«علينا أن نقرأ أنفسنا قراءة جيّدة» على هامش الندوة السنوية لجامعة الدول العربية «الصباح» التقت السيد محمد بن عيسى وزير الخارجية المغربية السابق الذي خصّها بهذا الحوار: "علينا ان نقرا انفسنا قراءة جديدة وقضية الصحراء الغربية واحدة من قضايا كثيرة تعرقل مسيرة الاتحاد المغاربي..." * واحد وعشرون عاما تمر على تاسيس الاتحاد المغاربي ولا يزال العمل المغاربي ابعد ما يكون عن تلبية طموحات واحلام شعوب المنطقة فما المطلوب بلوغ هذا الهدف؟
- نحن بالتاكيد امام واقع ومعاناة حقيقية والخلافات القائمة تبقى السبب في هذا المشهد القائم ونحن مطالبون بان نقرا انفسنا قراءة جديدة ونستفيد من الخصوصيات الكثيرة المتوفرة لمنطقتنا التي تجمع نحو مائة مليون مستهلك تمثل سوق ضخمة بكل المعايير اذ وبالاضافة الى التواصل الجغرافي الذي يجمع منطقتنا من طنجة الى طرابلس وبالاضافة الى وحدة اللغة والدين يتوفر لنا فضاء متكامل طبعا هناك قضية الصحراء الغربية وهي ليست سوى واحدة من قضايا كثيرة عالقة تعطل البناء المغاربي ولذلك فان المطلوب تجذير عنصر الثقة بيننا ولا بد بالتالي ان يتوصل المغرب والجزائر الى صلة للتغلب على الخلاف في قضية الصحراء الغربية واذا لم يتحقق هذا الامر في هذا الجيل فانه سيكون للجيل القادم ولا يمكن لاي كان باستثناء الطرفين تحقيق الحل المطلوب وهذا من شانه ان يفتح الباب واسعا لتفعيل كل القطاعات التكاملية في بناء الاتحاد المغاربي. * انتم اذن متفائلون ازاء مستقبل الاتحاد المغاربي؟ - بدون تفاؤل لا يمكن ان نبقى او نستمر المجتمع المدني في المغرب العربي يعيش تطورا مهما في السياسة والاقتصاد والاعمال والاجتماع هناك اليوم جيل جديد يؤمن بحق الاختلاف والتغيير السلمي وهذا يدعونا للتفاؤل. * وماهي الآليات الكفيلة بتحقيق ذلك وتفعيل دور المجتمع المدني؟ - ليس هناك في الواقع مجتمعا مدنيا مغاربيا بعد هناك محاولات وطروحا او تجمعات على مستوى قطري ولا بد من توسيع موضوع المواطنة في مفهومه وابعاه وهنا اعود الى الزعيم الراحل بورقيبة وفكرته بان بناء المغرب العربي يحتم توسيع مفهوم المواطنة الجغرافية الى الشعبوية والحكومات لا يمكنها وحدها القيام بذلك لا بد اذن من التغلب على المفهوم الضيق للوطنية والنظر الى ابعد من حدودنا المستقبل لاولادنا واحفادنا وهذا طبعا لا ينفي باي حال من الاحوال الخصوصية القطرية لكل بلد والموروثات لكل شعب ايضا هذا امر طبيعي ولو نظرنا الى تجربة الاتحاد الاوروبي لوجدنا انه في فرنسا كما في اسبانيا اختلافات كثيرة بين مكونات الشعبين ولكنهم متحدون في وجود الجمهورية والملكية ولذلك يجب ان نجذر الثقة في بعضنا البعض. ومن هنا وبعد مضي عقدين على تاسيس الاتحاد المغاربي ومها اختلفت المواقف والتحاليل ننتهي الى نقطة الامل باستمرار الاتحاد وتحقيق ما جاءت به معاهدة مراكش والامل كل الامل ان يصبح الاتحاد فضاء تنصهر فيه الطاقات والقدرات البشرية لتقوية الحضور المغاربي اقليميا ودوليا لياتدث باسم دول مسموعة الصوت. * هل يمتلك المجتمع المدني القدرة على تحريك عجلة الاتحاد المغاربي؟ - هذا جزء مما ورد في مداخلتي وهذا هو الامتحان الذي يواجهه الاتحاد المغاربي وما يمكن ان يكسبه من مختلف التجارب والتفكير لقد تعثرت مؤسسة الجامعة العربية وهناك من يشكك في دورها بعد مضي اكثر من نصف قرن على تاسيسها لانها قصرت في تحقيق كل الامال التي عقدت عليها ولكن بدورنا نقول ان الاتحادالاوروبي وغيره من التجارب اعترضتها عراقيل اشد واعقد واستطاعت البقاء والمشاعر العميقة للشعوب لا تختفي ولا تتوقف وان تسكن بعض الوقت وقوة الاتحاد الاوروبي ارتكزت على اسس مادية وعلى روح المصالحة المشتركة لقادتها مما سهل مسيرتها والاتحاد الاوروبي استهوته التجربة الفيدرالية الامريكية التي كانت دوما مسنودة برؤية النخب التي اشاعت وروجت للمجتمع المدني الذي له حسابه اثناء صناعة القرارات الكبرى...