أسواق موازية.. و«جامع القصر» يتحول إلى «جامع الزيتونة» تونس-الصباح: يشتكي أغلب تجار منتوجات الصناعات التقليدية في مختلف مناطق الجمهورية وخاصة منها المناطق السياحية والأسواق التقليدية المعروفة وخاصة "المدينة العربي" بالعاصمة وسوق سيدي بوسعيد من ظاهرة احتكار الافواج السياحية من قبل بعض التجار وخاصة منهم "الكبار" الى جانب الممارسات اللا أخلاقية واللا "حرفية" التي يأتيها الأدلّاء السياحيون فيما يعرف ب"بيع" الأفواج السياحية وترهيب السياح والتحيّل... هذا الى جانب ظهور مقاولات كاملة مختصة في" التجارة" بالسياح. حول هذه الظواهر وخاصة احتكار الافواج السياحية والاضرار الفادحة التي لحقت مئات التجار،قامت "الصباح" بجولة في اسواق "المدينة" بالعاصمة وحاورت تجار هذه الأسواق الذين أجمعوا تقريبا على أن ظاهرة احتكار و"بيع" الافواج السياحية قضت على التجار الصغار في السوق واضرت بهم بشكل كبير وأن العديد منهم أفلسوا أو هم على وشك الافلاس. وأن العمل اصبح يقتصر على بعض التونسيين.. . السيد حسن بالحاج تاجر منتوجات تقليدية أكد أن ظاهرة احتكار السياح من قبل بعض التجار الذين يتعاملون مع الأدلاء السياحيين ومع شركات الاسفار ظاهرة خطيرة ما انفكت تستفحل.وقال أن التجار الصغار اختنقوا وقّل نشاطهم وركدت سلعهم.واضاف بأن بعض الدكاكين المعروفة تستحوذ على ركاب بواخر بأكملها يأتون في اطار سياحة الرحلات البحرية "الكروازيار".واشار محدثنا الى أن المسلك السياحي المعروف في السوق والذي ينطلق من باب بحر الى جامع الزيتونة اصبح شاغرا ولا يؤمه سوى بعض المارة وعابري السبيل.وأضاف بان تجار هذا المسلك لم يعد لهم من عمل سوى التقاط "فضلة" السيّاح.واشار محدثنا الى ان بعض الاشخاص اتخذوا لأنفسهم منازل ومحلات في بعض ازقة وانهج المدينة وحولوها الى اسواق موازية..والسماسرة ينقلون السياح مباشرة الى هذه المنازل عبرمسالك وازقة غير معتمدة سياحيا مما يشكل خطرا على امن السائح وسلامته. حوت يأكل حوت من جهته ذكر السيد نبيل بن غربال تاجر منتوجات تقليدية في المسلك السياحي للمدينة أن هذه الظاهرة معروفة منذ القديم.وميداننا ينطبق عليه المثل القائل "حوت يأكل حوت... ".وقال محدثنا الذي كان داخل دكانه يشاهد التلفزة... هذا وضعنا اليوم فبعد أن كنّا لا نغادر باب الدكان نستقبل حرفاءنا... اصبح تواجدنا وراء"الكونتوار" طول الوقت بانتظار دخول حريف..تونسي طبعا وليس سائحا... واحيانا يأتي الينا القدر ببعض السياح الروس أو البلغار أو البولونيين ممن يقطنون فنادق وسط العاصمة والذين لا تتجاوز اجورهم عادة ال80 دولارا... أما جماعة الرحلات البحرية فلا نراهم بالمرة في دكاكيننا.وبالنسبة لي لو لم أكن مسوغا بايجار قديم يعود الى عشرات السنين لأعلنت افلاسي وأغلقت دكاني... وهو ما فعله بعض التجار الذين أثقل حالهم الايجار ودخلوا في دوامة الشيكات دون رصيد. 70 مليونا للفوج و350 دينارا للحافلة ولم يكن حال السيد خالد بن غربال- تاجر وصاحب محل فخم وكبير في المسلك السياحي- أفضل حيث أكّد ان ظاهرة السمسرة و"بيع السياح جملة وتفصيلا" ظاهرة خطيرة ومقلقة وليس لها أي حل... وقال منذ أكثر من 25 سنة ونحن نعاني من تحويل وجهة حرفائنا نحو بعض المحتكرين في اطار صفقات بين التجار الكبار والسماسرة من بين أدلاء السياحة ووكالات الأسفار وغيرهم... والمشكل أن المحتكرين والسماسرة "كبروا" ولم يعد بالامكان مقاومتهم..فموازين القوى اختلت وأصبح التاجر الصغير عاجزا عن المواجهة والتصدي وحتى عن العمل... وأكد محدثنا أنه شاهد البعض "يشتري" مجموعة سياح ب70 مليونا... أما الحافلة فتعريفتها واضحة وهي 350 دينارا في جيب الدليل. وتساءل هل أنا قادر على دفع هذه المبالغ لأرتزق؟.. طبعا لا!!!وأضاف بأن في خضم هذا الواقع فان صغار التجار سيفلسون حتما.وهم الآن غير قادرين على دفع معينات الكراء واجور العمّال.. واضاف محدثنا أن بعض ممارسات السماسرة مخزية وخطيرة..فقد أقاموا سوقا موازية بجانب "جامع القصر".. وعند جلب السياح يأخذونهم الى هذه السوق ويدعون أن "جامع القصر" هو "جامع الزيتونة" المعمور... وغير ذلك من أعمال التحيلّ... فهل يعقل أن يشتري السائح حزاما من الكردون مورد من اليابان بمبلغ 500 دينار على أنه حزام جلد تونسي أصيل رغم أن ّقيمته الحقيقية لا تتجاوز ال10 دنانير..وبعد أيام يكتشف السائح ما تعرض له من تحيل... نفس الشيء بالنسبة للزرابي الموردة بابخس الاثمان وتباع للسائح بمئات الدنانير..وهل يعقل ان يرعب الدليل السياحي حرفاءه ويصور لهم بلادنا بشكل غير لائق ويحذره من السرقة واللصوص... وهو شيء خطير جدا. تحّيل وترهيب السيد فوزي بن غربال تاجر منتوجات تقليدية،صاحب محل لايبعد كثيرا عن قوس باب البحر أي في مدخل المسلك التجاري..ورغم ذلك فانه يعتبر تجارته راكدة والسبب حسب رايه ان الحافلات والافواج السياحية حولت وجهتها لتنزل في القصبة وتمر الى أماكن بعينها دون أخرى وخاصة سوق الترك والى اشخاص معينين دون غيرهم... وقال "أن بعض التجار لديهم محلات كبرى يحتكرون السوق و"يشترون" الأفواج السياحية... أما التجار الصغار مثلي فلا حل لنا سوى الانتظار داخل المحل في انتظار دخول سائع عابر سبيل أو حريف تونسي". ويضيف بأن الضرر كبير وكبير جدا بالنسبة لصغار التجار.وطالب محدثنا بضرورة ترك السائح حرا يشتري من حيث يريد وما يريد.وأكد محدثنا على أن الفرق الأمنية المختصة قائمة بواجبها في الضرب على أيدي السماسرة لكن استفحال الظاهرة واتساعها... عرقل عملهم.كما أن اتحاد الصناعة والتجارة وكذلك الديوان التونسي للسياحة يقومان بما يستطيعان القيام به للحد من الظاهرة ولكن... وأضاف محدثنا أنه واضافة الى ظاهرة بيع وشراء الأفواج السياحية،فإنّ الأدلّاء يعمدون الى إيهام السائح بان هذه المحلات "المتعامل معها"محلاّت تتوفّر فيها كل الضمانات من حيث جودة المنتوج وانخفاض الاسعارعلى عكس بقية المحلات. بل أن حيل الأدلاء تذهب حتى الى محاولة كسب تعاطف وانصياع السائح من خلال اقناعه بان هذا المحل المتعامل معه يخصص جزء من هامش الربح الى المنظمات الانسانية مثل منظمة الأممالمتحدة لحماية الطفولة (اليونيساف) مثلا أو احدى المنظمات الانسانية والاجتماعية الاخرى.وهو عامل له تأثير كبير على نفسية السائح، وعديدة هي الأكاذيب والأساليب التي يعتمدها هؤلاء الادلاء بالاشتراك مع التجار المحتكرين الذين هم في الحقيقة يفتقرون للوطنية والانسانية والنزاهة بل هم مجرد متحيلين يوهمون السائح باشياء لا اساس لها من الصحة ويحولون وجهته الى محلات لا تتعدى عدد اصابع اليد. وهذه العينة المستجوبة عبرت في الحقيقة عن رأي وموقف اغلب تجار سوق "المدينة" بالعاصمة وبقية اسواق المناطق السياحية في مختلف مدن الجمهورية من الحمامات الى سوسة الى المهدية الى جربة وتوزر... والمطلوب التدخل السريع لايقاف هذا النزيف الذي يهدد سمعة سياحتنا ويهدد بقطع ارزاق العديد من الحرفيين . والمطلوب التصدي الفوري لعملية احتكار الافواج السياحية بتكثيف الرقابة الفعالة واليومية لهؤلاء الادلاء والتجار المحتكرين وردع المخالفين من ادلاء ومحتكرين وذلك بسحب رخصة عمل الدليل السياحي وغلق المحلات المتورطة في هذه الممارسات. والمطلوب كذلك تخليص السياح الوافدين خاصة في رحلات بحرية من ايدي العابثين ومنحهم حرية التجّول والتسوق وتطبيق القانون ضد كل المخالفين.