تونس الصباح تنتصب على طول طرقاتنا خاصة منها الوطنية والجهوية عديد الاستراحات المختصة في توفير الاكل والمشروبات وبعض ما يميز الجهة لنجد المقروض في الاستراحات القريبة من القيروان والفخار في الاستراحات القريبة من الوطن القبلي ومنتوجات الصناعات التقليدية في الجنوب... لكن جميع الطرقات الشمالية منها والجنوبية ، الشرقية والغربية تتوفر على استراحات مختصة في الشواء الى جانب بعض المقاهي التي تلجأ اليها وسائل النقل العمومي كالحافلات واللواجات ووسائل النقل الخاصة. واذا كانت هذه الاستراحات مفيدة من حيث أهدافها وغاياتها، فإنها تطرح أكثر من نقطة استفهام حول شرعية انتصابها؟ وهل تحصلت على ترخيص ام لا؟ وهل تتوفر على الخدمات الصحية المطلوبة خاصة انها بعيدة عن أعين ودفاتر الرقابة الاقتصادية والصحية؟ فمن المفروض أن تكون هذه الاستراحات محل تخطيط وتدرج ضمن مشاريع ومخططات مصالح التجهيز ومقاولات البنية التحتية وتكون محل دراسة لاماكن انتصابها ونوعية خدماتها... لكن ما نلاحظه اليوم هو الفوضى بعينها والانتصاب العشوائي في مستودعات ودكاكين... فمستعمل النقل العمومي عادة ما يجد نفسه مجبرا على النزول في استراحة معينة على الطريق يكون سائق الحافلة "متعاقدا" معها وفق "معاملات" ثنائية معروفة، حيث تتوقف الحافلة لينزل من عليها للاستراحة أو تناول الغذاء أو العشاء او ما تواجد من مشروبات وغير ذلك... ويكون المسافر مجبرا على الاكل والشرب في ذلك المطعم او المقهى بالذات رغم عدم ارتياحه النفسي والمادي له.. فصاحب المحل وأمام تواجد محله في مكان خال من المنافسة يقدم لحرفائه في الغالب مأكولات تعد وتقدم في ظروف غير صحية وكذلك يفرض اسعارا غير عادية لا مفر من قبولها. محطّات البنزين أما أصحاب السيارات السياحية الخاصة فهم ليسوا باحسن حظ وحال من مستعملي النقل العمومي وذلك لغياب استراحات نظيفة ولائقة تقريبا في جميع طرقاتنا الوطنية والجهوية تسمح للسائق ومرافقيه بالاستراحة قبل مواصلة طريقهم. فباستثناء بعض محطات البنزين التي باتت معروفة وشكلت في السنوات الاخيرة ملاذا للمسافرين لتوفرها على جميع الخدمات وعلى جميع وسائل الراحة وعلى كل ما يمكن أن يستحقه المسافر من خدمات رغم الشطط المبالغ فيه في أسعار مغازاتها، فان بقية الاستراحات خلت من ابسط الخدمات وأبسط الشروط الصحية ومثل انتصابها خرقا للقانون الى جانب ما تشهده من ترفيع في الاسعار. وهذه الخدمات التي تقدمها محطات البنزين وان كانت لا تقبل النقاش من حيث الجودة والشروط الصحية وتوفير كل ما يستحقه المسافرمن أكل وشرب وصحف ومجلات... فان الاشكال كما قلنا يبقى في ارتفاع أسعارها حيث يتجاو ز"السندويتش" العادي الدينارين وقارورة المياه المعدنية ال800 مليم والقهوة ال600 مليم. أما أسعار البسكويت والشكلاطة والالعاب فهي تتجاوز بكثير اسعار نفس المنتوجات في المحلات العادية. المطاعم والمقاهي و"الشوايّات" وما هو متوفر في مغازات محطات البنزين المذكورة، لا نجد الجزء القليل منه فيما يتعلق بالظروف الصحية في المطاعم والمقاهي و"الشوايّات" الموجودة في جل طرقاتنا الوطنية والجهوية... فالمقاهي لا يمكن أن نصفها ب"الشعبية" لانها دون ذلك بكثير وتفتقد للتهوئة وللتجهيزات الصحية الضرورية وبيوت الراحة فيها ان كانت مفتوحة لا يمكن حتى الاقتراب منها. ونفس الشيء بالنسبة للمطاعم التي تختلف درجاتها لكن الغالب عليها تلك المفتوحة على قارعة الطريق ويوفر صاحبها بعض المأكولات المقدمة في اواني تفتقد لكل الشروط الصحية. كما أن المطعم يكون مجهزا بطاولات وكراسي لا تصلح للغرض، هذا الى جانب ما يشوب الجدران من أوساخ وما يحيط بالمكان من حيوانات وزواحف وقوارض. والمطاعم الدارجة حاليا على الطرقات تلك المختصة في "الشواء" وهي التي تتكفل بذبح الخرفان وتقطيعها وتجهيزها سواء للبيع كلحم أو للشواء دون أن تكون هذه الخرفان قد خضعت للفحص الطبي او مؤشرا عليها للبيع، الى جانب عدم التأكد من نوعية اللحم المقدم ان كان لحم خروف او "نعجة" أو "برشني"... فالدماء، تختلط بالطاولات المعدة لتقديم الاكل والتي يكون الى جانبها كذلك قطيع من الاغنام الحية المعدة للذبح... واللحم معروض على قارعة الطريق دون مراعاة لابسط الشروط الصحية معرضا للغبار والاتربة والدخان المنبعث من السيارات. وبعد اقتناء كمية من اللحم بسعر مرتفع يتكفل صاحب المطعم بالشواء وسط دخان كثيف ورائحة اللحم المشوي. ولكن تتفاجأ بعد ذلك بأن الكمية التي تم وزنها منقوصة ولا حول ولا قوة لك في اثبات ذلك بعد أن يكون صاحب المحل اغراك قبل ذلك بقطع من خبز "الطابونة" و"سلاطة مشوية" تدفع ثمنها عند الخلاص رغم أنك لم تطلبها. وتجد نفسك في الاخير قد دفعت ثمن كلغ من اللحم باهظا حيث يتكلف هذا الكلغ بأكثر من 20 دينارا تقريبا. زيادة على ذلك لا يجد المسافر ومن معه لا بيوت الراحة ولا حتى مغسل ليديه يزيل منها ما علق من زيوت ومن آثار اللحم المشوي ليستكمل طريقه بعد ذلك وهو في حالة غضب وعوض ان يستريح في تلك "الاستراحات" يجد نفسه وهو يقود سيارته في ظروف نفسية غير طبيعية ويزداد تعبه وقلقه.