تونس الصباح في اجواء مشحونة تهيمن عليها حالة احتقان شديدة في اوساط المحامين، التأمت امس الجلسة العامة العادية لعمادة المحامين باحد الفنادق بالضاحية الشمالية للعاصمة، بحضور اكثر من 400 محام.. وسبقت الجلسة التي استمرت زهاء الثماني ساعات، تجاذبات بين كتل عديدة، على خلفية ما عرف ب«الملف المالي للعميد»، حيث تم توزيع تقارير مالية وبيانات ونصوص محاضر جلسات العمادة، عكست في مجملها خطابا يحرص اصحابه على تحميل عميد الهيئة، السيد البشير الصيد مسؤولية ما وصفه البعض ب«الاخلالات المالية» وما اسماه البعض الآخر ب«سوء التصرف المالي في العمادة»!! وانسحبت هذه الاجواء على المناخ العام للجلسة العامة، وعلى مضمون المناقشات التي تخللتها فيما كان العميد يتدخل بين الفينة والاخرى لامتصاص جزء من هذا الاحتقان، او لتصحيح ما قال «انه افتراءات وأكاذيب وادعاءات لا اساس لها من الصحة».. حول استقلالية المهنة واعتبر الاستاذ محمد جمور في تدخله، ان الحملة التي تطال العميد «تستهدف في الحقيقة هياكل المهنة واستقلاليتها» مشيررا الى ان الانتقادات ينبغي ان تتوجه لمجلس الهيئة ككل، وليس للعميد شخصيا، مبرزا ان «المساس بالعميد هو مساس بالعمادة كهيكل ينظم المهنة».. ولاحظ الاستاذ شكري بلعيد، ان المهنة مستهدفة في عملية منهجية لتفتيت الهياكل وضربها، باعتبارها رمز الاستقلالية واحد المنابر الوحيدة المتوفرة للمحامين.. وطالب الاستاذ رضا بلحاج، بان تبقى الجلسة العامة مفتوحة الى غاية شهر اكتوبر القادم، حتى استكمال التقارير المالية وحسابات مجلس ادارة صندوق الحيطة والتقاعد التابع للمحامين، باعتبارها قدمت للجلسة العامة غير مستكملة. واعتبرت الاستاذة سامية بن محمد، ان المحامي المتمرن هو المستهدف من داخل المحاماة، في ضوء المشاحنات والتجاذبات والخصومات الموجودة، وطالبت في هذا السياق بايجاد هياكل للمحامين المتمرنين وايجاد امتيازات جبائية للمتمرنين على غرار ماهو متوفر للباعثين الشبان. واقترح الاستاذ جلال الهمامي، عقد جلسة عامة خارقة للعادة تخصص للنقاش حول صندوق الحيطة والتقاعد، ويجري خلالها بحث جميع التفاصيل المتعلقة بذلك.. ووصف الاستاذ مبروك كورشيد العام الجاري ب«عام المعارك الكبرى» للعمادة حيث نجحت في تحقيق جملة من الانجازات مشددا على ان «المحاماة قلعة الديمقراطية والاستقلالية». ملاحظات.. ومقترحات من جهته، توقف الاستاذ سليم بن عثمان عند ما وصفه ب«التدهور الكبير الذي تعيشه المهنة» داعيا الى «حد ادنى من الاخلاق في التعامل مع قضايا المحامين، بعيدا عن عمليات التجاذب الموجودة» على حد قوله. وتساءل عما اذا كانت الجلسة العامة التي يحضرها 480 محاميا من مجموع 6575 محاميا، ستقرر مستقبل المحامين فيما يتعلق بالملف المالي ومصير الصندوق.. واقترح اعداد لائحة عامة تعرض على التصويت، تتضمن تشكيل لجان لجلسة عامة استثنائية تخصص لطرح المشاغل الحقيقية والاساسية للمهنة. وتطرق الاستاذ مراد العبيدي الى موضوع السمسرة الذي قال انه يتكثف يوما بعد يوم، فيما شركات استخلاص الديون تسحب الملفات من المحامين وتوظف اصحاب الزي الاسود برواتب وظيفية، وهو ما يهدد مستقبل المهنة، فيما العمادة تبدو غير معنية بخطورة هذا الموضوع. واستمرت الجلسة سجالا بين شق يدافع عن العميد وعن التقرير المالي، وآخر يطعن فيهما ويطالب بحسابات دقيقة وشفافة. ولم تخل المداخلات من اشارات واضحة الى الابعاد السياسية والانتخابية لما يعرف ب«الملف المالي للعميد» من الطرفين، الى الحد الذي جعل البعض يصف جلسة المحامين بكونها «جلسة تسخينية» للمواعيد الانتخابية القادمة..