توجه الرئيس زين العابدين بن علي الى المشاركين في القمة الثانية للدول العربية ودول امريكا الجنوبية المنعقدة أمس الثلاثاء بالدوحة بكلمة في ما يلي نصها: «بسم الله الرحمان الرحيم أصحاب الجلالة والفخامة والسمو أصحاب المعالي حضرات السادة والسيدات يطيب لي ان اتوجه بخالص الشكر والتقدير لصاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني امير دولة قطر الشقيقة لاستضافة بلاده للقمة الثانية للدول العربية ودول امريكا الجنوبية وللجهود القيمة التي بذلتها لتوفير افضل ظروف النجاح لاعمالنا. كما اعرب عن سعادتي بالالتقاء بجمعكم الكريم لمتابعة ما انجزناه منذ انعقاد القمة المشتركة الاولى لدولنا سنة 2005 ببرازيليا مشيدا بما تحقق من خطوات من اجل تنفيذ برامج «اعلان برازيليا» واهدافه وبما لمسناه من حرص على انتظام انعقاد الاجتماعات المشتركة بين دولنا في مختلف مجالات التعاون العربي / الامريكي الجنوبي. ويكتسي اجتماعنا اليوم اهمية خاصة في مسيرة التعاون بين المجموعتين العربية والامريكية الجنوبية من اجل تعزيز جسور الحوار والتقارب والتضامن بيننا وتامين مصالحنا المشتركة في سائر الميادين. واننا على يقين بان هذين القطبين الجغرافيين الكبيرين اللذين اسهما قديما اسهاما بارزا في اثراء التراث الحضاري الانساني قادران اليوم على ان يؤديا دورهما النشيط في خدمة قضايا الامن والسلم والتنمية في العالم. وتمثل القواسم المشتركة التي تجمع بيننا دعامة اساسية لدفع مجالات الحوار والتشاور والتنسيق حول كل القضايا التي تستاثر باهتمام المجموعتين. ونحن نعبر بهذه المناسبة عن ارتياحنا للتفهم والدعم اللذين نجدهما دوما لدى المجموعة الامريكية الجنوبية الصديقة بشان قضايانا العربية الجوهرية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. ونجدد الدعوة الى دول هذه المجموعة لمساندة اكبر للجهود الرامية الى دفع عملية السلام في الشرق الاوسط وتمكين الشعب الفلسطيني الشقيق من استرجاع حقوقه الوطنية المشروعة واقامة دولته المستقلة خدمة للامن والاستقرار لشعوب المنطقة كافة. حضرات السادة والسيدات ان التحديات الجسام التي طرحتها اليوم الازمة المالية العالمية الراهنة على اقتصاديات سائر الدول ولاسيما النامية منها تحتم علينا جميعا العمل على ايجاد افضل السبل للرفع من اداء اقتصادياتنا واكسابها المناعة الكافية لمواجهة التداعيات السلبية المحتملة لهذه الازمة على منطقتينا. وهو ما يتطلب الاسراع بوضع برامج واليات مشتركة للتعاطي مع التقلبات الاقتصادية العالمية بكل وعي واقتدار. وان في تشابه اوضاعنا الاقتصادية وتقارب سياساتنا التنموية وما تتيحه دولنا في الفضاءين العربي والامريكي الجنوبي من فرص وامكانيات ما يحفزنا الى ادخال الحركية المنشودة على التبادل التجاري بين دولنا وعلى تعزيز اندماجنا في الفضاء الاقتصادي العالمي. ونعتقد ان نجاحنا في هذا المجال يتوقف على تنسيق مواقفنا في المحافل الاقتصادية والتجارية الدولية والاستفادة القصوى من الخبرات والكفاءات التي تتوفر عليها دول المجموعتين في قطاعات حيوية على غرار تكنولوجيا الاتصال والمعلومات حتى نتمكن معا من سد الفجوة الرقمية وبناء مجتمعات معلوماتية موجهة للتنمية طبقا لما جاء في اعلان قمة تونس لمجتمع المعلومات سنة 2005. واذ نبارك نتائج المؤتمر المشترك لرجال الاعمال الذي انعقد على هامش قمتنا هذه فاننا ندعو الى تنويع مجالات التعاون بين المنطقتين من خلال دفع الحركة السياحية في الاتجاهين ورفع نسق الاستثمارات في قطاعات واعدة كالنقل والبيئة علاوة على تكثيف تبادل الخبرات وتعزيز التعاون العلمي والتكنولوجي بيننا في مجال تطوير تقنيات الانتاج والتصدير عامة وفي مجال تحقيق الامن المائي والغذائي لبلداننا خاصة. اصحاب الجلالة والفخامة والسمو حضرات السادة والسيدات ان الاوضاع العالمية الراهنة وما يشوبها من اختلالات كبرى في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية والتكنولوجية اصبحت تطرح على سائر المجتمعات تحديات جسيمة العواقب لا تبعث على الارتياح والاطمئنان لاسيما في نفوس الشباب الذين هم في كل بلد الفئة الهشة المعرضة اكثر من سواها لنتائج الظروف المحيطة بهم محليا واقليميا ودوليا. وحريّ بنا اليوم ودولنا العربية والامريكية الجنوبية تبذل جهودا جبارة للالتحاق بركب المناعة والتقدم ان يكون شبابنا في طليعة هذه المرحلة وفي مقدمة قوى التطوير والانجاز. لذلك نرى انه من الحكمة ان نولي شبابنا المزيد من الاحاطة والاهتمام وان نعمق الحوار معهم في كل الميادين وعلى كل المستويات حتى يثقوا بانفسهم وباوطانهم وبعالمهم. وهو ما حاولنا في تونس ان نجسمه في عدة استشارات دورية مع الشباب انتهت الثالثة منها يوم 7 نوفمبر 2008 بصياغة ميثاق شبابي امضته مختلف المنظمات الوطنية المعنية ونخبة من شباب بلادنا. وحرصا منا على تشريك المجموعة الدولية في تعزيز هذا التوجه واثرائه دعونا الى وضع سنة 2010 تحت شعار «السنة الدولية للشباب» وان يعقد خلالها مؤتمر دولي للشباب برعاية منظمة الاممالمتحدة وبالتعاون مع المنظمات الدولية المعنية يشارك فيه الشباب من كل انحاء العالم ويفضي الى اصدار ميثاق دولي يكون هو الرابطة الوثقى التي تشد شباب العالم الى القيم الكونية المشتركة. وفي الختام اعرب عن ثقتي بان قمتنا الثانية هذه ستشكل اضافة نوعية متميزة في العلاقات التي تربط بين الدول العربية ودول امريكا الجنوبية بما يسهم في دعم مجالات التعاون والتكامل والتضامن بين المجموعتين في جميع الميادين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».