تونس الصباح: عهد إلى "اللجنة الوطنية للحوار حول الإنتاجية"، التي التأمت خلال الأيام القليلة الماضية بإشراف الوزير الأول، السيد محمد الغنوشي، بوضع ورقات عمل وتصورات عملية من شأنها ضبط التوجهات الأساسية للاستشارة الوطنية حول تحسين الإنتاجية، التي من المتوقع تنظيمها خلال الفترة المقبلة من العام الجاري.. وكانت هذه اللجنة، التي تضم كفاءات وطنية من الجامعة وبعض الوزارات، بالإضافة إلى المؤسسات والمنظمات الوطنية والمهنية، قد تشكلت في وقت سابق بتعليمات رئاسية، بغاية تحيين الدراسات حول تطور عناصر الإنتاجية في تونس، وإنجاز دراسات مقارنة مع البلدان التي تتوفر على تقاليد في مجال النهوض بالإنتاجية.. وتهدف هذه الدراسات المزمع إنجازها في إطار اللجنة الوطنية، إلى استنباط أفكار، والبحث عن وسائل وآليات من شأنها الترفيع من نسبة مساهمة الإنتاجية في نسبة النمو الحالية، المحددة بنحو 5% من الناتج المحلي الوطني، وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد التونسي المقبل على سنوات صعبة بحكم التقلبات في الاقتصاد العالمي، وتداعيات الأزمة المالية العالمية، والتحولات التي سيشهدها القطاع التجاري في ضوء النتائج المرتقبة للمفاوضات في إطار المنظمة العالمية للتجارة.. وكانت الحكومة، وضعت أفقا للنمو الاقتصادي خلال العشرية المقبلة، يصل إلى 7 في المائة، إلى جانب الرفع من نسبة السكان النشيطين إلى 3.5 ملايين سنويا (العدد الراهن في حدود 3 ملايين و100 ألف من السكان المشتغلين)، وهي الأرقام التي تقتضي مستوى محددا من الإنتاجية، لا يبدو أن بعض المعطيات المتوفرة حاليا في بعض القطاعات الاقتصادية كفيلة بتحقيقها.. وظيفة دقيقة للإنتاجية فنسبة التأطير في المؤسسات لا تتجاوز ال 15 بالمائة، بل إن هذه النسبة تتدحرج إلى حجم 10 بالمائة، إذا ما استثنيت الإدارات والمؤسسات العمومية.. وتصل الإنتاجية في الصناعات المعملية إلى نحو لا يتعدّى نسبة 25 بالمائة، قياسا بالنتائج المسجلة في البلدان الأوروبية، فيما يصل هامش الترفيع في إنتاجية قطاع الخدمات، إلى نحو لا يقل عن 40 بالمائة.. وتعكس هذه الأرقام، ضعف الإنتاجية في القطاعات الهامة والمحورية في اقتصاد البلاد، مما يجعلها لا تساهم بالشكل الكافي في رفع مستوى النمو الاقتصادي وتطوير القدرة الشرائية للمواطن وتعزيز تنافسية الاقتصاد التونسي، سيما في علاقة بالخارج.. وكان الوزير الأول، شدد خلال اجتماع اللجنة الوطنية للحوار حول الإنتاجية، على أن تنافسية الموارد البشرية التونسية، والعلاقة الجيدة مع بلدان الاتحاد الأوروبي ودول الجوار المغاربي، بالإضافة إلى تعدد اتفاقيات التبادل التجاري الحر التي وقعتها تونس مع عدة دول عربية وآسيوية، تعدّ من العوامل المهمة المساعدة على تطوير الإنتاجية بالشكل الذي يسمح بالترفيع في نسق النمو الاقتصادي.. وتبدو الحكومة شديدة الحرص في هذا السياق، على الربط بين تحسين الإنتاجية وتحقيق الأهداف الكمية والنوعية للتنمية في البلاد.. وأوضح الغنوشي، أن الصناعة التونسية قد تمكنت على الرغم من عملية التفكيك الجمركي الواسعة التي أقدمت عليها تونس في السنوات الأخيرة، من الصمود مستفيدة من زخم الإجراءات الإصلاحية التي تم إقرارها منذ التوقيع على اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.. وتكشف الأرقام والإحصائيات في هذا السياق، أن الارتفاع المسجّل في عدد المؤسسات التونسية والأجنبية، وتطور فرص العمل التي تم إيجادها في غضون السنوات العشر الماضية، على الرغم من الظرفية الاقتصادية الصعبة، يترجم إلى حدّ بعيد، ثمار النهج الإصلاحي الذي اختارته البلاد، والذي يعتبره المراقبون أمرا مشجّعا على تحقيق نسبة إنتاجية قادرة على تحفيز الاستثمار الداخلي والأجنبي، وتوفير مزيد من فرص العمل، وتحسين القدرة الشرائية للمواطن.. شروط ضرورية ويرى خبراء أن تحسين الإنتاجية، مرتبط بتطوير الخدمات الإدارية والنهوض بالتعليم والتكوين، إلى جانب تحسين البنية الأساسية للنقل (طرقات وموانئ ومحولات وغيرها..)، وهو الأمر الذي دشنته الحكومة منذ أكثر من عشر سنوات، عبر جهد مكثف أنتج شبكة من البنية الأساسية المتطورة، القادرة على أن تجعل البلاد، مركزا إقليميا للمال والأعمال خلال الفترة المقبلة، وفق ما تطمح إليه الحكومة.. على أن اللافت للانتباه، هو ما جاء على لسان الوزير الأول، من أن جهد تحسين الإنتاجية التي من المتوقع أن تكون الهاجس الأساسي للحكومة خلال المدة القادمة، يبقى من مسؤولية مختلف الأطراف المتدخلة في عملية الإنتاج، من مؤسسات ورجال أعمال وعمال ونقابيين وهيئات مهنية مختلفة.. وكانت تونس عملت على تحسين الإنتاجية منذ التوقيع على اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي عام 1995، الأمر الذي ساهم في الرفع من الإنتاجية، خصوصا في قطاع الصناعات المعملية.. وتفيد الأرقام الرسمية في هذا الإطار، أن النمو المسجّل في العشرية الأخيرة، يرجع بالأساس إلى مساهمة الإنتاجية بنسبة معتبرة في عملية النمو، تعدّت نسبة 44 بالمائة وفق آخر التقديرات.. الجدير بالذكر، أن الأمين العام لاتحاد الشغل ورئيس منظمة الأعراف، كانا أشارا قبل بضعة أسابيع، خلال التوقيع على الملحقات التعديلية للمفاوضات الاجتماعية، إلى أهمية الإنتاجية في دفع عملية النمو وإيجاد فرص العمل..