أشرف السيد البشير التكاري وزير العدل وحقوق الانسان صباح أمس باحد فنادق البحيرة بتونس على افتتاح اشغال الجلسة العامة التأسيسية لغرف عدول الاشهاد التي انعقدت تحت شعار «عدالة الإشهاد: إقلاع وتحديث» وذلك بحضور القضاة السامين وممثلي الاتحاد الدولي لعدول الاشهاد. وبين وزير العدل وحقوق الانسان ان هذه الخطوة الهامة تستكمل تنظيم مهنة عدالة الاشهاد في تونس املا ان يتعزز في اطار هذا الهيكل الجديد التواصل بين مختلف اجيال عدول الاشهاد والارتقاء باداء المهنة والانصهار في المسار الاصلاحي الذي شهده الجهاز القضائي منذ التغيير ودفع من الرئيس زين العابدين بن علي رئيس الجمهورية رئيس المجلس الاعلى للقضاء. واضاف ان مهنة عدالة الاشهاد شهدت تطورا مطردا وقد كانت تونس من اوائل البلدان التي سارعت الى انشاء سلك خاص يتولى توثيق المعاملات بين الافراد وهي مهمة دقيقة ومسؤولية جسيمة تساعد على دعم استقرار المجتمعات والتقليص من النزاعات وتساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية كما ان التوثيق هو ذاكرة المجتمعات التي نعرف من خلالها خصوصيات واساليب التعامل فيها. وقد عرفت عدالة الإشهاد انطلاقة جدية تجسمت في صدور القانون المؤرخ في 23 ماي 1994 الذي نظم شروط الانتداب في المهنة حيث أصبح الترسيم بقائمة عدول الاشهاد مشروطا بالحصول على الأستاذية في العلوم القانونية وبمتابعة تكوين بالمعهد الاعلى للقضاء واجراء تربصات ميدانية لدى مكاتب العدول لاستكمال الخبرة للحصول في الختام على شهادة تأهيل لممارسة المهنة. كما نظم القانون حقوق عدل الاشهاد وواجباته تجاه المتعاملين معه من المتعاقدين وتجاه سلطة الاشراف باعتباره مأمورا عموميا يرجع بالنظر على الوكلاء العامين لمحاكم الاستئناف ويخضع للرقابة المباشرة لوكلاء الجمهورية في الدائرة التي يعمل بها. وقال الوزير ان ما يبعث على الارتياح بلوغ عدد عدول الاشهاد اليوم 941 عدلا منهم حوالي 72% من حاملي الاستاذية في القانون و715 من خريجي المعهد الاعلى للقضاء منذ سنة 1998 وتزايد حضور المرأة ليبلغ 31% مثلما تعزز حضورها في القضاء وفي بقية المهن المساعدة للقضاء وخصوصا المحاماة وعدالة التنفيذ. ولئن تعددت اليوم اوجه توثيق المعاملات وتعددت الجهات المتدخلة فيها، فان دور عدل الاشهاد يظل مهما نظرا لارتباط التوثيق بالقوة الثبوتية للحجج التي يحررها عدول الاشهاد، وقد بادر المشروع الى تنظيم هذه المسألة حيث اعتبر تلك الحجج من الحجج الرسمية واقر مبدأ عدم قابليتها للطعن الا بالزور. كما يتميز عمل عدل الاشهاد عن بقية محرري العقود من خلال ما خصه به القانون من كتائب لا يمكن تلقيها الا من طرفه كالهبة وكفالة القاصر والتنصيص على الرهون برسوم ملكية العقارات غير المسجلة والاتفاق على الاشتراك في الاملاك بين الزوجين. تطوير اساليب العمل واكد السيد البشير التكاري ان الاخذ بناصية التقنيات الحديثة وتعميق المعارف وتطوير اساليب العمل وتكثيف الانشطة العلمية والتكوينية والاطلاع على التجارب الاجنبية والاستفادة منها هي من متطلبات المرحلة الراهنة التي يتسارع فيها نسق التحولات في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وحرصا من الوزراء على دعم عدالة الاشهاد، تم تشريك اهل المهنة في الانشطة والملتقيات التكوينية التي تم تنظيمها في اطار مشروع دعم تعصير الجهاز القضائي. كما ان الحوار الايجابي والمعمق مع مختلف الغرف الجهوية لعدول الاشهاد مكن من المصادقة بتاريخ 22 سبتمبر 2008 على النظام الداخلي للمهنة ليمثل مرحلة جديدة في تاريخها وذلك بتوضيح المبادىء والاخلاقيات التي تقوم عليها المهنة وضبط عمل الغرف الجهوية ومشمولاتها والجلسات العامة العادية والانتخابية وكذلك الجمعية الوطنية التي ستشهد ميلادها في هذه الجلسة العامة. ونوه الوزير بالتعاون القائم مع الغرف الجهوية لعدول الاشهاد الذي تجسم من خلال تركيز فضاء جديد بقصر العدالة بتونس يضمن حفظ دفاتر عدول الاشهاد في احسن الظروف وييسر عملهم خدمة لحرفائهم. وفي اطار العناية بالارشيف شرعت وزارة العدل وحقوق الانسان في نقل الوثائق التاريخية الخاصة بعدول الاشهاد التي يعود تاريخها الى ما قبل سنة 1956 المحفوظة بالمحاكم الى الارشيف الوطني حفاظا على حقوق جميع الاطراف وعلى الذاكرة الوطنية في هذا المجال. واختتم مؤكدا ان دور هياكل المهنة وعلى رأسها الجمعية الوطنية لغرف عدول الاشهاد يبقى اساسيا في هذا المجال لمواصلة نسق التطور الذي عرفته المهنة وضمان التأطير المهني الجيد لعدول الاشهاد وتكريس اشعاعها على المحيط الوطني والدولي.