قبل حوالي ست سنوات شنت القوات العسكرية الأمريكية مدعومة بقوات عدة دول أخرى حربها على العراق.. وقد علّلت ادارة الرئيس السابق بوش في ابانها هذا العدوان بمبررات تراوحت بين امتلاك العراق لاسلحة دمار شامل.. ومحاربة احد معاقل الارهاب.. ونشر الديموقراطية في المنطقة تأسيسا لشرق أوسط جديد. وعشية الذكرى السادسة لهذه الحرب المعلنة يوم 20 مارس 2003 يتساءل المرء عن النتائج المحققة بناء على الاسباب المعلنة لتتضح صورة مروّعة لبلد اعدمت رموزه القيادية وقتل الآلاف من شعبه واغتيل المئات من علمائه ومفكريه ودمّرت بنيته الاساسية ونهبت ثرواته الطبيعية وشوّهت شواهده الحضارية وتراثه الثري بعد ان طالته ايدي المرتزقة واللصوص. لقد اتضح بعد كل هذا الدمار أن معلومات استخباراتية أمريكية خاطئة ادت لما ادت اليه في العراق مما دعا وزير الدفاع الامريكي للاعلان منذ ايام قليلة عند انتهاء المغامرات العسكرية الامريكية غير المحسوبة في العالم والكف عن شن «حروب استباقية».. هكذا! ان الادارة الأمريكية السابقة التي شنت هذه الحرب والتي قد تتواصل لسنوات اخرى رغم ادعاءات الادارة الجديدة بسحب قواتها من العراق في صيف 2010 مع الابقاء على آلاف الجنود هناك بدعوى الاشراف على اعداد وتدريب القوات العراقية قد دفعت هي ايضا الآلاف من شبابها لتنال منه هذه المحرقة كما ان هذه الحرب قد كلفت دافعي الضرائب الامريكيين حوالي 700 مليار دولار لحد الآن.. ومن نتائج هذه الحرب كذلك استشراء ظاهرة الارهاب الدولي الذي اكتوت بناره عديد البلدان وخلف دمارا وخرابا ودماء بعد زعزعة الامن العالمي وتنافس سماسرة بيع الاسلحة على كسب مليارات الدولارات بتوفير اجهزة القتل وسفك الدماء لمن يدفع. وفي ظل تداعيات هذه «الفوضى الخلاقة» برزت للعيان ازمة مالية دولية خانقة ألحقت اضرارا فادحة باقتصاديات الدول الغربية وعصفت بمواطن رزق الملايين من سكان المعمورة وخلفت ظلالا قاتمة على نسق التنمية في جميع الدول مما دفع بعديد الخبراء الامريكيين في شؤون الامن القومي للقول بأن الاهتمام بمجريات الاحداث في العراق في الوقت الراهن اصبح في ذيل اولويات الامريكيين بعد أن اصبح هذا الملف مصدر ارهاق لهم ومثيرا للملل لديهم. ان الحرب في العراق بعد مرور ست سنوات على اندلاعها لم تحقق سوى الدمار في الداخل.. والمساهمة في الانهيار الاقتصادي واستشراء العنف وتكريس ازدواجية المعايير وتشوّه الممارسة الاخلاقية للسياسة الدولية وتراجع مبادئ الشرعية كقيمة حضارية كونية.. في الخارج.. وهو إرث ثقيل من المرجّح ان تكون ضريبته على المدى المنظور عالية جدا.