الاحتفالية الضخمة حول شاعر تونس أبو القاسم الشابي سنعرضها في قطر بمناسبة «الدوحة عاصمة للثقافة في 2010» تونس : الصباح قال وزير الثقافة والفنون والتراث في قطر، معالي الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري، أنه حان الوقت لكي يكون للثقافة دورها في العلاقات المميّزة بين تونس وقطر..
وأوضح في حوار ل"الصباح"، أن العلاقات بين البلدين تطورت بشكل لافت في مختلف الميادين ولم يبق سوى الجانب الثقافي الذي يتعيّن أخذ الحيّز اللازم به في العلاقات الثنائية.. وكشف الكواري، عن وجود اتفاقية يجري الإعداد لها حاليا بين وزارتي الثقافة في البلدين، لوضع التبادل الثقافي في شتى المجالات موضع التنفيذ الفعلي.. وفيما يلي نص الحديث .. أجرى الحوار: صالح عطية** الملاحظ وجود حراك ثقافي في قطر خلال الفترة الأخيرة، بدأ بعودة وزارة الثقافة للمشهد الثقافي بعد 10 سنوات من الغياب.. كيف تفسّر هذا الحراك؟ في الحقيقة، الوزارة لم تولد من جديد، فقد كانت مصالحها جزء من مؤسسات أخرى، مثل المجلس الوطني للثقافة، بالإضافة إلى أن قطر تشهد حراكا في جميع المجالات، الاقتصادية والتجارية والعمرانية، وليس في المستوى الثقافي فحسب، ومن الطبيعي أن تستفيد الثقافة من هذا المشهد المتطور الذي أشرت إليه في سؤالك، فهي جزء من هذا الحراك العام حينئذ.. لا أذيع سرا عندما أقول بأن قطر تعتقد أن التنمية لن تكون متكاملة إلا إذا حظيت الهوية والجانب المعنوي للتنمية حقه من الاهتمام، فالثقافة والتعلم والمرأة، من العوامل الأساسية التي تجعل من التنمية عملية متوازنة.. من هنا شهدت البلاد بنية تحتية ثقافية تكبر يوما بعد آخر، وتسمح بتنشيط الحياة الثقافية وتنميتها، بحيث جاء تأسيس وزارة للثقافة (بعد أن كانت جزءا من وزارة الإعلام)، لدفع عملية الثقافة والاهتمام بجوانبها المختلفة.. ** ما هي الإستراتيجية التي تنوون تنفيذها خلال المرحلة المقبلة ؟ البداية كانت بالاهتمام الكبير لسمو الأمير حمد بن خليفة آل ثاني بوسط العاصمة التي تعرف ب "سوق واقف" في مسعى لجعله أحد المراكز الثقافية الهامة في البلد، ومن بين المواقع المهمة للسياح، إلى جانب المتحف الإسلامي الذي تم تدشينه نهاية العام المنقضي، بالإضافة إلى مشروع "الحيّ الثقافي"، وهو مشروع فريد من نوعه، يشهد تجمعا لمؤسسات ثقافية كبرى، بينها المسرح المفتوح ودار الأوبرا، ومسرح وطني ثان، ومعهد للموسيقى، ومقر للمؤسسات الفنية، ما يعكس الأهمية التي نوليها للثقافة في مثل هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها منطقتنا والعالم.. ونحن مقدمون بالفعل على تطورات مهمة في المشهد الثقافي والإعلامي بقطر، بعد أن قررت الحكومة السماح للمحطات والفضائيات والإذاعات الخاصة بالبث انطلاقا من الدوحة، وهذا يعدّ نتيجة لوضع الحريات الذي تعيشه البلاد منذ عدة سنوات.. ** نجحت قطر في أن تكون عاصمة إعلامية بامتياز.. فهل يمكن أن تتحول إلى عاصمة للثقافة خلال المرحلة المقبلة ؟ لا شك أن أجواء الحرية السائدة في قطر، عامل أساسي للإبداع، وإذا أضفنا إلى ذلك البنية التحتية للثقافة، تصبح الأرضية ممهدة لأن تكون قطر مركزا ثقافيا كبيرا.. ونحن كوزارة، نجد دعما غير محدود من قيادة البلاد في هذا الاتجاه.. وأشير في هذا السياق، إلى مؤسسة قطر للتعليم والعلوم وتنمية المجتمع، التي تقوم بدور كبير ورائد في المجال الثقافي أيضا.. بالإضافة إلى عدد من المنجزات التي سجلت في الدوحة، ونعني هنا بالأساس مشروع "الهرمونيك" الذي شرع في التجوال في أنحاء كثيرة من العالم، مقدما وجها حضاريا لقطر، عبر ذلك التفاعل بين الموسيقى العربية والغربية.. وأذكر أن ثمة مسعى لإنشاء فرقة للموسيقى العربية ومعهد للموسيقى، سيكون مقره "الحي الثقافي" الجديد.. الدوحة مقبلة الآن على حدث ثقافي بارز، يتمثل في "قطر عاصمة للثقافة العربية في 2010"، وهو ما يحملنا مسؤولية كبيرة لإنجاح هذا المستجدّ في الوضع الثقافي القطري.. وأعتقد أن بإمكان قطر في ضوء هذه المعطيات، إلى مركز ثقافي هام، وتحقيق التفاعل المطلوب بين مختلف ثقافات العالم.. ** ما هو إطار زيارتكم التي تقومون بها إلى تونس؟ لقد سرني أن أكلف من حكومتي بتمثيل دولة قطر في الاحتفالات التي ستقام في القيروان بمناسبة تدشين فعاليات "القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية في 2009".. ونعتقد في قطر، أن مثل هذا الحدث الهام، لا يعني تونس فحسب، بقدر ما يهم كل العرب والمسلمين، لأننا جميعا مطالبون بالتفاعل بين مختلف الثقافات في العالم.. القيروان تعدّ أحد المدن الهامة في التاريخ الإسلامي، وكانت نقطة ارتكاز أساسية وأولية في الثقافة العربية الإسلامية، ما يجعلها جديرة بهذا اللقب الذي تحظى به اليوم بين عواصم العالم الإسلامي من خلال تجسيدها عاصمة للثقافة الإسلامية خلال هذا العام.. ** أجريتم محادثات مع مسؤولين في الحكومة التونسية، بينها وزير الثقافة ووزير الشباب والرياضة.. ما هي فحوى هذه المحادثات؟ وهل توصلتم إلى وضع أجندة بشأن التعاون الثنائي في مجالات الثقافة خلال المرحلة المقبلة؟ لا شك أنني انتهزت هذه الزيارة لإجراء محادثات مع وزير الثقافة والمحافظة على التراث في تونس، الدكتور رؤوف الباسطي، حيث ناقشنا أوضاع الثقافة والعلاقات الثقافية الثنائية، وبحثنا كيفية تعزيزها.. إننا مدركون في قطر، أن تونس بلد عريق في مجال الثقافة والإبداع، ونعتقد أن إيجاد علاقات ثقافية معها سيكون له تأثيره الفعال على الوضع الثقافي في دولة قطر، مثلما أنه سيكون لقطر دور ثقافي في تونس.. لذلك وجدنا أنه من اللازم علينا، تنشيط تبادل الفعاليات الثقافية في مجالات الفنون والتراث والمسرح والفنون التشكيلية، إلى جانب استكمال ما تستدعيه الاتفاقية الثقافية بين البلدين، وهي الاتفاقية التي ننكب على إعدادها سويا.. ومن المهم في هذا السياق، الإشارة إلى أن سعادة الوزير التونسي، قد أحاطني علما بمئوية الشاعر التونسي الكبير، أبو القاسم الشابي، وخاصة بالاحتفالية الضخمة التي يجري إعدادها حاليا، لعرضها قريبا في العاصمة التونسية.. ومعلوم أن الشابي، من الشعراء الكبار في العالم العربي الذي ذاع صيته في الآفاق، بحيث لم يبق شاعرا تونسيا فحسب، وذلك بفضل خصاله الشعرية وألوان الكتابة التي جادت بها قريحته الشعرية.. وقد اتفقنا في هذا الإطار، أن تعرض هذه الاحتفالية في قطر خلال العام القادم الذي ستكون فيه الدوحة "عاصمة للثقافة العربية".. ** التقيتم كذلك وزير الشباب والرياضة، فما هي نتائج المحادثات التي دارت بينكما؟ في الحقيقة ناقشت مع صديقي، وزير الشباب والرياضة، الأستاذ سمير العبيدي، مجالات تطوير العلاقات بين الشباب التونسي والقطري، خاصة في مجالات الثقافة، بما يعمّق التواصل المطلوب بين شباب البلدين.. ويقيني أن العلاقات بين قطر وتونس، تحظى برعاية خاصة من قيادتي البلدين، صاحب السمو أمير البلاد المفدى، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وفخامة الرئيس التونسي، زين العابدين بن علي.. ولا شك أن العلاقات الثنائية فيما بيننا تطورت بشكل لافت في جميع المجالات، السياسية والاقتصادية والاستثمارية وغيرها، وحان الوقت اليوم لكي تكون للثقافة دورها ومكانتها في هذه العلاقات المميّزة بين البلدين.. لقد توجهت إلى القيروان، حيث تابعت فعاليات افتتاح "القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية"، وكانت عيوننا مفتوحة على مجمل العرض الذي قدّم، لأننا مهتمون بالاستفادة من تجارب أشقائنا في العواصم الثقافية العربية والإسلامية، بما من شأنه أن يغني تجربتنا السنة المقبلة التي ستكون فيها الدوحة "عاصمة للثقافة العربية"، كما أسلفت القول..