تونس الصباح: أول ما يلفت الانتباه على طرقاتنا الوطنية والسيارة هو النقص الواضح في تركيز محطات بيع البنزين التي تمثل أحد أبرز الأسس التي يجب أن تتوفر على هذه الطرقات.. وحتى في حالة وجود هذه المحطات فإننا نلاحظ أن تركيزها يكون مفصولا بمسافات طويلة جدا، يصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 30 و40 كلم بين هذه المحطة وتلك.. وهو أمر لا يمكن تغافله باعتباره يمثل الحاجة الأساسية لمستعملي هذه الطرقات من أصحاب السيارات، إذ قد يضطر بعضهم إلى هذه المادة فجئيا، ويبقى في حالة انتظار للبحث على النجدة للتزود بهذه المادة. فالطريق السيارة الجديدةمساكنصفاقس التي تمتد على أكثر من 90 كلم مازالت خالية من هذه المحطات على ما يبدو، وهو أمر لابد من تداركه بسرعة، وكذلك الطريق السيارة تونس وادي الزرقاء فإنها مازالت تحتاج إلى المزيد من هذه المحطات. ونفس الملاحظة بهذا الشأن يمكن سحبها على العديد من الطرقات الوطنية التي تنقصها هذه المحطات. وعلى سبيل الذكر يمكن الاستشهاد بالطريق الوطنية "قرمدة" الرابطة بين صفاقس والقيروان . فبعد مغادرتك ضواحي مدينة صفاقس لا يمكنك الظفر بمحطة بنزين إلا بعد قطع ما يناهز 70 أو 80 كلم على هذه الطريق؟. واذا كنا ذكرنا هذا المثال فقط، فلا شك أن هناك عشرات الأمثلة المتصلة بهذا الموضوع على عديد الطرقات الأخرى. خدمات النجدة مازالت لا تتوفر على طرقاتنا الجانب الآخر الذي يمثل نقصا واضحا خاصة على طرقاتنا الوطنية وأساسا السيارة، هو ما يتصل بخدمات النجدة، ونحن لا نعني بذلك الأمنية أو الصحية، بل الخدمات التي يمكنها أن تتوفر لنقل سيارة مسافر تعطبت على الطريق، أو إصلاحها بشكل فوري. فهذه الخدمة لم تتوفر لها لا نقاط خدمات على الطرقات، ولا حتى شاحنات من هذا القبيل يمكن الاتصال بها عند الضرورة. والملاحظ في هذا الجانب أنه يمكن إرساء شبكة للعمل في هذه المجالات على الطرق السيارة والوطنية ، خاصة وأن أعطاب السيارات كثيرة، والحالات التي تتطلب النجدة في هذا المجال متعددة، لكن لم نلاحظ وجود - حتى حذو أو داخل محطات البنزين - محلات تشتغل على هذا البعد، ويمكنها أن توفر خدمات لطالبيها. وقد أفادنا أحد المواطنين الذي تعطبت سيارته أيام العيد على الطريق السيارة مساكنتونس أنه بقي مع كافة أفراد عائلته بانتظار نجدة من هذا القبيل لمدة ساعات طويلة، ولم يتحصل على شاحنة لنقل سيارته الى العاصمة الا بعد عناء طويل، وقد كلفته عملية نقل السيارة 150 دينارا. فهل يعقل أن تحصل هذه الصعوبات على طرقاتنا؟ نقص لمحطات إستراحة .. شطط لأسعار المواد الإستهلاكية ما يمكن الإشارة إليه أنه ولحد الآن لا توجد محطة استراحة بالمعنى الكامل لا على طرقاتنا الوطنية ولا السيارة. وكل ما في الأمر أن هذه الخدمات تتمثل في بعض المساحات التجارية الصغيرة التي توفرها محطات البنزين، أو انتشار بعض المطاعم التقليدية التي تنتصب هنا وهناك لبيع " المشوي" من لحم العلوش، إلى جانب بعض المقاهي. وقد يفسر هذا النقص بعدم طول طرقاتنا، وبالمسافات غير البعيدة بين المدن التي تمر بها هذه الطرقات، مما يجعل بعث محطات استراحة تتوفر بها كل الخدمات غير ذات جدوى اقتصادية. لكن هناك مسائل أخرى نعتقد أنها تجعل من بعث محطات استراحة على الطرقات ضرورة. فعندما يصيب مسافرا الإعياء والتعب والنوم، أو تتوعك صحته، أو يكون في حالة لا تسمح له بمواصلة السير على الطريق، أو عندما يكون مصاحبا لعائلته وأطفاله، أو لمن سيكون في حاجة للراحة، فماذا يفعل في هذه الحال؟ هل يوقف سيارته على الطريق ليتخذ من كراسيها مضجعا للراحة والنوم، أو يلتجئ إلى محطة بنزين للاستراحة هناك؟ كلها أسئلة تبقى مطروحة في ظل غياب محطات استراحة تتوفر بها سبل الراحة للمسافرين، لكن مادامت غائبة عن الوجود فجدواها وإمكانية خدماتها ودورها يبقى غير بارز للعيان، ولا يدركه حتى من يفكر في بعث مؤسسة من هذا القبيل. غلاء في الأسعار.. واستغلال لظروف المسافرين بعض أشباه محطات الاستراحة الموجودة على طرقاتنا لا تتوانى في ترفيع اسعار معروضاتها الاستهلاكية، وهي تستغل الوافدين عليها من مستعملي الطرقات بشكل غريب. ففي بعض المساحات التجارية التي توفرها محطات البنزين تشاهد الغريب والعجيب، لا تقل أبسط أكلة " كسكروت" عن دينارين. أما على مستوى النقاط الأخرى التي يتولى باعثوها نشاطا من هذا القبيل المنتشرة على طرقاتنا، فإن معظمها يكون من قبيل باعة "المشوي"، وهؤلاء ينشطون على ما يبدو دون رقيب، حيث يصل الكلغ من لحم الخروف الجاهز للأكل إلى ما يناهز 17 دينارا.. وبالنسبة لبعض المطاعم التي تقدم أكلات أخرى فإن أسعارها هي الأخرى قياسية مقارنة بما هو متداول، ,ايضا المقاهي، فقد نسج معظمها على نفس المنوال ورفع في الأسعار كما شاء مادام بعيدا على عيون المراقبة التي قل أن تطاله. إن جملة هذه المحطات ومسديّي أنواع الخدمات التي اشرنا اليها تبقى ضرورة محلة لتواجدها على طرقاتنا، وهي تمثل في الحقيقة حاجة كل مسافر على الطريق، لكن نقصها أو وجود بعضها بشكل عشوائي ونشاطها غير المراقب يمثل عبءا يلقاه المسافر على طرقاتنا، خاصة وان بعض هذه الحاجات يجد نفسه أحيانا مضطر لها. لكنه أمام ضرورة البحث عن الراحة والجوع والعش يرغم على التعامل مع من انتصبوا هنا وهناك لتقديم هذه الخدمات. فهل تتطور المفاهيم الخدماتية المتصلة بالنشاط على الطرقات، وتكون متوفرة ومتنوعة بالنسبة للمسافر على الطريق، وخاصة غير مستغلة له؟ ذلك ما نتمناه وما يدعو اليه مستعملو الطريق.