كان بامكانها اختيار مسلك دراسي مغاير.. لكنها آثرت عن اقتناع وروية اقتحام الميدان الفلاحي والمواصلة في احياء ارض الآباء واستخراج خيراتها وتطوير مردودها بما توفر لها من زاد علمي توج بالتخرج منذ سنة 2001 من المدرسة العليا للفلاحة بشط مريم. في يمناها شهادة علمية وفي يسراها مشروع فلاحي طالما منّت النفس بانجازه وعلى قطعة ارض من مخلفات والدها سعت هذه الشابة الى تجسيم حلمها المشروع.. خصوصا ان الارض متوفرة والرغبة والتحمس جليان لمواصلة المشوار الذي كان بدأه والدها ولم يوفق في اتمامه قبل وفاته.. وحالت حالة المائدة المائية دون انجازه بل ادت محاولاته المتكررة الى ابتلاع كامل القرض الذي تحصل عليه والمدخرات المرصودة في اعادة احياء الارض دون جدوى. وكانت المفاجأة في وقع الصفعة بالنسبة لصاحبتنا التي ما ان عزمت على الانطلاق في مشروعها وتقدمت الى البنك طمعا في الحصول على تمويل حتى تفاجأت بان قطعة الارض محل رهن لدى البنك مقابل القرض الذي تسلمه والدها بقيمة 15 الف دينار لكن مقداره تضخم الى 50 الف دينار جراء تراكم فوائض التأخير.. تمالكت انفاسها التي كادت تنحبس وتتقطع من شدة وطأة الصدمة وسعت الى تسوية الوضعية عبر الانتفاع بقرار اعادة الجدولة والتخلص من الارث الثقيل لهذه المديونية والاستناد في محنتها على القرارات الرئاسية المعلنة في سياق تسوية ملف المديونية، ولسوء حظها مرة اخرى اصطدمت بعائق آخر تمثل في تعذر الوصول الى حل لمشكلتها لضيق ذات اليد. وظلت ممزقة بين شبح البطالة الذي يلازمها من سنوات ومشهد الاهمال الذي يتربص بارضها ويهددها بالقحط وبين حلمها الذي تحول الى كابوس. رسالة هذه الشابة التي وصلتنا عبر البريد ناشدت بحرقة وألم فتح ابواب الرحمة امامها وامام امثالها من الحالات التي تجهض المديونية احلامهم ويبعثر جدار تجسيم بعض الاجراءات آمالهم بما يؤدي الى غلق ابواب التمويل والاقتراض من جديد في وجههم ما لم يستجيبوا لشروط قانون لعبة الاقتراض وانّا لفاقد الشيء ان يعطيه.. على انه ان كان من حق البنك المطالبة باسترجاع امواله مع الالتزام بالقرارات المعلنة في اطار معالجة ملف المديونية وتراتيب اعادة الجدولة.. فاننا نأمل ان تكون المصالح الادارية الفلاحية وهياكل المنظمة الفلاحية في الاصغاء لهذه الحالات ومتبنية لملفاتها خصوصا ان مثل هذه العوائق المادية تقف في طريق شباب ينشد كسر طوق البطالة بالاعتماد على النفس وبعث مشاريع خاصة في قطاع حيوي مثل الفلاحة.. شباب يحتاج الى المساندة والمرافقة في بداية مشواره وتوقه للعطاء.. وما احوجه ليد تمتد اليه. سيدتي او آنستي صاحبة الرسالة التي طلبت عدم ذكر اسمها ها اني قد بلغت صوتك وان كنت على يقين من ان ملف المديونية وتداعياته على القطاع وعلى عدد هام من الناشطين فيه محل متابعة جدية واحد محاور الاستراتيجيات الستة عشر المطروحة على انظار الحكومة التي اعدتها وزارة الفلاحة لاحكام التشخيص ووضع التصورات الكفيلة بالنهوض باهم القطاعات الفلاحية والمشاغل القائمة ومنها المديونية وتعثر حلول تسويتها.