قمّرت - الصّباح: صادق المؤتمر العام العاشر للمنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة (أيسيسكو) المنعقد بتونس على تقرير المدير العام للأيسيسكو، المتعلق بأنشطة المنظمة بين الدورتين التاسعة والعاشرة للمؤتمر.. وتضمن التقرير الذي اتسم باختزال علمي رفيع المستوى، أهم الانجازات التي تحققت على امتداد السنوات الماضية، والجهود التي بذلتها الأيسيسكو في مجال تعزيز الحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات، إلى جانب ما يتعلق ببناء القاعدة العلمية الصلبة للنهضة الشاملة في دول العالم الإسلامي.. وكانت المنظمة اضطلعت بدور بارز على الصعيد الدولي في مجال الردّ على الاتهامات الموجهة إلى الإسلام والمسلمين، والقيام بتحركات ثقافية وحضارية ضمن أطر الحوار مع الآخر، بغاية تجاوز منطق صراع الحضارات و«فوبيا» الإسلام التي انتشرت في أكثر من عاصمة غربية منذ عدة سنوات. القدس والقضية الفلسطينية واعتمد المؤتمرون من ناحية أخرى، تقرير المدير العام للسنوات 2009-2007، حول دور الأيسيسكو في دعم المؤسسات التربوية والعلمية والثقافية في القدس الشريف وفلسطين.. وندد المؤتمر بالاعتداءات والانتهاكات الاسرائيلية للمقدسات الاسلامية، وتدميرها للمؤسسات التربوية والعلمية والثقافية في القدس الشريف وفي سائر الأراضي الفلسطينية، مؤكدين بطلان جميع الاجراءات والممارسات الاستيطانية فيها، وفقا لما تنص عليه الشرعية الدولية والمواثيق والأعراف الدولية. ودعا الأستاذ يحيى يخلف، ممثل دولة فلسطين في المنظمة في هذا السياق، إلى ضرورة أن تنكب المنظمة على توثيق جرائم الكيان الصهيوني، وهو ما تبناه المؤتمر بالاجماع، وأوكل للمنظمة مهمة القيام بهذا العمل.. وناشد المؤتمرون قيادة المنظمة، إيلاء مدينة القدس الشريف وفلسطين الأولوية القصوى في المحافل الدولية، دفاعا عن انتمائها العربي الاسلامي وحماية لهويتها، ودعما لمؤسساتها الوطنية الفلسطينية.. فيما وافق المؤتمر على مقترح الوزير الأردني بالتحرك من أجل التحذير من السياسات الاسرائيلية غير المسؤولة فيما يتعلق بالمساس بمكانة القدس التاريخية. الملف المالي للمنظمة في ذات السياق، صادق المؤتمر على مشروع خطة العمل الثلاثية للأعوام 2012-2010، وأقر موازنتها التي تقدر بنحو 41.100,453 دولارا أمريكيا لتمويل عملية تنفيذها. لكن المؤتمرين دعوا الدول الأعضاء إلى دفع مساهماتها كاملة في هذه الخطة، والتمسوا من المدير العام استئناف جهوده لتحصيل موارد مالية من خارج الموازنة، بغاية تنفيذ الجزء الأكبر من الموازنة. وكان تقرير المدير العام للمنظمة الخاص بالشؤون الادارية والمالية والقانونية، محور جدل واسع صلب اللجنة التي انكبت ليوم كامل على دراسة التقرير، خاصة في ضوء معاناة الأيسيسكو من موضوع المتأخرات المالية لعديد الدول الأعضاء في المنظمة، مما دفع المؤتمر إلى الموافقة على تمرير العمل بقرارالمؤتمر العام الثامن بشأن التسهيلات الخاصة بدفع هذه المتأخرات المالية، وذلك لفترة سنتين قادمتين، بهدف تحفيز الدول الاعضاء على تسديد مستحقات المنظمة.. هموم مشتركة.. على أن اشغال المؤتمر الذي اختتم صبيحة امس، بعد ان تم اختصار مدته (ثلاثة ايام وفق البرنامج)، كشفت عن وجود هموم مشتركة بين الدول العربية والاسلامية.. حيث ابانت مناقشات الجلسة العامة التي استمرت زهاء الخمس ساعات دون انقطاع، عن مشاغل وقضايا عبر عنها اكثر من طرف بطرق مختلفة، بينها التأكيد على اهمية التعليم الاساسي في المنظومة التربوية للدول الاسلامية، والحاحية التعليم الفني والتدريب (التكوين المهني). وتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، الى جانب الدعوة الى ايجاد آليات تنسيقية لتنشيط التعاون بين الدول الاسلامية في مجالات التربية والعلوم. وطالب بعض الاعضاء بتأسيس بنك معلوماتي في المنظمة حول مناهج التربية في العالم الاسلامي، ودعا رئيس الوفد الايراني بالحاح الى اعادة النظر في البرامج التربوية للدول الاسلامية باتجاه تعميم برامج القرآن الكريم لتحصين الناشئة من الهجمات وحملات التشويه لتعاليم الاسلام الحنيف.. وطالب وزير التربية السوري في هذا السياق، بانشاء مركز ثقافي تربوي اسلامي في المغرب تتولى تمويله الدول الاسلامية، لمواجهة حملات الاساءة للاسلام والقرآن والرسول (صلّى اللّه عليه وسلّم)، وذلك عبر تقديم برامج تربوية وثقافية «تكون أشد إيلاما للغرب من عمليات التنديد وبيانات الشجب التي تعودنا علهيا، والتي لم تقدم شيئا» على حد قوله.. واقترح امين اللجنة الشعبية التربوية في ليبيا، اصدار قوانين لتجريم المساس بالعقائد والاديان، لكنه انتقد ما تصفه الدول الاسلامية بمحاربة الارهاب، وهو ما عكسته بعض وثائق الأيسيسكو، قائلا في هذا الاطار: «نحن مدعوون الى عدم الانزلاق وراء ادعاءات الغرب ومقارباته»، واقترح استبدال عبارة (محاربة الارهاب) ب«تعليم ابنائنا قيم الاسلام السمحة».. ولم يخف وزير التربية السوداني، حاجة المجتمعات الاسلامية الى «تشكيل نسيج مترابط لمواجهة التزييف والبدع ومحاولات التغريب التي يواجهها شبابنا». وعاد الوزير السوري ليقترح ادراج كلمة «كيان ارهابي» في كل مرة تذكر فيها اسرائيل في جميع الكتب المدرسية في كافة دول العالم الاسلامي، وذلك بغاية اطلاع ناشئتنا على طبيعة الكيان الصهيوني، مشيرا الى ان دمشق اقدمت على هذا العمل منذ فترة غير بعيدة.. الجدير بالذكر، ان المؤتمر العام العاشر للايسيسكو (المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة)، قد اعاد انتخاب الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري مديرا عاما للمنظمة لولاية جديدة من فترتين، تمتد كل منهما ثلاثة اعوام قابلة للتجديد.. وفي خطوة لم تكن متوقعة، اصدر المؤتمر قرارا بدعم الأيسيسكو ترشيح وزير الثقافة المصري، فاروق حسني، لمنصب المدير العام لمنظمة الاممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).. وكان المؤتمر الذي ترأسه السيد حاتم بن سالم وزير التربية والتكوين في تونس بكفاءة عالية وادار خلاله الحوار برحابة صدر كبيرة، قد قرر عقد المؤتمر العام الحادي عشر للمنظمة بعد ثلاث سنوات من الآن في المملكة العربية السعودية..