هل مازالت «السيارة الشعبية» «شعبية فعلا»؟ تونس الصباح: علمت "الصباح" من مصادر جديرة بالثقة، أن مبيعات بعض الشركات المتخصصة في بيع "السيارات الشعبية"، سجلت خلال الفترة الاخيرة تراجعا غير مسبوق.. بعض المصادر في هذه الشركات، تتحدث عن تداعيات الازمة المالية العالمية، والبعض الاخر يتحدث عن ارتفاع أسعار السيارات خلال السنتين الماضيتين، فيما يجري تبرير ذلك في بعض الاوساط القريبة من هذه المؤسسات، بتقلبات السوق الدولية في علاقة بسوق السيارات بالاساس.. والحقيقة، أن تذمر الناس من أسعار "السيارات الشعبية" بلغ ذروته خلال السنوات القليلة الماضية، بسبب الارتفاع الكبير الذي باتت عليه هذه السيارات مقارنة بصنوتها غير الشعبية، حيث بلغت الاسعار حدّا غير معقول ناهز الثمانية عشر ألف دينار أو تزيد، دون اعتبار الفوائد البنكية، الامر الذي جعل الناس يتساءلون حول ما إذا كانوا بصدد سيارات شعبية أم سيارات عادية، تخضع لنفس منطق العرض والطلب السائد في كل سوق تقريبا، سيما أن السياق الذي تنزّلت فيه "السيارات الشعبية"، والذي جاء إثر قرار ومبادرة رئاسية، كانت تريد تمكين الطبقة الوسطى من الحصول على سيارة بسعر شعبي إن صح القول، الامر الذي جعل أسعار السيارات عند انطلاقتها لا تتعدى العشرة آلاف دينار تقريبا، مما جعل التهافت عليها كبيرا، بل منقطع النظير.. واللافت للنظر، أن في السنوات القليلة الماضية، سجل هذا النوع من السيارات ارتفاعا غير مسبوق، أخرج "السيارات الشعبية" من "إطارها الشعبي" لتصبح سيارة مكلفة إلى حدّ بعيد، بل إن سوق السيارات العادية باتت تتوفر على أسعار ربما أقل مما تتداول به "السيارات الشعبية"، الامر الذي وضع المعنيين بهذا النوع من السيارات، في حيرة من أمرهم.. فإذا اقتنوا سيارة شعبية، فإنهم سيجدون أنفسهم أمام مشكل السعر المرتفع، مع ما يترتب عنه من ديون كبيرة لدى البنوك، وإذا ما فكروا في اقتناء سيارة عادية فهم مطالبون بدفع أقساط مشطّة للغاية لا تتماشى مع إمكانياتهم على وجه الاطلاق، هذا إذا ما رضيت البنوك بأن تمكنهم من قروض بهذا العنوان، نظرا لثقل حجمها وأقساطها على حدّ السواء.. وتحاول بعض الشركات إقناع المعنيين بهذه السيارات من الاوساط الشعبية، بأن انخفاض الدينار التونسي، وارتفاع سعر الاورو، من العوامل الاساسية التي جعلت أسعار "السيارات الشعبية" تقفز بشكل جنوني خلال السنوات الماضية، غير أن هذا التبرير لم يقنع أحدا، على اعتبار أن سياق "السيارات الشعبية" كان يفترض أن يحافظ على سقف محدد من السعر، خصوصا أن مدخول التونسي لم يشهد تطورا خلال السنوات الماضية، بالقدر الذي يجعله متماشيا مع الارتفاع الكبير في الاسعار التي عرفتها "السيارات الشعبية".. ويفسر البعض هذه الوضعية من جهة أخرى، بكون الاسعار الحالية المتوفرة في السوق، هي أسعار العام الماضي، وبالتالي فإن اعتماد أسعار العام الجاري سيخفض من الاسعار الحالية، غير أن هذا التفسير مردود على أصحابه، على اعتبار أن الامر يتعلق بأسعار تتزايد عاما بعد آخر، ولا يقتصر الامر على العام الماضي فحسب، ثم هل معنى هذا الكلام أن أسعار عام 2009 ستعود بنا إلى مستويات أسعار عشر سنوات مضت عندما كانت أسعار السيارة الشعبية لا تتجاوز العشرة آلاف دينار؟ وكان وزير التجارة والصناعات التقليدية، أعلن منذ بضعة أيام، عن وجود مفاوضات مع الشركات المعنية بغاية بحث سبل التخفيض في أسعار "السيارات الشعبية".. وتوقعت مصادر مطلعة بوزارة التجارة، أن تشهد الفترة المقبلة انخفاضا لافتا في أسعار "السيارات الشعبية"، لكن هذه المصادر التي تحدثت ل"الصباح"، رفضت تحديد سقف للاسعار، مثلما رفضت توضيح حجم التخفيضات المتوقعة خلال المدة القادمة.. ولا شك أن موضوع "السيارات الشعبية" وأسعارها، يحتاج اليوم إلى مراجعة جذرية، لان الملف شهد "انحرافا" عن مساره الذي أسس من أجله قبل أكثر من عشر سنوات؟ فالسيارة الشعبية باتت "غير شعبية"، والمعنيون بها لم يعودوا ينتمون بالضرورة إلى شريحة الطبقة الوسطى التي جاءت مبادرة تمكينها من سيارة، استجابة لحقها في الرفاه بسعر شعبي في المتناول، فإذا بها تدفع ما يتجاوز "السقف الشعبي" إن صح القول..