يشكل الدعم الذي قدمه ليبرمان زعيم حزب «اسرائيل بيتنا» المتطرف لحزب "الليكود" بزعامة ناتنياهو بخصوص تشكيل حكومة اسرائيلية موسعة عملية وضع آخر النقاط على الحروف حيث جسّم هذا التأييد التحول الذي يشهده الرأي العام الإسرائيلي منذ بضع سنوات والذي أكدته نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة. فبعد التراجع الذي شهده «حزب العمل» والذي يقدم على أساس كونه حزبا يساريا لم يبق سوى تشكيل حكومة موسعة قد تضم أيضا حزب "كاديما" وهو ما يعني أن تأثير ليبرمان وحزبه سيكون واضحا في توجهات الحكومة المقبلة التي لا يمكنها أن تكون من وجهة النظر العربية وتحديدا الفلسطينية حكومة سلام. ولم يخف ليبرمان القصد من تأييده تشكيل حكومة تشارك فيها كبرى الأحزاب الإسرائيلية حينما قال أن الهدف هو «مواجهة التحديات الاقتصادية والتهديد الإيراني» وبالتالي واستنادا إلى تجارب سابقة لحكومات «وحدة وطنية» في إسرائيل فإن أسلوب القوة العسكرية ومنطق التطرّف سيتغلبان على منطق الاعتدال والحوار والتفاوض. فبالنسبة للقضية الفلسطينية وبالنظر إلى أنه لم تصدر من واشنطن أية مواقف مشجعة تنبئ باحتمال التوصل إلى حل سلمي لا ينتظر من أية حكومة مقبلة في إسرائيل أن تعود إلى أسلوب التفاوض لأنه بات واضحا وخصوصا في الأشهر الأولى لفترة الرئيس الأمريكي أوباما أن أفضل «حلّ» يتمثل في الإبقاء على الوضع الراهن ومحاولة إدارته بطريقة تبقي على موازين القوى أي بدون التسبب في أي إحراج لإسرائيل أي بعيدا عن ممارسة أية ضغوط عليها وفي الآن نفسه الإبقاء على قنوات اتصال مع السلطة الوطنية الفلسطينية ومواصلة تهميش حركة "حماس". وتحسبا لربط الإدارة الأمريكية قنوات حوار مع طهران تسعى إسرائيل إلى توجيه ضربة عسكرية لإيران تكون رمزية أولا لتخليص الإسرائيليين من بعض التخوفات خصوصا أن الحرب على لبنان وعلى قطاع غزة لم تحقق نصرا عسكريا كانت تأمله إسرائيل بسبب «دعم طهران لتنظيم "حزب اللّه" وحركة "حماس"» كما يشاع في الإعلام الإسرائيلي وحتّى الغربي. لقد وصفت في السابق حكومات إسرائيلية بكونها حكومات حرب في سياق مغاير يوم كانت «حركة السلام» الإسرائيلية لها وزن لدى الرأي العام ولدى جانب من أحزاب اليسار الإسرائيلي أما الحكومة المقبلة فلن تكون الا حكومة لاطالة أمد الاحتلال وإعادة الاعتبار لإسرائيل كقوة إقليمية في مواجهة إيران وتركيا. ..إنّها أكثر من حكومة حرب