اختار جو بايدن نائب الرئيس الامريكي ان يعلن من ميونيخ على هامش المؤتمر الامني الخامس والاربعين توجهات السياسة الخارجية الامريكيةالجديدة في اعقاب ثماني سنوات من التدهور الخطير في اكثر من ملف من الملفات المصيرية العالقة التي كانت ولاتزال مصدر تهديد للامن والاستقرار في اكثر من منطقة في العالم. ومن غوانتانامو الى افغانستان وباكستان وبرامج التسلح البالستي الى العلاقات الاستراتيجية مع روسيا والحلف الاطلسي الى مختلف الخيارات المطروحة في التعامل مع ايران وضع نائب الرئيس الامريكي الكثير من النقاط على الحروف وازاح الستار عن اوكد اولويات ادارة الرئيس اوباما التي جعلت من التغيير شعارا لها بما جعل من المشهد الافغاني بكل ما يجسده من تحديات امنية مع عودة حركة طالبان لاستعادة اكثر من موقع استراتيجي لها تحتل صدارة اهتمامات الرئيس الجديد#0236 واذا كان بايدن اختار الصراحة والوضوح بشان عدد من القضايا فانه تعمد الاقصاء والتعتيم الى درجة التجاهل الذي قد يبدو متعمدا في احيان كثيرة بشان قضايا اخرى لا تقل خطورة حيث كان الشرق الاوسط بكل ما يجسده من تحديات مرتقبة في مرحلة ما بعد الحرب الهمجية على غزة وفي ظل ما يمكن ان تفرزه تحالفات الانتخابات الاسرائيلية الغائب الابرز والمسكوت عنه في اعلان بايدن بما يثير في الاذهان الكثير من نقاط الاستفهام التي قد لا تجد لها اجوبة مقنعة بشان موقع الشرق الاوسط في اهتمامات الادارة الامريكيةالجديدة في مثل هذه المرحلة وما اذا كانت ادارة الرئيس اوباما مستعدة لتجنب المساواة المنبوذة بين الضحية والجلاد والإضطلاع بدور أقل انحيازا واكثر اعتدالا وموضوعية ازاء الشعب الفلسطيني الخاضع للاحتلال منذ عقود تجاوزت سن الرئيس الامركي المنتخب لاسيما وانه لا يبدو حتى الان ان في مشاركة افيغدور ليبرمان زعيم اليمين المتطرف في اسرائيل ما يمكن ان يحرك سواكن المراقبين والملاحظين الذين لم يترددوا في مناسبات سابقة في ابداء مواقفهم من دخول الزعيم النمساوي السابق يورغ هايدر او لوبان الفرنسي سباق الانتخابات. والحقيقة ان الموقف من ليبرمان المعروف بمواقفه الصهيونية والعنصرية ازاء عرب اسرائيل كما ازاء الفلسطينيين والذي يخوض الانتخابات تحت شعار معارضته للسلام لا يعني باي حال من الاحوال ان بقية منافسيه في الانتخابات الاسرائيلية اكثر اعتدالا او اكثر استعدادا وجراة وشجاعة لاتخاذ مواقف من شانها ان تساعد على تجنيب شعوب المنطقة المزيد من الكوارث والحروب واراقة الدماء. ولاشك ان فيما كشفته الحملة الانتخابية الاسرائيلية على مدى الايام القليلة الماضية من برامج المتنافسين ما يعكس الكثير من استحقاقات المرحلة القادمة التي افتقرت بشكل مفضوح الى اي حديث اوادنى اشارة الى مستقبل العملية السلمية. وفي انتظار ما يمكن ان تكشفه خارطة التحالفات الجديدة في اسرائيل في اخر هذا اليوم بعد ان تغلق مكاتب الاقتراع ابوابها فان الاكيد ان هناك حاجة لمزيد من الوضوح في المواقف والمصداقية في التعامل بل والشجاعة في المواقف ازاء الواقع الجديد في الشرق الاوسط وتحديد اخلاقيات ومبادئ التعامل مع ليبرمان او ليفني او باراك او ناتنياهو وما يحملونه من سجلات شخصية في جرائم الابادة والتصفية والاغتيالات والاستيطان#0236. ولعله آن الاوان بالنسبة للمسؤولين في واشنطن الذين اقروا في اعترافاتهم العلنية بالامس فقط بان مشاركة حماس في الانتخابات قبل سنتين كان خطأ استراتيجيا كبيرا ان يعيدوا تقييم مواقفهم ومفاهيمهم للديموقراطية وان يستوعبوا دروس تداعيات المعركة الانتخابية الاسرائيلية المرتقبة التي ستكون ودون ادنى شك الاختبار الاول والاهم لنوايا الادارة الامريكيةالجديدة في المنطقة ولأية جهود مستقبلية لمبعوثها جورج ميتشل الى الشرق الاوسط#0236