باردو الصباح احتضن مجلس المستشارين صباح امس مائدة مستديرة حول "الشباب وثقافة المواطنة" في خاتمة نشاط هذه الدورة النيابية. واستضاف المجلس السيد سمير العبيدي وزير الشباب والرياضة الذي ألقى مداخلة في الموضوع وصفت من قبل السيد عبد الله القلال رئيس مجلس المستشارين بالنوعية الجديدة من المداخلات والحاملة لروح شبابية. وقبل ذلك افتتح السيد عبد الله القلال أشغال المائدة المستديرة مؤكدا أهمية المكانة التي يحتلها الشباب في فكر الرئيس بن علي باعتباره عماد المستقبل وسنده ومحور الرهان لمغالبة الصعاب ورفع التحديات. وابرز رئيس مجلس المستشارين أن هذه المكانة تجلت من خلال تركيز برامج الدولة ومخططاتها في كل المجالات على فئة الشباب الذي تم تمكينه من مواكبة المستجدات والانخراط في مجتمع المعرفة وتأهيلها. وأضاف القلال أن هذه المكانة تجسّمت أيضا في الاستشارات الشبابية الثلاثة وسنة الحوار الشامل التي أثمرت صياغة ميثاق شبابي جاء ليؤصّل الانتماء ويثبّت الهوية بعمق، إلى جانب تخصيص حيز هام في لوائح مؤتمر التحدّي للتجمع الدستوري الديمقراطي لهذه الفئة وكذلك توسيع مشاركتها السياسية من خلال التخفيض في سن الانتخاب إلى 18 سنة بما يدعم حضورها في مختلف المجالات ومواقع القرار. المواطنة والاحساس بالوطن وأوضح رئيس مجلس المستشارين أنّ نشر ثقافة المواطنة وترسيخها في ضمائر الشباب وسلوكهم ينبع من الايمان الراسخ بأن المواطنة هي تربية وتنشئة وهي الضامن لصون مكاسب بلادنا ومزيد تدعيمها مبينا أن المواطنة هي حقوق وواجبات، ومسؤولية الانسان تجاه نفسه وتجاه المجموعة التي ينتمي إليها، حقوق وواجبات تتدعّم في مجتمع ديمقراطي يقوم على المساواة وتكافؤ الفرص. وأبرز أنّ ترسيخ ثقافة المواطنة لدى الشباب يمر حتما عبر توسيع دور الشباب في المشاركة في كل ما يتعلق بحياتهم وتطلعاتهم وطموحاتهم وكذلك عبر كلّ ما يتّصل بتقدّم وتطوّر وطنهم وهو ما أكّده رئيس الدولة في افتتاح المؤتمر الدولي حول قضايا الشباب في العالم الاسلامي بأن الشباب لابد أن يكون في مقدمة قوى التطوير والتحديث والافادة والاضافة فلا شيء يمكن أن يبنى بدون الشباب ولا يمكن لامتنا الاسلامية أن تستعيد زمام المبادرة إلا بشبابها كما أنها لا تستطيع أن تتفاعل تفاعلا ايجابيا مع عصرها إلا بشبابها وليس بمقدورها أن تستشرف مستقبلها استشرافا موفقا إلا بشبابها. وأشار رئيس مجلس المستشارين إلى أنّ الهدف من طرح موضوع الشباب وثقافة المواطنة هو إبراز المقاربة التونسية للمسألة الشبابية والوقوف عند أهمّ المكاسب التي تحققت لفائدة هذه الفئة والتحاور حول القيم والدلالات المرتبطة بمفهوم المواطنة بمختلف أبعاده في محاولة لايجاد السبل والاليات الكفيلة لمزيد ترسيخ ثقافة المواطنة لدى شبابنا، ليكون شبابا متشبثا بالقيم الوطنية النبيلة، معتزّا بأصالته، ورافضا لمختلف المظاهر والافكار الدخيلة المنافية لثوابتنا الوطنية، ومتشبّعا بالمعرفة وقادرا على المبادرة والخلق والابداع. الشباب ليس شعارا.. بل خططا وبرامج من جهته أكدّ السيد سمير العبيدي وزير الشباب والرياضة أن الشباب في تونس اليوم ليس شعارا يرفع فقط بل هو في عمق الخطط والبرامج الرئاسية والسياسية.فمنذ سنة 1987 لم تخلو أية خطة أو برنامج رئاسي من برامج ومخططات للشباب. وذكر بأن سنة 2009 كانت سنة حوار غير مسبوق بكل المقاييس لشباب تونس،سنة استشارات لم تنقطع تستجيب للواقع ولا تزين للواقع. وذكر الوزير أن حرمان الشباب والطفولة هو الخطر بعينه ومن الخطورة ترك الشباب للغير المستعد لاحتوائهم. وأشار الوزير الى أن الحكومة حرصت على مضاعفة الامكانيات المادية بدون حدود لتكون هذه الصائفة صائفة الترفيه للشباب في المناطق الداخلية وذات الكثافة السكانية بالخصوص. وقام بتعداد البرامج التي ستحتضنها الفضاءات الشبابية.وعدّد ما تحظى به تونس من تجارب في المخططّات الخاصة بالشباب والتي لاقت استحسان عديد الاشقاء من استئناس عديد الدول العربية والافريقية بالتجربة التونسية وآخرها دولة الامارات التي طلبت من تونس مؤخرا أن توفر لها كل الاجهزة والطاقات المادية والبشرية والفنية من أجل محاكاة برامج التربية البدنية والرياضية في المدارس والمعاهد الاماراتية. كما عملت عديد الدول على التعرف والاستئناس ببرامج تونس في محاصرة ومعالجة انحرافات الشباب والاطلاع على تجارب تونس في المجال. واشار السيد سمير العبيدي الى المقاربة الدستورية التونسية الخاصة بالشباب حيث يحدد الدستور جملة من القيم والمبادئ السمحة التي تلازم المسؤولية بالحرية وتضمن حقوق الشباب وتدعمها.واشار الوزير الى مشروع برمجة منتدى دائم للشباب يهدف الى إيجاد مقاربة لتطوير التعامل مع الشباب.واشار الى وجود مشروع قانون سيعرض قريبا على أنظار السلطة التشريعية خاص بالتطوع والعمل المدني التطوعي والذي سيفتح آفاقا جديدة وكبيرة أمام الشباب والعمل الجمعياتي. واشار وزير الشباب والرياضة الى أن رئيس الدولة اذن بوضع كل الامكانيات لتعصير دور الشباب ومواكبة كل متغيرات الشباب ومضاعفة عدد الكمبيوترات في جميع دور الشباب والرفع من الربط بالسعة العالية للانترنات. الشباب والمشاركة وفيما يتعلق بالشباب والمشاركة،ذكر الوزير أن المشاركة ليست سياسية بالاساس فالشباب متحرك لا يمكن وضعه في بوتقة سياسية أو جمعياتية بل وجب النظر اليه اينما كان وتشجيع الشباب على المشاركة السياسية والمجتمع المدني. وذكر بأن 16,8 بالمائة من شبابنا اليوم منخرط في العمل المدني (9 بالمائة في الجزائر والمغرب، 16 بالمائة في أوروبا...) وهو رقم يسعى الجميع الى الرفع منه وتوسيع رقعة مشاركة الشباب في الحياة السياسية. وفيما يتعلق بالشباب والوطنية ذكر السيد سمير العبيدي ان الرياضة تلعب دورا كبيرا في تعزيز الحس الوطني والشعور بالنخوة والاعتزاز للوطن التونسي. وقال الوزير أن دور الشباب لن تكون مستقبلا مجرد منزل أو بيوت تحوي بعض التجهيزات البسيطة بل سيكون في كل دار شباب ملاعب رياضية مختلفة.وأعطى مثالا على ذلك دار شباب قبلي التي تحتوي على ملعب للتنس ومدرب مختص. واشار الوزير الى خطورة الانعزال النفسي معتبرا اياه خطرا كبيرا مؤكدا على ضرورة إبعاد الشباب عن الانعزال وهو اليوم من بين الاولويات.مشيرا الى خطورة ترك الشباب عرضة للانعزال الاجتماعي والنفسي. وذكر بأن الوطنية تتعزز برفع العلم الوطني في التظاهرات الرياضية العالمية التي ترفع همم الشباب نحو الوطنية.وطالب الوزير برفع من ينجح في الرياضة والدراسة والاقتصاد والموسيقى...وكذلك بالوقوف الى جانب من يفشل حتى لا تكون "الحرقة" هي الحلّ. وقال السيد سمير العبيدي ان تحديات كبيرة تنتظر الشباب التونسي ذاكرا أن الشباب ليس ترفيه فقط بل شغل وثقافة مبادرة اقتصادية وثقافة المواطنة التي يراها البعض حقوق دون واجبات فالشاب يطالب اكثر مما يقدم.والتحدي الاكبر هو تكنولوجيات الاتصال الذي يعتبر المستقبل ان لم نقل كل المستقبل. واكد وزير الشباب والرياضة على أهمية التحديات التكنولوجية وضرورة دفع الشباب التونسي للانخراط أكثر ما يمكن في عالم تكنولوجيات الاتصال الذي يمثل المستقبل وأعطى أمثلة عن انخراط الشباب في الفضاء الحواري الافتراضي"فايسبوك". وفي ختام تدخله طالب الوزير بضرورة الاحاطة بالشباب الذي زلت بهم القدم والذين دخلوا عالم الانحراف ومحاولة اعادة ادماجهم قي المجتمع ورعايتهم اجتماعيا ونفسيا لان مستقبل تونس في كل شبابها.