فوجئ كثير من الساسة في العواصمالغربية بنتائج الانتخابات العامة التي نظمت في تركيا يوم الاحد بمشاركة حوالي 40 مليون ناخب.. ولئن بادر قادة العواصم العالمية بتهنئة رئيس الوزراء التركي بفوز حزبه بالاغلبية للمرة الثانية على التوالي ونوهوا بتصريحاته التي تعهدت باحترام الصبغة العلمانية للدولة ، فان كثيرا منهم تخوفوا على مستقبل تركيا واحتمال بروز توترات داخلية فيها ..باعتبارها من ابرز دول المنطقة واهمها وزنا عسكريا واستراتيجيا واقتصاديا وسياسيا .. ومن بين ما فاجأ «المراقبين» الغربيين مرة أخرى أن نتائج انتخابات تركيا اكدت مجددا قصر رؤيتهم ..وقلة فهمهم لتوجهات الراي العام في العالم العربي والاسلامي ..كما اثبتت ان حساباتهم تبنى غالبا على تقارير مغلوطة ..منقوصة حينا.. ومضخمة حينا آخر .. وفي الوقت الذي كان فيه عدد من الخبراء الاتراك والعرب يقللون من اهمية الوزن الانتخابي «للملايين الذين تظاهروا لمعارضة ترشح رجب الطيب اردوغان ثم عبد الله غول للرئاسة»..، كانت جل وسائل الاعلام الغربية تتوقع «هزيمة ساحقة» لحزب العدالة والتنمية وانتصارا كبيرا لخصمه الرئيسي «حزب الشعب الجمهوري».. لكن من بين مفاجات الانتخابات ان حزب رجب الطيب أردوغان وجه ضربة انتخابية وسياسية لخصومه من خلال دعوته الى تنظيم انتخابات عامة مبكرة ..بهدف الاحتكام الى الشعب في حسم الخلافات مع بعض جنرالات الجيش وحلفائهم .. وكانت الحصيلة أن خصوم حزب العدالة والتنمية لم يحققوا انتصارات ومكاسب تذكر... ففي منطقة إزمير إحدى «معاقل العلمانيين» تساوى عدد المقاعد لكل من حزب العدالة وحزب الشعب الجمهوري المعارض الذي جاء في المرتبة الثانية في هذه الانتخابات وحصل على 20 بالمائة من الاصوات وعلى حوالي 111 مقعدا فقط ...مقابل اكثر من 340 مقعدا لحزب العدالة والتنمية .. أما الحزب الثالث اي حزب «الحركة القومية» الذي حصل على 14 بالمائة من الأصوات وحصد 70 مقعدا.. فهو ابعد ما يكون عن توقعاته ب«احداث المفاجاة» والفوز بالاغلبية المطلقة..؟؟ وبالنسبة للمرشحين المستقلين ونصفهم من الأكراد فقد دخل منهم البرلمان قرابة27 ... ويتوقع ان يكون هؤلاء أو نسبة منهم «حليفا محتملا لحزب العدالة والتنمية الحاكم». وسيسهلون فوز مرشحه للرئاسة.. واقرار « الإصلاحات الدستورية» الواردة في برنامجه الانتخابي وتعيين القضاة في المحكمة الدستورية والمحكمة العليا.. وفي كل الحالات فان تركيا التي اعترضت القيادات الاوروبية طوال عشرات السنين على قبولها في «النادي المسيحي الاوروبي».. ستواجه تحديات اجتماعية واقتصادية وسياسية وامنية كبيرة ..خاصة اذا تمادت قيادة الاتحاد الاوروبي في رفض ادماجها وتمكينها من مساعدات اقتصادية مماثلة لتلك التي قدمتها الى اليونان وقبرص واسبانيا ثم الى بلدان اوروبا الوسطى والشرقية .. وفي كل الحالات فان من مصلحة واشنطن واوروبا وروسيا وايران والدول العربية المحافظة على الامن والاستقرار في تركيا ..لتجنب انتشار نيران الحرب المدمرة التي اضرمت في فلسطين ولبنان والعراق وافغانستان والصومال والسودان ..وتوشك أن تنتشر لتلتهم الاخضر واليابس ..