الأمين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي: توحيد التقويم الهجري قرار سياسي بالأساس الدكتور محمد الأوسط العياري: القرار لابد أن يكون علميا ليحقق الوحدة بين الشعوب تمثل الاختلافات المتكررة والمتواصلة حول التقويم الهجري ومحاولات توحيده بين الدول والشعوب الإسلامية منذ عشرات السنين، أحد ابرز الملفات الثقيلة العالقة والإشكالية القائمة بينها. وقد أدى هذا الاختلاف إلى تضارب في تقويم الأشهر القمرية، وانجر عن ذلك خلاف بارز بخصوص الاحتفالات بالمناسبات والأعياد الدينية. هذا الموضوع كان بالأمس محل بحث في ندوة علمية مشتركة بين وزارة الشؤون الدينية في تونس ومجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة، وقد حضره الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي والدكتور عبد السلام العبادي أمين المجمع، وثلة من الباحثين العلماء كان من بينهم الدكتور محمد الأوسط العياري صاحب الاختراع العلمي "الشاهد". كيف طرحت الندوة من خلال وجهات نظر الحاضرين إشكالية توحيد التقويم الهجري والخطى المقطوعة ضمن هذا الملف؟ وماذا عن الاشكاليات التي تعترض مسألة توحيد التقويم؟ هل هي فقهية أو علمية أو سياسية بالأساس؟ تونس الصباح الأستاذ أكمل الدين إحسان أوغلي أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي اعتبر أن الواقع المعاش في العالم الإسلامي يشير مع الأسف إلى أن وشائج الروابط التي تجمع بين أممه قد تراجعت رغم حرص أطراف عديدة على رص صفوفها. وبين أن "حال اليوم يبرز صورة من التشتت، واختلاف الرأي، وتفرق الكلمة"، وذلك على الرغم من أن تطبيق ما جاء في النصوص الدينية بشأن التقويم، وتوحيد مواقيت المناسبات أصبح أمرا يمكن التوصل إليه بفضل فهم معمق للتراث الفقهي، وكذلك التطورات العلمية والتقنية الحاصلة. وبين الأمين العام للمنظمة أن الحملات قد توالت وتكاثرت للمس بالرموز الدينية والنيل مما هو مقدس في الإسلام، والعمل على تفرقة الصف الإسلامي، وأن موضوع ضبط التقويم الهجري وجعله موحدا قد أصبح من الضروريات لكي لا تمس المصالح الإسلامية العليا. وأكد أنه لا يوجد أي تناقض بين العلم والدين في مجال التقويم، والقضية لا تعدو أن تكون سوى قضية قرار سياسي، يرجح قولا على آخر بينما يتساوى القولان في الحجة الشرعية. وبين أن عدم الإقدام على حل هذه المعضلة بات يخلق وضعا من الحرج لا فقط في الصف الإسلامي بسبب ما نتج عنه من تضارب في احياء المناسبات الدينية، واستهلال الأشهر القمرية, وصوم رمضان وغيرها من المناسبات التي تجمع بين شعوبه، بل أمام العالم، الذي باتت أطراف منه تتندر بهذه الظاهرة وخلاف المسلمين حولها. منظمة المؤتمر الاسلامي ومساعي توحيد التقويم الهجري أفاد الأمين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي أن هذا الموضوع كان على الدوام محل اهتمام داخل المنظمة، وقد صدرت عدة قرارات في شأنه، وعملت على دعوة الدول المنظمة إلى الإنظمام إلى عضوية اللجنة الخاصة بالتقويم الهجري الموحد التي أقرها مؤتمر اسطنبول سنة 1978، كما أكد مؤتمر القمة الاسلامية العاشر المنعقد في بوتراجا ماليزيا سنة 2003 اللجنة في دورتها التاسعة إلى إعداد تقويم هجري موحد تلتزم به الدول الاسلامية. وصدرت أيضا عدة بيانات عن المنظمة بهدف ضبط الخلاف المتكرر سنويا بشأن بدء شهر الصيام والعيدين وغيرها من المناسبات الدينية. الجانب العلمي وتوحيد التقويم الهجري خص الدكتور محمد الأوسط العياري "الصباح" بتصريح في هذا الموضوع وذلك على هامش الندوة حيث أشار إلى أن التوفيق بين الأبحاث العلمية الجارية في غرض التقويم والبعد االفقهي والسياسي المتصلان به يقترب ويتدعم يوما بعد يوم، وبين أن التوفيق في هذا المجال من ناحية علمية بحتة بات أمرا ثابتا، لكن المسألة تكمن في اقتناع الاطراف الفقهية والسياسية بهذا البحث العلمي والعمل به. وبين أنه وقع تصميم منظومة "الشاهد" لتمثل الاجابة العلمية الصحيحة في موضوع التقويم والرؤية وما يتصل بذلك من مناسبات دينية، كما أثبتت منظومة "الشاهد" التوافق مع الروزنامة والرؤية بكل أنواعها في كل الحالات ومهما اختلفت مجالات الرؤية سواء قامت على العين المجردة أو المجاهر العلمية، وأيضا حتى في حالات الطقس المغيّم بالسحب. وأكد أن الهلال واحد ومتى ظهر لطرف في مكان ما فإن رؤيته تسحب على الجميع، وأضاف أن الرؤية يمكن ضبطها والاتفاق بشأنها حسابيا وعلميا. وبين الدكتور محمد الأوسط العياري أن مسألة الرؤية قامت اليوم على تحاليل ضافية ومقنعة وعلمية، وأنه لا يمكنها أن تخضع لحل وبعد سياسي، بل الاقتناع بتمش علمي يسقط كل الفرضيات الأخرى لأنها لا تستند إلى بحث علمي صحيح. وبخصوص منظومة "الشاهد" أكد ان مساندة ما توصلت له محل تقدير عديد الدول والفقهاء والمجامع الفقهية، وقد تجاوبوا معه، وأفاد أن الجانب العملي فيها جاهز للتطبيق، وقد انطلق الدفع من تونس, ولم يبق إلا العمل على اقناع بقية الاطراف المعنية وتوحيد الجهود من أجل تعميمها. وأكد أنه سيكون هناك في قادم الايام دعم كبير ل"الشاهد"، من أجل تجاوز وضعية التقويم وما شابها من اختلاف.