«سعدت بما لمسته في تونس من تقدّم في عديد المجالات» تونس الصباح : قالت سوداكو اوغاتا رئيسة وكالة التعاون الدولي الياباني "جايكا" (jaica) انها تامل ان تتكرر المعجزة الاسيوية الى معجزة افريقية واضافت المسؤولة اليابانية خلال محاضرة لها بالامس تحت شعار "السلم والتنمية في افريقيا بمشاركة مدير البنك الافريقي للتنمية دونالد كابيروكا وبحضور عدد من الديبلوماسيين وممثلي وكالات الاممالمتحدة والمنظمات غير الحكومية ان المعجزة الاسيوية لم تكن وليدة الصدفة وانها كانت مسيرة طويلة احتاجت للكثير من العمل والجهد والوقت وقد استعرضت المسؤولة اليابانية قبل ان تتقبل اسئلة الصحافيين في محاضرتها مختلف المراحل التي مرت بها "الجايكا" في تجربتها في القارة السمراء في القضاء على الفقر والتخلف والخروج من الصراعات الدموية وتوقفت عند مختلف اهدافها الانمائية بالتعاون مع البنك الافريقي وقالت ان التحدي الذي تواجهه افريقيا مرتبط بضمان استمرار التنمية المستديمة. واشارت في هذا الاطار الى ان ميزانية التعاون الفني المخصصة لافريقيا ارتفعت من 10 في المائة سنة 2000 الى 24 في المائة سنة 2008 وان "الجايكا" قدمت مبلغ 470 مليون دولار الى افريقيا في شكل قروض الى جانب المساعدات التقنية.. وخلصت اوغاتا الى الندوة الدولية الرابعة حول التنمية في افريقيا والتي تعرف "بتيكاد 4" التي عقدت في ياكوهوما في اليابان بمشاركة اربعين رئيس دولة او حكومة افريقية اضافة الى المنظمات الدولية لمناقشة مستقبل افريقيا ومضاعفة المساعدات لافريقيا بحلول سنة 2012 بالاضافة الى دعم زراعة الارز وقالت اوغاتا "اذا كنا نريد تحقيق اهداف الالفية فانه علينا تعزيز اسباب التقدم الاقتصادي من اجل ردم الهوة بين الشعوب ". ولاحظت اوغاتا وهي التي تبوات عديد المناصب الحكومية وهيأت الاممالمتحدة ان اليابان كان له دور في تعزيز التنمية في اسيا عبر الاستثمارات المباشرة ودعم القطاع الخاص بما ساعد المنطقة على الحد من نسبة الفقر وتحقيق التنمية واشارت الى ان الفترة بين 1981 و1994 كانت منطقة شرق اسيا تحقق نسبة نمو تقدر ب6.45 مقابل 2.97 في افريقيا وشددت على ان التجربة الاسيوية تؤكد اهمية للاستثمار في الطرقات والموانئ والكهرباء لتحقيق التقدم المطلوب.. وقال ان تجربة جايكا في اسيا اهتمت بارساء شبكة واسعة للمؤسسات والدراسات الهندسية واعتبرت ان التجربة اليابانية في افريقيا مستمدة من التجربة الاسيوية في تعزيز العلوم والابحاث الواسعة وتشمل هذه التجربة تحقيق ما وصفته المسؤولة اليابانية "بالثورة الخضراء في افريقيا " التي تهدف الى مضاعفة زراعة الارز في افريقيا بحلول سنة 2018 بالاشتراك مع الدول الافريقية والبنك العالمي والمؤسسات الخاصة في الابحاث الزراعية.. واوضحت اوغاتا انه في الوقت الراهن يوجد نحو 200 خبير من جايكا يعملون كمتطوعين لدفع "الثورة الخضراء" بما في ذلك دعم الابحاث للقضاء على الامراض التي تنتج عن الجفاف واستعرضت المسؤولة اليابانية مجالات التعاون للوكالة اليابانية في مجال البيئة والتحولات المناخية والجفاف. وقبل توقيعها الكتاب الذهبي للبنك الافريقي اشارت اوغاتا الى ان تجربتها في القارة السمراء بدات منذ التسعينات كممثلة للهيئة العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة في الوقت الذي باتت فيه الصراعات تتراجع واكدت اهمية مرحلة الانتقال من وضع الحروب الى الاستقرار في الكثير من الدول الافريقية الخارجية لتوها من الاقتتال ولاحظت انه من بين التجارب المهمة التي تحققت في افريقيا تلك المرتبطة بدور الجايكا في السودان حيث بدا ملايين المشردين يعودون الى ديارهم ومناطقهم المدمرة وقالت ان مرحلة المرور من الحرب الى السلم مهمة معقدة وطويلة تقتضي تحقيق العدالة والمصالحة حيث ليس دائما من الهين على الضحايا ان ينسوا مشاهد القتل والاغتصاب ثم يعودون للعيش معا... من المعجزة الاسيوية الى المعجزة الافريقية في حديثها عن التجربة اليابانية قبل خمسين عاما قالت اوغاتا ان الهزيمة التي مني بها اليابان في اعقاب الحرب العالمية الثانية وما تعرضت له هيروشيما ونكازاكي شكلت الدرس الاكبر لليابانيين للخروج من تلك المرحلة وتجنيب الاجيال اليابانية تلك التجربة مع الخراب والدمار واعتبرت اوغاتا ان وقوف المجتمع الدولي الى جانب اليابان في محنته وما حظي به انذاك من مساعدات لاعادة البناء كان له دوره في تجاوز مرحلة الدمار وتحقيق التقدم المطلوب وقالت ان ماحدث في هيروشيما وناكازاكي جعل الشعب الياباني اكثر اهتماما بالسلام وان في ذلك رسالة مهمة جدا للعالم وقالت ان الرخاء الذي تنعم به اليوم الاجيال الصاعدة في اليابان كان نتيجة استثمار السلطات اليابانية في قدرات وامكانيات ابنائه للوصول الى ما وصل اليه وشددت الى ان بلادها حريصة على تقديم الاسباب التي توفرت للشعب الياباني للكثير من الشعوب الافريقية حتى تكون قادرة على صنع مستقبلها وذلك بالاستثمار في التعليم وفي قدرات الشعوب وقالت اوغاتا ان "جايكا" ليست هنا في افريقيا لاصدار التعليمات ولكن للمساعدة في مختلف المجالات.. ولاحظت ان اليابان ليس بالبلد الغني ولايمتلك ثروات نفطية او معادن ثمينة ولكنه نجح في الاستفادة من القدرات والامكانيات البشرية التي يحظى بها والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة. وقالت أن الاوان قد حان لتحويل المبادئ الى قرارات".وكشفت اوغاتا ان جايكا لها مشاريع انسانية كبيرة لاعادة البناء والاعمار في العراق وافغانستان ومساعدة المدنيين هناك.. وقالت ان اليابان لا يمتلك قوة عسكرية ولا يريد ذلك وانه اختار منذ نهاية الحرب العالمية الثانية دستورا سلميا لمساعدة الدول على النهوض من ازماتها.. وقالت ان الامر ليس سهلا في ظل العنف المستمر الا انها شددت في نفس الوقت على ان المشهد العراقي والافغاني لا يعالج بالحلول العسكرية مضيفة ان اكبر بعثاتها الانسانية تعمل لفائدة المشاريع الانسانية في العراق وافغانستان. وقبل ان تتوجه الى جسر رادس قالت المسؤولة اليابانية انها زارت تونس مرات عديدة في السابق الا انها غابت عن بلادنا منذ نحو عشر سنوات لتعود وتكتشف ما سجلته تونس في هذه المرحلة من مشاريع تنموية وقالت "انا فعلا سعيدة بما لمسته في تونس من تطور في عديد المجالات في بلد صغير مثل اليابان لا يمتلك ثروات طبيعية ولكن لديه الكثير من القدرات البشرية التي نجح في استثمارها والاستفادة منها" وقالت اوغاتا ان التاريخ اثبت ان مواجهة الماضي هو الطريق الامثل لتجنب اخطاء الماضي وتحقيق البناء الناجع.... وقالت ان جايكا ستواصل مساعدة افريقيا بالتعاون مع شركائها من اجل السلام والرفاهية...