رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    فاتورة استيراد الطاقة لا تطاق .. هل تعود تونس إلى مشروعها النووي؟    في علاقة بالجهاز السرّي واغتيال الشهيد بلعيد... تفاصيل سقوط أخطبوط النهضة    مذكّرات سياسي في «الشروق» (5) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم الصادقية حاضنة المعرفة والعمل الوطني...!    أخبار المال والأعمال    تقديرات بانحسار عجز الميزانية الى 6.6 ٪ من الناتج المحلي    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مزاد دولي يبيع ساعة أغنى راكب ابتلعه الأطلسي مع سفينة تايتنيك    الرابطة الثانية (ج 7 إيابا) قمة مثيرة بين «الجليزة» و«الستيدة»    مانشستر سيتي الانقليزي يهنّئ الترجي والأهلي    ترشح إلى «فينال» رابطة الأبطال وضَمن المونديال ...مبروك للترجي .. مبروك لتونس    فضاءات أغلقت أبوابها وأخرى هجرها روادها .. من يعيد الحياة الى المكتبات العمومية؟    تنديد بمحتوى ''سين وجيم الجنسانية''    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    الكاف..جرحى في حادث مرور..    نبيل عمار يؤكد الحرص على مزيد الارتقاء بالتعاون بين تونس والكامرون    استشهاد خمسة فلسطينيين في قصف لطيران الاحتلال لمناطق وسط وجنوب غزة..#خبر_عاجل    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    ماذا في لقاء وزير الخارجية بنظيره الكاميروني؟    طقس الليلة    تسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لدى اليونسكو: آخر الاستعدادات    بطولة الرابطة 1 (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    البطولة الافريقية للجيدو - ميدالية فضية لعلاء الدين شلبي في وزن -73 كلغ    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    نابل: الاحتفاظ بشخص محكوم بالسجن من أجل "الانتماء إلى تنظيم إرهابي" (الحرس الوطني)    أكثر من 20 ألف طالب تونسي يتابعون دراساتهم في الخارج    التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيدين للفلسطينيين    مواطن يرفع قضية بالصافي سعيد بعد دعوته لتحويل جربة لهونغ كونغ    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    الجزائر تسجل حضورها ب 25 دار نشر وأكثر من 600 عنوان في معرض تونس الدولي للكتاب    المؤرخ الهادي التيمومي في ندوة بمعرض تونس الدولي للكتاب : هناك من يعطي دروسا في التاريخ وهو لم يدرسه مطلقا    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب؟    وزارة التجارة تتخذ اجراءات في قطاع الأعلاف منها التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا    الرابطة 1 ( تفادي النزول - الجولة الثامنة): مواجهات صعبة للنادي البنزرتي واتحاد تطاوين    افتتاح المداولات 31 لطب الأسنان تحت شعار طب الأسنان المتقدم من البحث إلى التطبيق    تضم فتيات قاصرات: تفكيك شبكة دعارة تنشط بتونس الكبرى    يلاحق زوجته داخل محل حلاقة ويشوه وجهها    عاجل/ إصابة وزير الاحتلال بن غفير بجروح بعد انقلاب سيارته    القلعة الصغرى : الإحتفاظ بمروج مخدرات    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    هام/ ترسيم هؤولاء الأعوان الوقتيين بهذه الولايات..    تقلص العجز التجاري الشهري    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    عاجل/ تحذير من أمطار وفيضانات ستجتاح هذه الدولة..    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    التشكيلة المنتظرة للترجي في مواجهة صن داونز    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى إعلان الاتحاد المغاربي: الموجود... والمنشود
نشر في الشروق يوم 17 - 02 - 2010

تحل اليوم الذكرى الحادية والعشرون لتأسيس اتحاد المغرب العربي الذي أعلن عنه من مدينة مراكش المغربية دون أن يتحقق شيء من الوعود التي طالما راودت الشعوب المغاربية بتحويل مشروع المغرب العربي الكبير الى فعل تاريخي قادر على تعزيز مقومات التنمية في الاقطار المغاربية.
فرغم المعطيات الجغرافية والتاريخية والثقافية العامة التي صنعت مشروع الاتحاد وحلمه فإن ضغوط الواقع في أبعاده المختلفة وخاصة في بعده السياسي قد كرس واقع الحال القائم بين أقطار المغرب العربي 21 سنة بالتمام والكمال مضت على إعلان قيام الاتحاد المغاربي وهي مدة بمقياس الزمن كانت كافية بالتأكيد لفحص حصيلة هذا التجمع الاقليمي الذي رافقت لحظة تأسيسه آمال وأحلام كبيرة وعقدت عليه تطلعات كبيرة يشعر المغاربيون اليوم بقدر كبير من خيبة الأمل بسبب عدم تحقيقها... فإذا استثنينا الهيكلة أي وضع مؤسسات الاتحاد وتنصيبها وإبرام 36 اتفاقية معظمها لم يحظ بالتصديق وعقد ست دورات لمجلس الرئاسة كان آخرها عام 1994 واجتماعات المجالس الوزارية واللجان الفنية المتخصصة فإن الأهداف الكبرى والاستراتيجيات المرسومة لتنفيذها مازالت تراوح مكانها مما بات يبعث على الحيرة وربما على الخوف على مصير هذا المشروع الحلم... والخوف من أن يتحول هذا الحلم المشروع من فكرة... الى مجرد ذكرى....
«الشروق» تفتح في هذا العدد الجديد من الملف السياسي موضوع الاتحاد المغاربي وتبحث في أسباب تعطله وسبل دفعه وذلك بمساهمة مجموعة من المحللين والكتاب المغاربيين وهم السادة:
الحبيب سليم (أستاذ متميز بالجامعة التونسية وخبير في العلاقات الدولية)
علي الدلالي (محلل سياسي ليبي ومدير المكتب الاقليمي لوكالة أنباء عموم افريقيا)
رشيد ياسي (عضو لجنة الشؤون الخارجية والتعاون بالجزائر)
عمر الطيبي (محلل سياسي مغربي وكاتب متتبع للشؤون المغاربية)
يوسف با (محلل سياسي موريتاني)
عبد المجيد الصحراوي (الأمين العام المساعد للاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي المكلف بالاعلام)
اعداد: النوري الصل
رشيد ياسي (الجزائر): تونس والجزائر قاطرة للاتحاد المغاربي... لمَ لا؟
تونس (الشروق):
اعتبر السيد رشيد ياسي، عضو لجنة الشؤون الخارجية والتعاون بالجزائر في حديث ل «الشروق» عبر الهاتف أن العمل على المستوى المغاربي مازال معطلا وأن بعض العلاقات البينية لم تنجح في إذابة الجليد وتسوية بعض المشاكل العالقة التي تقف في مقدمتها قضية الصحراء الغربية وأكد السيد رشيد ياسي في هذا الصدد أن العلاقات القائمة اليوم بين تونس والجزائر تشكل نموذجا يحتذي به بين مختلف الدول المغاربية معتبرا أن هذين البلدين يمكن أن شكلا قاطرة لدفع العمل المغاربي وإعادة إحياء اتحاد المغرب العربي.... كما أعرب السياسي الجزائري عن أمله في أن تتطور العلاقة بين بلاده والمغرب لما فيه المصلحة المغاربية المشتركة....
وأضاف نتمنى أن تكون الشعوب هي الدافع الى اللحمة والدافع الى التكامل بين مختلف دول المغرب العربي مشددا على أن مغرب الشعوب يبقى هو الخيار الأفضل في هذه المرحلة من أجل إعادة الدفء الى العمل المغاربي.... وتابع وإن المطلوب هو أن نساهم كل من موقعه... كمجتمع مدني وكنواب في البرلمان وكشعوب في تعزيز العلاقات بين الدول المغاربية مؤكدا أن مغرب الشعوب هو الأساس وهو الاتجاه الصحيح الذي يمكن أن يعيد الحياة الى الصرح المغاربي...
الحبيب سليم (تونس): الاتحاد المغاربي في حالة شلل .. والتقارب الاقتصادي والسياسي هو الحل
تونس - الشروق- (حوار أمين بن مسعود)
«أكد الأستاذ الحبيب سليم الخبير في العلاقات الدولية ان المغرب العربي يعيش حالة شلل تحول دون استثمار رجال الأعمال الأجانب في المنطقة المغاربية.
وأشار في حوار مع «الشروق» الى أن كل دول المغرب العربي خاسرة من واقع «اللامغرب» معتبرا ان الجمع بين المستويين الاقتصادي والاجتماعي يمثل قاطرة الاتحاد والتوافق بين الدول المغاربية.
ووصف المحلل السياسي حالة المغرب العربي الكبير بالجامدة وبغير المرتبطة لا من قريب ولا من بعيد بالتوجه الدولي الراهن القائم على التكتلات وبمسار العولمة القاضي بأن القوي ذا المقدرات الاقتصادية والاجتماعية والفنية هو الذي يفرض شروطه على الضعيف.
وعبر عن تأسفه من عدم اعتبار الدول المغاربية من النماذج الموجودة ومن عدم ايلائها اهميته للسوق المغاربية المشتركة.
مستشهدا بما ذكرته دراسة للبنك الدولي ان كل دول المغرب العربي خاسرة في حالة «اللامغرب» وأن الدول المغاربية كان بامكانها ان تزيد نقطتين في تنميتها المباشرة وثلاث نقاط في تنميتها غير المباشرة في حالة أقرت السوق المشتركة.
وأضاف ان هذه الحالة المتردية لا تشجع المستثمرين الأجانب للاستثمار في المغرب العربي الذي يعيش حالة شلل كاملة.
أسباب الركود
واعتبر الأستاذ الحبيب سليم أنه في عام 1989 كانت الفكرة الاتحادية المغاربية مستندة الى الرغبة السياسية غير ان هذا الخيار بدوره فشل.
ورأى أنه بالامكان الجمع بين المستوى السياسي والعامل الاقتصادي فالسياسي يدعم المبادرات الاقتصادية ويؤطرها بينما يسند الجانب الاقتصادي والعلاقات السياسية ويقودها حتى وان طرأت على المستوى السياسي أزمات فإن القاعدة الاقتصادية تبقى راسخة .. وهو جوهر منظومة عمل الاتحاد الأوروبي.
شراكات فاعلة .. ولكن
وفي تقييمه لعمل المبادرات الأورومتوسطية في مجال دفع العمل المغاربي المشترك أثنى الأستاذ المتميز بهذه الشراكات بين ضفتي البحر المتوسط معتبرا اياها ايجابية ومساهمة في تأهيل اقتصاد تونس على الأقل وجعله أكثر تنافسيا ليس فقط في أوروبا وانما العالم أجمع مستدركا بأن النتائج كان بالامكان ان تكون أكثر ايجابية في حال فاوضت الدول المغاربية التجمع الأوروبي كتكتل موحد له رؤية استراتيجية مشتركة وليس كدول منفردة.
وفي تعليقه على دعوات صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة المتكررة الى توحيد المغرب العربي والى تحول هذا المطلب الى مطلب خارجي بشروط أجنبية قال سليم ان الواقع الدولي لا يعترف سوى بمنطق التكتلات وان مصير الاتحاد المغاربي هو التفاعل مع هذه الاتحادات الذي يعد أفضل من بقائنا في هذه الحالة المتردية وأكد ان التحديات المغاربية المشتركة (البطالة الهجرة السرية، مكافحة الارهاب، الأزمة المالية) هي عوامل ايجابية ولكنها تبقى غير كافية لتفعيل العمل المغاربي، مشددا على قيمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للحيلولة دون تفشي البطالة والهجرة غير الشرعية.
آفاق
ولدى تناوله آفاق المغرب الكبير عبّر الأستاذ حبيب سليم عن تشاؤمه من امكانية تحقيق الاتحاد الفعلي بين دول المغرب العربي مشيرا الى ان السوق الاقتصادية المشتركة والعملة الموحدة قادرتان على تشكيل وحدة سياسية مؤكدا في ذات الوقت أن الاتحاد الأوروبي نجح في مسعاه التوحيدي نظرا لانه مشى على رجلي الاقتصاد والسياسة معا وهذا ما لا يتوفر برأيه في الفضاء المغاربي اليوم.
أ. علي الدلالي (ليبيا): الاتحاد المغاربي في «الثلاجة»... والمشكلة في القرار السياسي
تونس (الشروق):
أبدى المحلل السياسي الليبي السيد علي الدلالي في حديث ل «الشروق» عبر الهاتف من طرابلس أسفه حيال الوضع الذي آل إليه واقع العمل المغاربي المشترك على مختلف المستويات محمّلا الحكومات المغاربية مسؤولية الاخفاق في بناء المشروع الاتحادي المغاربي.
وقال السيد علي الدلالي: «إن هذا الاتحاد كان أملا تاريخيا يراود كل الشعوب المغاربية وقد تحقق هذا الأمل بعد قمة الجزائر غير ان الظروف الخاصة بالمنطقة جعلت هذا الحلم يتبدد وجعلت الشعوب المغاربية تفقد الأمل».
ووصف المحلل السياسي الليبي المشاكل التي تقف أمام استكمال المشروع الوحدوي للاتحاد المغاربي بأنها مشاكل تكاد تكون في بعض جوانبها مفتعلة.
وتابع: إنه لشيء مؤسف فمع أن اللغة واحدة والدين واحد والتاريخ واحد وحتى الملامح البشرية واحدة فإن التبادل التجاري بين الدول المغاربية لم يرق الى المستوى المأمول.
وأضاف: «إن ما نشهده قد لا يصدقه عقل حيث هناك موارد بشرية وكوادر وإمكانيات للزراعة وظروف التكامل والاندماج موجودة ولكن المشكلة تكمن في القرار السياسي..
وأوضح ان المطلوب اليوم ان يدرك اصحاب القرار السياسي ان زمن الدول الوطنية قد انتهى وأن مقوّمات الدولة الوطنية قد انتهت .
وتساءل السيد علي الدلالي بشيء من الحرقة عن السبب الذي يحول دون تعزيز العمل المغاربي ودون توظيف العقول المغاربية الموجودة بأوروبا في دفع العمل المغاربي المشترك.
وتابع: «الحالة للاسف الشديد تدعو اليوم الى الإحباط.. فنحن لنا نفس الهموم وحتى نفس الاحلام وأفراحنا تكاد تكون واحدة... فلماذا إذن كل تلك الحواجز بين الاتحاد المغاربي وشدّد على أنه من غير المنطقي والمعقول ان يستمرّ الوضع المغاربي على هذه الحال من التراجع والضعف رغم توافر كل امكانات النجاح والنهوض من الموقع الاستراتيجي الى المواد البشرية والموارد الاقتصادية لتحقيق التكامل الاقتصادي بين مختلف الدول المغاربية.
وأكد ان الاتحاد المغاربي يقبع اليوم في «الثلاجة» وأن هناك فواتير محمّلة على الأجيال القادمة لكنه شدد على ان تعطيل هذا الاتحاد يظل أمرا غير مبرر بالمرة بالنظر الى التكتلات القائمة حولنا مؤكدا ان لا مخرج لنا الا بإعلان الاتحاد المغاربي.
وأضاف متحدثا بشيء من المرارة «نحن اليوم حتى وإن كنا متحدين فإننا لا نستطيع بالكاد ان ننافس هذه الدول والفضاءات الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي...
أ. عمر الطيبي (المغرب): ضرورة حتمية... والمسؤولية جماعية
تونس (الشروق):
أكد المحلل السياسي المغربي السيد عمر الطيبي في حديث خص به «الشروق» عبر الهاتف أن العمل المغاربي مازال دون المستوى المأمول مشيرا الى أنه على الرغم من مرور 21 عاما على تأسيس الاتحاد المغاربي فإن الحصيلة تكاد تكون لا شيء على كل المستويات... ولاحظ السيد عمر الطيبي أن هناك مجموعة من العوائق تقف أمام نهوض الكيان المغاربي مشددا على أن هذه العوائق هي في معظمها سياسية بحتة لكن ذلك لا ينفي كما يضيف مسؤولية الأطراف الأخرى في هذا الوضع الذي يشهده العمل المغاربي اليوم.
وأوضح في هذا الإطار أنه رغم هذا الوضع الصعب الذي يمر به الاتحاد المغاربي فإن الأماني والآمال تبقى مستمرة مؤكدا على أن هذا الاتحاد هو ضرورة حتمية وليس خيارا كماليا.
وتابع إذا أردنا الاستمرار في العالم اليوم كدول تحافظ على هويتها فإنه لا بديل لنا عن الاتحاد المغاربي مضيفا «إننا محتاجون الى بعضنا البعض للحفاظ على هويتنا ولتحقيق تقدمنا وللتصالح مع أنفسنا...»
ولاحظ المحلل السياسي المغربي في معرض إجابته عن أسئلة «الشروق» أن هناك نقاط ضوء في المشهد المغاربي مثل قناة «نسمة» المغاربية وكذلك قناة «ميديا 1 سات» والاحتفاء الأخير بمحيي الدين زكريا مضيفا أن هذه مؤشرات تؤكد أن شعوبنا مازالت تحافظ على جذوة الأمل في بناء مغرب عربي كبير...
وشدد في هذا الاطار على أن دور الاعلام يبقى أساسيا من أجل دفع القطار المغاربي داعيا وسائل الاعلام المغاربية الى تجنب الشحن السياسي وتجنب المس بثوابت الدول المغاربية والتركيز بدلا من ذلك على إبراز الايجابيات وماهو مشترك... كما دعا في هذا الصدد الى إحداث نشرات يومية مغاربية والتذكير بالتطلعات والطموحات المغاربية.
وفي رده عن سؤال حول دور المثقفين في بناء الاتحاد المغاربي أوضح أن دور المتقف اليوم توضيح الطريق والقيام ببحوث وتنظيم لقاءات ومؤتمرات داعيا الى تشكيل قناة فكرية مغاربية متسائلا كيف أن اللقاءات بين المثقفين المغاربيين تكاد تكون منعدمة المستوى الأدبي والفكري والتوجيه والبحث العلمي.
كما حث السيد عمر الطيبي المجتمع المدني على تفعيل دوره في دفع العمل المغاربي وبناء الصرح المغاربي مشيرا الى أن المجتمع المدني يمكن أن يشتغل على المدى المتوسط والبعيد لترسيخ عمله في الوجدان المغاربي والتغلب على الضغوطات القائمة وفي ما يتعلق بالجانب الاقتصادي أكد المحلل السياسي المغربي أن الظرف الاقتصادي العالمي القائم اليوم خاصة في ضوء الأزمة المالية العاصفة ورياح العولمة العاتية تزداد الضرورة إلحاحا من أجل والتشديد على ضرورة أن يكون العمل شاملا حتى تتغلب على العوائق القائمة داعيا الى عدم اليأس والى ضرورة التحلي بطول النفس وبتحديد رؤية موحدة يكون فيها العمل من أجل استنهاض اتحاد المغرب العربي...
عبد المجيد الصحراوي يكتب: كلفة اللامغرب... فاقت الحدود
تونس (الشروق) :
منذ أكثر من ستين سنة قال حشاد قولته الشهيرة «إن شعب شمال افريقيا لا يريد أن يسجن نفسه في حدود ضيقة من الوطنية المحدودة».
ومنذ نصف قرن أعلن رواد الحركة الوطنية والنقابية في اجتماعات طنجة الشهيرة سنة 1958 أنه لا خيار غير اقامة صرح المغرب العربي الكبير.
وسجلت على امتداد الستينات والسبعينات محاولات جادة لمد جسور التقارب والتعاون، وكان للمرحوم الزعيم النقابي الحبيب عاشور دور بارز حفظه له التاريخ.
وكانت الذكرى العاشرة لرحيله مناسبة حرص من خلالها الاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي على ابراز البعد المغاربي في مسيرة الراحل.
ومع نهاية الثمانينات توجت المساعي التوحيدية بالاعلان عن الاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي في ديسمبر 1989 اي بعد بضعة أشهر من تأسيس اتحاد المغرب العربي في السابع عشر من فيفري 1989.
ونحن في الاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي نعتبر أنه ما كان لتلك المسيرة التي تحمّسنا لها كثيرا ان تتعثر في بداية الطريق لو توفرت الارادة السياسية الثابتة والقوية.
فهل يعقل ان تتعطل هياكل الاتحاد المغاربي منذ منتصف التسعينات، على مستوى الرئاسة خاصة، في حين انه كان من المفروض ان تكون اجتماعات القادة دورية؟ ثم هل يعقل ان تبقى الاتفاقيات المبرمة دون متابع وتفعيل؟ فأين نحن من الشعار الذي رفع في بداية التسعينات من أجل حرية تنقل الاشخاص والسلع بين الأقطار المغاربية؟
إن الاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي اذ يسجل انشغاله ازاء الجمود الذي اعترى المسيرة المغاربية فإنه يعتبر أنه في الامكان تدارك ما فات اذا تعلقت همتنا جميعا بتغليب عوامل الوحدة والتكامل على عوامل الفرقة والاحباط.
إن تكلفة اللامغرب عربي فاقت الحدود، وشعوبنا هي التي تدفع الثمن، وشبابنا بالأساس من حقه ان يجد في الفضاء المغاربي المتسع الكافي بدل الهجرة السرية وغير السرية، اذ كلنا يعلم ان أوروبا أصبحت تستقطب خيرة أبنائنا المتعلمين مع غلق الأبواب في وجه غيرهم ممن لا مؤهلات لهم ولا مهارات.
ودون تهويل نكرر القول ان الكلفة الباهظة لحالة اللامغرب العربي أصبحت تحتّم صحوة جماعية من قبل أصحاب القرار.
ولابد من التأكيد هنا على أهمية الدور الذي يمكن ان تضطلع به مكوّنات المجتمع المدني في تحريك السواكن وتفعيل ارادة التعاون والتكامل، ونسجل كهيكل نقابي مغاربي الخطوة التي أقدم عليها الصناعيون والتجار والفلاحون بتكوين هيكلين متخصصين، وبمثل هذه الروح الايجابية يمكن تخطي حالة الجمود والاسراع في التجسيم الفعلي لكيان مغاربي منسجم ومتكامل ريثما يأتي اليوم الذي يتجسّم فيه حلم الرواد، بإقامة صرح المغرب العربي الكبير الموحد.
محلّل سياسي موريتاني يكتب ل «الشروق»: طموح الشعوب... والواقع الجيو سياسي
بقلم: يوسف با
تحتفل شعوب المغربي العربي اليوم بالذكرى ال21 لتأسيس هذا التجمع الإقليمي الهام في ضوء التكتلات العالمية الكبرى التي يشهدها العالم اليوم.
ويجمع صناع القرار في هذا الفضاء على الأهمية الإستراتيجية الكبرى لهذا الإتحاد نظرا لما يجمع شعوبه من وحدة جغرافية وثقافية ودينية ونظرا لما يمثله من وسيلة لتلبية مطامح هذه الشعوب.
وقد عقد قادة دول هذا الإتحاد لدى إطلاقه طموحات كبيرة للاندماج وخاصة من خلال إصدار بطاقة هوية مغاربية موحدة لتسهيل حركة مواطني هذا التجمع الإقليمي ومد جسور التواصل بين هذه الشعوب قبل أن تصطدم هذه الطموحات والآمال بعدم ترجمة هذه القرارات على أرض الواقع بسبب التأجيل المتواصل لاتخاذ مثل هذه القرارات العملية التي من شأنها تحقيق هذه المطالب.
ورغم ذلك وأمام ضغوطات مطالب الشعوب المغاربية في تحقيق الاندماج واشتراطات العولمة والتغيرات الكبرى على الساحة الجيوسياسية واصل قادة دول إتحاد المغرب العربي العمل على مستوى اجتماعات وزرائه ولجان متخصصة وفرعية.
وفي هذا الإطار تم التنسيق بين مختلف الهياكل المسؤولة على مختلف الأصعدة الزراعية والصحية والمصرفية والثقافية التي تم بموجبها طرح فكرة بعث منطقة تبادل حر مغاربية وربط دول الإتحاد بشبكة طرق وسكك حديدية وفتح خطوط بحرية وجوية بين الدول الأعضاء.
ويعتبر اتفاق وزراء خارجية دول إتحاد المغربي العربي في اجتماعهم بالعاصمة الليبية طرابلس في الدورة 29 للمجلس التنفيذي يوم 29 ديسمبر 2009 على تشكيل مجموعة اقتصادية مغاربية وتفعيلها وإطلاق المصرف المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية الذي سيتخذ من تونس مقرا له على طريق إنشاء سوق مغاربية موحدة من أهم إنجازات هذا التجمع الإقليمي.
ويجمع المراقبون على أن هذه الإنجازات الملموسة تبقى تحت سقف طموح الشعوب المغاربية والإرادة التي كانت تحدوهم وتدفع القادة عند إنشاء إتحاد المغرب العربي.
معلوم أن عدم اجتماع قادة دول الإتحاد على مستوى القمة منذ 1994 تاريخ غلق الجزائر لحدودها مع المغرب وتسوية الخلافات بينهما وخاصة قضية الصحراء الغربية أثر بشكل كبير وأساسي على عملية الاندماج المغاربي.
ولم يعد يخفى على أحد أن قضية الصحراء الغربية هي السبب الرئيسي في حالة الجمود والتأخير في تنفيذ مشروع الاندماج بين الدول المغاربية.
وأمام ما تواجهه المنطقة من تحديات كبرى وخاصة غياب الأمن على الحدود والإرهاب وتجارة المخدرات والهجرة غير الشرعية والأمراض مثل «السيدا» وأنفلونزا الخنازير إضافة إلى متطلبات العولمة التي تفرض اليوم تشكيل التكتلات والفضاءات وهي عوامل تحتم على دول إتحاد المغرب العربي التوحد وتعزيز اندماجها فإنه على قادة الدول الأعضاء بالإتحاد العمل بإخلاص من أجل إصلاح هذا الوضع وتجاوز خلافاتهم من خلال التفكير في رؤية مستقبلية شاملة تأخذ بعين الإعتبار تطلعات سكان هذا الفضاء الجغرافي ومصالحهم.
ومن الضروري على القادة المغاربة في هذا الصدد الإستلهام من النموذج الأوروبي الذي نجح مع مرور الوقت في تنمية عمليته الإندماجية من خلال إعطاء الأولوية للمصالح الجماعية والمشتركة على حساب المصالح الضيقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.