متساكنو بن عروس يتذمّرون.. الصناعيون يبررّون والبلدية توضحّ تونس الصباح أن يتحول حي سكني الى حي شبه صناعي تتجاو فيه المساكن والاقامات والشقق بورشات الميكانيك والسباكة والحدادة والنجارة والخراطة وغيرها وحتى بعض المصانع الصغيرة فان ذلك يمثل اشكالا كبيرا وتجاوزا للقانون المانع لتواجد بعض الورشات والمهم الحرفية وسط الاحياء السكنية. فبعض الاحياء التي كانت بالاساس سكنية واجتاحتها- بسبب قلة الوعي وتساهل البلديات- بعض الورشات،أصبح العيش داخلها يستحيل خاصة في فصل الصيف الذي تفرض طبيعة العمل الوظيفي والاداري على الاغلبية العودة الى منازلهم للخلود للراحة والقيلولة على عكس الصناعي وصاحب المهنة الحرة ومنهم أصحاب الورشات الذي لا يعترف بالتوقيت الصيفي ويواصل عمله متى أراد وبالشكل الذي يريد..مستعملا آلاته اليدوية والميكانيكية وغير مبال بالتلوث السمعي الذي يتسبب فيه. ورشات تحتّل الارصفة وتسّد منافذ المنازل "الصباح" وبعد تشكيات عديدة من المتساكنين،عاينت أحد الاحياء التي تمثل نموذجا لهذه الاشكالية التي تعاني منها عديد الاحياء في كامل الجمهورية وحتى الراقية منها حيث لا تستغرب أن ترى ورشة ميكانيك أو ورشة نجارة وسط حي سكني راق...العينة التي كانت "الصباح" شاهدا على المضرة التي تلحق متساكنيها يوميا جراء تواجد الورشات بمختلف أنواعها وخاصة ورشات الميكانيك والسمكرة والكهرباء نتيجة قرب المكان من مركز الفحص الفني للسيارات ببن عروس هو حي.....الذي احتلت الورشات والسيارات التي هي بصد الاصلاح والصيانة كامل شارع عنابة ونهج غزة خاصة والانهج المجاورة لشارع فرنسا - تقاطع نهج بنزرت وشارع عنابة...فجميع هذه الانهج والشوارع وهي بالاساس سكنية حسب المظهر العام للمنطقة وحسب بعض الوثائق البلدية التي أمدنا بها المتساكنون والتي تشير الى ان المنطقة سكنية ومخصصة للسكن فقط،غابت عنها كل مظاهر الحياة المدنية وبصعوبة يمكن تمييز باب منزل عن أبواب الورشات الحديدية الملطخة والملوثة والمميزة بالوانها المختلطة والغريبة والتي تعلوها كتابات دالة على نوعية النشاط الذي يميز الورشة.. كتابات بالعربية والفرنسية جلّها أخطاء لغوية. هذا الانتصاب الكبير والفوضوي لورشات الميكانيك،الطولة والدهن،تصليح اضواء السيارات،غسيل السيارات...تضرر منه سكان الانهج المذكورة حيث احتلت هذه الورشات وسياراتها وتجهيزاتها الارصفة واحتلت الطريق الذي أصبحت حركة المترجل فيه شبه مستحيلة.هذا الى جانب التلوث البيئي الكبير حيث عمتّ المكان روائح كريهة جراء أشغال دهن السيارات داخل الورشات وخارجها الى جانب ما يتركه العمال من فضلات داخل الورشة وخارجها. كذلك التلوث الذي تتسبب فيه الزيوت المستعملة والتي يلجأ بعض العملة واصحاب الشركات الى سكبها مباشرة على الطريق وعلى الرصيف. وهذا الشيء أكدّه لنا السيد لمين أحد المتساكنين في المنطقة والذي أشار الى ان المنطقة التي كانت في البداية سكنية عمد بعض مالكي العقارات داخلها الى بناء مستودعات قاموا بتسويغها دون استشارة بقية السكان ودون ان تتحرك البلدية...وتدريجيا ومع ارتفاع اسعار الكراء اصبح البعض يلجا حتى الى التضحية بأحد غرف بيته ويفتح لها بابا خارجيا ويسوغها كمستودع وهكذا وتدريجيا تحول الحي السكني الهادئ الى حي صناعي يستحيل فيه العيش بهدوء وراحة مع وجود تلوث بيئي وتلوث سمعي وبصري الى جانب الروائح الكيمياوية وروائح المزابل والفضلات... كما أصبح المرور عبر الارصفة والى المنازل سواء بالنسبة الى المترجلين أو بالنسبة الى العربات صعب للغاية ان لم يكن مستحيلا.فالسيارات المعطبة والسيارات التي تخضع للصيانة وللدهن وغيرها احتلت الارصفة واغلقت أبواب المنازل وسدتّ الفضلات الميكانيكية والسيارات المعطبة التي تنتظر الاصلاح المنافذ المؤدية الى منازل المتساكنين الى حد تعذر على البعض ركن سياراتهم وادخالها الى المآوي المخصصة لها بالمنازل. المتساكنون يتذمرون.. وأصحاب الورشات يبررون ويقّر السيد فرجاني صاحب ورشة ميكانيك بذلك معبرا عن اسفه لكن ضرورة العمل هي التي فرضت الحال مشيرا انه والعديد من اصحاب الورشات يحاولون أقصى ما يمكن احترام الطبيعة السكنية للحي واحترام الجيران ومحاولة الحد اقصى ما يمكن من الضجيج والتلوث البيئي. لكن احيانا يكون الصنّاع بعيدين عن الوعي المطلوب وكذلك أحيانا يترك الحريف سيارته في مكان غير مناسب ويغادرحاملا معه المفاتيح وهو ما يضع صاحب الورشة في ورطة مع جيرانه. كما أنّ الضجيج المتواصل جراء تجريب فرامل السيارات في الانهج وأشغال الطولة وما تتطلبه من طرق اصبح يثير اعصاب المتساكنين ويهدد سمعهم هذا الى جانب الكلام البذيء والصياح الصادر عن الورشات سواء من طرف العملة او حتى الحرفاء. وفي هذا الاطار يقول السيد سامي الرديسي أنه عانى ولا يزال من الكلام البذيء وأنه أصبح في حرج كبير من أبنائه خاصة انه يستمع واياهم يوميا الى كل اصناف الكلام البذيء حتى أنه اصبح يتحاشى استضافة أي كائن الى منزله أو رغم محاولاته اثناء "جيرانه" الميكانيكيين عن سوء الاخلاق فانه فشل بل أنه تعرض للتهديد بالعنف كم من مرة.ولدى نقلنا هذا التذمر لصاحب ورشة "طولة ودهن" مجاور أجابنا بأن هذا الكلام مبالغ فيه وان صاحب الورشة مواطن مثله مثل غيره ويحاول اقصى ما يمكن احترام الغير. وأكد محدثنا أنه متسوغ للمحل من قبل صاحب المنزل بمبلغ 350 دينارا وشهريا والذي سوغ محله كان مستعدا لكل شيء مقابل هذا المبلغ المالي الذي يصله كل بداية شهر. أين البلدية؟ وأمام هذه الاشكاليات وهذا التجاذب بين المتساكنين والمهنيين كان لابد من طرف ثالث يعطي لكل ذي حق حقه وينظم الحياة في هذه المنطقة وهذا الطرف لن يكون سوى البلدية التي اعلمنا المتساكنون أنها تكتفي فقط بسعيها لتنظيم حركة المرور في شارع فرنسا من خلال رفعها للسيارات الرابضة بشكل مخالف وهذا شيء ايجابي يحسب لها.لكن هذا النشاط قابله غياب كلي لاعوان التراتيب الذين وحسب المتساكنين يقتصر تدخلهم فقط على السكان وزجرهم وتخطئتهم في ما يخص فواضل البناء امام المنازل واغصان الاشجار المشذبة...التي تسجل تأخيرا في رفعها. وطالب المتساكنون البلدية بالمساواة في الحقوق ولاسيما الحق في التمتع بمناخ سليم ولائق.وقال السيد سالم الرحوي أن التدخّل الفوري والسريع من البلدية لانهاء حالة الفوضى التي يعيشها سكان هذه الانهج من الدائرة البلدية في بن عروس الشرقية أكثر من ضروري، مؤكدا ان هذه الفوضى وهذا الاستحواذ على الانهج والارصفة في المنطقة انجر عنه تدهور اخلاقي كبيرأفرزه الانتصاب الفوضوي للورشات وكذلك بعض العملة والزبائن الذين لا يقدرون الظرف الخاص للمنطقة. ونقلت "الصباح" جملة هذه التذمرات الى بلدية بن عروس التي أفادتنا أنّ مصالح البلدية لم تدخر أي جهد لتسوية هذه الاخلالات ومنذ سنوات حاولت نقل جميع الورشات الى منطقة صناعية أعدت للغرض وهي عبارة عن فضاء للمهن الصغرى يلمّ جميع الورشات التي تمثل اشكالا بيئيا. وأضافت مصادر بلدية بن عروس أن مصالحها تقوم يوميا بواجبها الردعي والزجري ضد المخالفين للقانون وقامت باغلاق عديد الورشات بصفة وقتية كما راسلت وزارة الصناعة للامر بالغلق النهائي لبعض الورشات. وفيما يتعلق بنهج عنابة الذي يمثل اشكالا كبيرا أفادنا محدثنا أن هذا النهج طويل جدا وينقسم الى جزء صناعي وجزء سكني وقد تم غلق الورشات المتواجدة في الجزء السكني ونقلها الى فضاء المهن الصغرى. ورغم هذه المحاولات للمصالح البلدية فان عملها يبقى في حاجة الى مزيد الجهد لان الوضع الذي تمت معاينته وسط الاحياء السكنية لا يحتمل ويتطلب تنظيما أكبر.