والنشاط الديبلوماسي الحثيث لتحقيق التهدئة والمصالحة الوطنية وإعمار القطاع... يبدو أنّ الطرف الإسرائيلي غير معني حاليا بالاستحقاقات والأولويات سواء الفلسطينية أو الدولية في المنطقة حيث دخل في صراعات حزبية في انتظار الحسم يوم العاشر من هذا الشهر للفوز في انتخابات الكنيست.