افتقار لأبسط المقومات.. فأين برنامج التأهيل؟ تونس الصباح: وأنت تستعد للدخول الى السوق البلدي بالحفصية ومنذ البداية وانطلاقا من معاينة الحالة الخارجية للمكان والوضع الذي يبدو عليه المدخل الرئيسي للسوق، لا يمكنك أن تتبين أن ذلك المكان هو سوق بلدي تعرض داخله مواد استهلاكية من الخضر والغلال واللحوم.. حيث يبدو المكان للوهلة الأولى أشبه ببناية قديمة يتخيل لك أنها دون مبالغة في شيء مصب فضلات أو خردة.. تتوضح بل وتتأكد أكثر هذه الصورة الأولية التي ارتسمت في ذهنك عندما تدخل الى الفضاء الداخلي للسوق، بل لنقل ما يسمى سوقا بلدية بالحفصية، لأن المكان يفتقر الى أبسط المقومات الضرورية لا تسمح لانطلاق هذه التسمية على المكان.. يفتقر الفضاء الى الانارة اللازمة وتنتشر أكوام النفايات والأكياس في كل مكان، وتتدلى خيوط العكنبوت من أعمدة السقف.. توجهنا الى أحد الباعة (بشير) كان منهمكا في ترصيف بضاعته، فسألناه عن تقييمه للوضع الحالي للسوق، فأجاب بعبارة واحدة «دون تعليق»، وأضاف أنه يشتغل في السوق البلدي بالحفصية منذ ما يزيد عن 50 سنة لم يشهد خلالها المكان أي تدخل للصيانة أو التعهد.. حالة مزرية من جهته أشار بن عيسى (بائع خضر وغلال) أن السوق البلدي بالحفصية أصبح اليوم في حالة مزرية نتيجة الاهمال وعدم الصيانة، وقال محدثنا أن السوق كان في السابق من أحسن الأسواق وأهمها وسط العاصمة، ويشهد اقبالا كثيفا، لكن اليوم تغيرت الأمور.. يجمع الباعة المنتصبون بالمكان أن الحالة السيئة للسوق أثرت على نسبة الاقبال وبالتالي على دخلهم المادي. ويقول في هذا السياق عربي (صاحب محل جزارة) أن المواطن اليوم يبحث عن الجودة وفضاءات العرض اللائقة والصحية، وهي عناصر لا تتوفر في السوق البلدي بالحفصية الذي مازال سقفه «بالزنك» والعرض يتم بطرق تقليدية لم تعد تروق للمستهلك اليوم الذي تعوّد على رفاهية الفضاءات الكبرى، وهو ما يجعله يهجر السوق.. أين وعود التأهيل؟ يتساءل بدوره عبد الحميد (صاحب محل بيع دجاج) عن أسباب هذا الاهمال من طرف البلدية وعدم تدخلها الى الآن لايجاد حل لوضعية السوق التي لم تعد تحتمل التأجيل. ويضيف محدثنا أن البلدية تخلت حتى عن القيام بأعمال التنظيف اليومية لرفع الفضلات ومخلفات السوق.. ويقول عبد الحميد أنه ينتصب في السوق منذ سنة 78 وأنه استمع الى موضوع تأهيل السوق أكثر من مرة، والى حد الآن ظلت مجرد وعود.. تذمر المستهلك أيضا تذمر أيضا العايش (مستهلك) من وضع السوق البلدي بالحفصية الذي اعتبره لا يليق بالعاصمة وهو نشاز في نظره مقارنة بالفضاءات الكبرى وببعض الأسواق الأخرى المحيطة به وخاصة بعد أن تم تأهيل السوق المركزي بالعاصمة.. من جهتها أكدت جميلة أنها تتزود من السوق بحاجياتها من الخضر والغلال واللحوم بحكم قرب السوق من محل سكناها.. لكنها تعتبر المكان غير لائق ولا يصلح لعرض مواد استهلاكية مثل الخضر والغلال واللحوم والدواجن من المفروض أنها تتطلب ظروفا صحية ودرجات حرارية محددة لحفظها حفاظا على صحة المواطن.. لكن الوضع الحالي للسوق لا يضمن هذه المقومات الصحية.. في السياق ذاته قالت نجاة أن سبب خيوط العنكبوت المتدلية من السقف وتحول المكان الى برك من الماء عند نزول الامطار والروائح الكريهة المنبعثة من أكوام الفضلات تجعلها تشمئز من المكان، كما تجعلها تتساءل ايضا لماذا يترك سوق وسط العاصمة بهذه الحالة؟ مشكل تمويل توجهنا بالسؤال الى مصالح بلدية تونس التي أكدت أنها على علم بتردي أوضاع السوق البلدي بالحفصية ولم تخف هذه المصادر أن وضعية السوق الحالية لا تحتمل التأجيل، بل وتضيف أن السوق موجود على رأس قائمة الأسواق البلدية ذات الأولوية من حيث التأهيل والصيانة الى جانب أسواق أخرى على غرار سوق الملاسين وسوق جبل الجلود وسوق جبل الأحمر.. لكن المشكل في عدم تنفيذ برنامج التأهيل يعود بالأساس الى عدم توفر التمويلات الضرورية للقيام بأشغال التأهيل.. ووفقا للمصدر ذاته لاتزال المصالح المعنية بصدد البحث عن التمويلات لاسيما أن الشروط الجديدة المطلوب توفرها في الأسواق ضمن برنامج تأهيل مسالك التوزيع، أصبحت تتطلب تمويلات كبيرة قد لا تكون المصالح البلدية قادرة دائما على توفيرها.