لا للصراعات والتكتّلات والانفراد بالرأي في التسيير.. ولا للتفصّي من المسؤولية والهروب من المواجهة عند النكسات ليت المكتب الجديد يعلن القطيعة مع التصورات التي جعلت من الجامعة نقابة للأندية لا بد من تطهير الوضعية المالية للأندية وتحديد الأولويات وفق استراتيجية واضحة تحمل مسؤوليات عديدة في صلب الترجي الرياضي التونسي من رئيس فرع كرة القدم ونائب رئيس ضمن الهيئة المديرة مرورا بخطة كاتب عام. انه فتحي فارح الذي ظل كما عهدناه يتابع ما يجري على الساحة الرياضية باهتمام بالغ، وها هو من خلال هذا الحوار يعبر عن انطباعاته الذاتية التي يحرص على تأكيد صبغتها الشخصية معربا في الان نفسه عن امله في ان تساهم هذه الآراء في بلورة بعض المسائل علها تمثل حافزا لتنشيط المشهد الرياضي وتعديل عمل المجموعة في صلب هياكلنا الرياضية واليكم فحوى الحوار: س: ما هي انطباعاتك بخصوص المكتب الجامعي الجديد؟ ج: اهنئ اعضاء المكتب الجامعي المنتخبين حديثا والذين تجمعني بعدد منهم علاقة صداقة واخص بالذكر الطاهر صيود المعروف بنزاهته ومستواه الفكري المرموق..، انه امر مطمئن بالنسبة الى مستقبل كرة القدم شرط ان نمهل المكتب الجديد الوقت الضروري لتذليل عديد الاشكاليات العالقة. التحدي، في نظري، يتمثل في الحاجة الى كفاءات في مجال ادارة المسائل ذات الصلة بأولويات الجامعة مصالح النوادي التي قد تكون حينا متقاربة لكنها غالبا ما تكون متباعدة. س: وما هي امانيك التي تتطلع ان تراها مجسدة؟ ج: أتطلع الى ان ارى المكتب التنفيذي الجديد يعلن القطيعة الابدية مع ذلك التصور المغلوط لفكرة «الجامعة نقابة النوادي»، مما يكلفها عناءا ووقتا كثيرا لمعالجة تشكيات الاندية وتذمراتها غير الموضوعية بل المتعصبة بشأن الاجراءات التأديبية المتخذة ازاء اللاعبين او بخصوص تعيينات الحكام. لا ينبغي للشجرة ان تحجب الغابة، فهذه الاحتجاجات العقيمة من شأنها ان تشغل الناس بل الرأي العام الرياضي لتفضي في النهاية بطرق فيها كثير من الشعوذة الى تسوية عرجاء تكون على حساب الاسئلة المحورية الحارقة التي تتصل بتطوير كرة القدم في بلادنا على غرار هذه النقاط التي اعتبرها هامة: تحديد الهدف الاسمى لكرة القدم خلال العقود القادمة المنتخب الوطني تعصير القوانين تطهير الوضعية المادية لنوادينا التي تشكل الخلايا الاساسية لكرة القدم، وهي التي تواجه اليوم متطلبات كرة القدم المحترفة التكوين المستمر للاجيال الجديدة التي يؤثثها اللاعبون الشبان اعادة تحديد المفاهيم بخصوص اختصاصات الادارة الفنية الوطنية التأهيل المادي والمعنوي لقطاع التحكيم تكوين المكونين س: اذن، ما هي في رأيك نقاط الاستدلال المهيئة لرفع تحدي الاحتراف ضمن نوادينا؟ ج: تضطلع نوادينا المحترفة بدور محوري في اعداد اللاعبين القادرين على رفع حجم مسابقاتنا الوطنية والقارية ومستواها بل الحفاظ على النسق الذي تتطلبه التظاهرات الدولية الكبرى التي يشارك فيها منتخبنا الوطني. ومن اجل تحقيق المعادلة الصعبة ينبغي على نوادينا ان تطور ممارسة الرياضة وترفع عدد المنخرطين في صلبها وتسعى دائما الى تكوين اللاعبين والمؤطرين وتحقيق نتائج مرجوة اضافة الى جلب المستشهرين ووسائل الاعلام واخيرا استمالة انظار الممولين والاستجابة الى تطلعاتهم. ومن اجل بلوغ الاهداف المضبوطة ليس بيد النوادي الا ان تقر اختيارات واضحة. س: عن اية اختيارات تتحدث؟ اولا، هناك اختيار جوهري بشأن المهمة الحقيقية لجمعية رياضية..، فرقنا مطالبة بتحقيق نتائج طيبة لكن دوها يتمثل ايضا في تكوين رياضيين قادرين على المنافسة يتغذون من قيم المواطنة، خلاّقين وقادرين على التكيف مع الوضعيات الجديدة للعالم الرياضي المحترف. لابد، بعد ذلك، من اختيار بخصوص طريقة تسيير النادي فلا مفر من تخيير احدى الطريقتين: التعاونية او الخلافية.. فالاستراتيجية التعاونية تتمثل في منح الثقة لكل القوى الحية في النادي بارساء عمل حقيقي للمجموعة وعقد اجتماعات منتظمة للهيئات المكونة للفريق واعلام اعضائه بمختلف الاجراءات والمناقشات المتصلة بانتدابات اللاعبين واعفاء المدربين ومختلف المصاريف الهامة المدفوعة باسم الفريق.. اضافة الى ذلك يقتضي العمل التعاوني البحث عن حلول لمشاكل التصرف في النادي دون الاصرار على التشبث بالخطإ، ويقتضي ذلك القيام باقتراحات متماسكة مبررة بدراسات الخبراء وآرائهم لا ان تكون مرتجلة يقتضيها الظرف او من اجل تجنب غضب الجماهير، وكذلك تشجيع الحوار والتشاور والتخطيط بشكل عام. اخيرا، هناك اختيار اخلاقي، فما يهدد اسس النوادي هو هذا التصرف الغامض بل المتناقض الذي يتمثل بالنسبة الى ادارة النادي في احتكار سلطة التسيير والاستئثار بها ثم التصرف بشكل غير مسؤول حين تجد المشاكل الحقيقية التي تعطل عجلة الفريق، انه الهروب من المواجهة وفق هذا المبدأ: «اذا سارت الامور على ما يرام فأنا من حقق ذلك اما اذا جرت الرياح بغير ذلك فهي مسؤولية الاخرين..»؟! من الثابت انه لابد من تأمين مداخيل مادية تتناسب وحجم النادي دون السقوط في تملك الفريق من قبل اشخاص ميسوري الحال تكاد تنحصر خصالهم في صورتهم المادية، وبالتوزي مع ذلك لابد من احترام الانضباط في صلب النادي وتهيئة الروح الرياضية في الملاعب. س: وهل تطبق نوادينا هذه المبادئ الاساسية؟ ج: ليست كلها، فبعضها يميل الى اسلوب في التصرف خلافي تميزه المواجهات والشكوك والنوايا السيئة وهذا الاسلوب في التصرف هو اساس عديد المشاكل التي تعاني منها الاندية. بالله عليكم، كيف يمكن ان ننفخ في اللاعب روح المجموعة على الميدان والمبادئ المثلى والحال ان هذه المبادئ غائبة في تسيير النادي. لنفهم جيدا، اني اتحدث عن روح المجموعة (Esprit d'équipe) ولا عن روح المجموعات الضيقة (Esprit de clan). س: ولماذا تستمر هذه الخلافات العقيمة في صلب النوادي؟ ج: للاجابة عن سؤالك، ينبغي ان نحاول في البداية تبين اسباب هذه الصراعات، فهي اما ان تكون من اصل يعود الى الطبع (رئيس ناد من طبعه التفرد بالرأي) او ان تكون ذات مرجع تنظيمي. الاسباب المزاجية المتصلة بالطبع تتعلق بميدان علم النفس، وهنا لا يمكنني التعليق، اما بخصوص الاسباب التنظيمية فتوجد الحلول الملائمة لذلك. س: هل يمكن ان توضح ذلك اكثر؟ ج: بالتأكيد، يكمن الاشكال عندما تكون القواعد غير موافقة للحقائق الجديدة لكرتنا. فالقوانين الاساسية لنوادينا المفترض انها محترفة تتطلب قراءة اخرى، فاستنادا الى التقنين الحالي فان اعضاء الهيئة المديرة معينون اليوم من قبل رئيس النادي خلال الجلسة العامة، وهذا التنظيم هو السبب الرئيسي في التصرف المتوحد والفردي في فرقنا. واذا اعتبرنا المتطلبات الجديدة للاحتراف من جهة والارادة السياسية الداعية الى توسيع الحوار لما فيه نفع رياضتنا من جهة اخرى ألم يحن الوقت بعد لجعل النوادي تستجيب لنفس القواعد التي تم تطبيقها خلال انتخاب المكتب الجامعي الجديد؟..، هذه المقاربة يمكن ان تكون لها انعكاسات ايجابية على التصرف في نوادينا. س: اذن، ما هي البدائل المناسبة لكرة القدم في الوقت الحاضر؟ ج: من جهة، تجسيد المزيد من الشفافية في مجال التصرف في النوادي ولن يكون ذلك الا بجعل الجلسة العامة الفيصل في اختيار افراد الهيئة وبرنامجها الذي تحدده بما يضمن مشاركة فعالة لاعضاء النادي ومما يتيح كذلك الامكانية لتقييم موضوعي للعمل المنجز من قبل الهيئات المتخلية اثناء الجلسات العامة القادمة. من جهة اخرى، من شأن هذه الملاءمة لقواعد انتخاب الهيئات المديرة للنوادي ان يهب اعضاء الهيئة المسيرة المنتخبة خلال الجلسة العامة شرعية اكثر ويدفعهم الى المشاركة الفعلية في تصريف دواليب الفريق. والاكيد، ان هذا التوجه من شأنه ان يحد عديد الخلافات والنقاشات العميقة ويوجه القوى الفاعلة في النادي نحو انجاز الاهداف المسطرة، فبمثل هذا الشكل يتسنى التقليص من خطر نشأة المجموعات الضيقة (Les clans) التي تجد متنفسا لها في الوضعيات المشوشة كما يهيء ذلك القضاء على جميع حالات التوظيف والمغالطة وسائر الخزعبلات والترهات التي تهدد استقرار النادي.