يلتئم اليوم الجمعة على الساعة الرابعة مساء، بالنادي الثقافي الطاهر الحداد بتونس العاصمة لقاء حول كتاب "إيقاعات الضوء واللون"، وهو جولة في فضاءات الفنون التشكيلية التونسية تأليف الشاعر احميده الصولي وتقديم الإعلامي حسني رشيد. والكتاب قراءة تتراوح بين السبر التمحيصي لأعماق الحالة الإبداعية، وبين محاولة تفجير الفكرة وتشظيتها إلى أفكار تتدفق أحاسيس ورؤى. وهي في كل تمظهراتها تحمل نفسا استقرائيا خاصا يعتمد التماهي بين الدال والمدلول في سياق يتخذ من السيمياء وسيلته للتفاعل مع الرموز وتفكيكها في لغة سلسة تتسرب في الذهن إيحاءات، وفي الأحاسيس نسمة، وفي الوعي أيقونات ذات دلالات توصل الإنسان بمضارب الإنسانية في تجليها السامي، من خلال أمثلة من صميم الواقع الفني. إنها تأخذ القارئ إلى منابع الحالات الإبداعية، متجاوزة به أطر اللوحات، متغلغلة في صميم الفكرة ، ومعانقة رفيف أطياف الأحاسيس التي أبدعتها، في التحام تعبيري يزاوج بين الكلمة الوصفية عميقة الدلالة، والألوان المتدفقة أحاسيس، بين الوظيفة التعبيرية كلمة وألوانا، والتمريرة السحرية في تدرجها وتلطيخها وتشويهاتها. قراءة تستنطق الكتلة في مختلف مواد تكوينها، من كل وجوهها وفي مختلف تمظهراتها، وتحاور الفسيفساء والألوان والمنسوج ومختلف المواد التي استحالت إلى فن. هي قراءة في البعدين الأفقي تارة والعمودي تارة أخرى، وأحيانا في كليهما معا. تستنطق التجارب من دون أن تحاكيمها، وتحتفي بها من غير أن تغلق عليها آفاق الانطلاق أمام تأويلات أخرى. من هذه التجارب ما قد توقف، ومنها التي تحضر حضور الغياب، ومنها التي استمرت بأنساق مختلفة. لكنها في عمومها، تكتشف مرحلة هامة في الحياة التشكيلية التونسية. مرحلة لا ندعي الإحاطة الكاملة بها، وإنما حاولنا رصد صورتها إجمالا، تلك الصورة التي تعكس أهم مظاهرها. فإذا حالفنا التوفيق فذلك منة من الله، وإن تخللها ما يشوبها، فالنقص شأن بشري، قد يتجاوزه القارئ الحليم الذي يجد العذر لغيره.