تونس: إيقاف تمديد عقود "CIVP" بداية من 1 أكتوبر القادم    عاجل: إلغاء سفرة تونس – مرسيليا على السفينة ''قرطاج''!    عاجل: زلزال قوي يضرب سواحل الشرق الأقصى الروسي!    العربي الباجي: "القرار الأممي حول حلّ الدولتين إلغاء للحق وتكريس للباطل"    عاجل/ الحوثيون يعلنون استهداف نقاط صهيونية حساسة..    اليوم: مباريات الدفعة الثانية للجولة الخامسة للرابطة الأولى... شوف التوقيت والقنوات    كيفاش باش يكون طقس نهار السبت؟    الطقس مستقر في تونس هالأيام، شنوّة المستجدات؟    أبراج باش يضرب معاها الحظ بعد نص سبتمبر 2025... إنت منهم؟    الملعب التونسي والترجي/ النجم والاتحاد المنستيري: لاتفوتوا المبارتين..تفاصيل البث التلفزي..    هذا موعد دخول الجسر الرئيسي ببنزرت حيز الاستغلال وتعويضات مالية لأصحاب العقارات بعد ازالة منازلهم..    "كطفل موبخ".. إسحاق هرتسوغ يواجه مساءلة علنية في ندوة تشاتام هاوس بلندن    إحياء أربعينية فاضل الجزيري الأسبوع القادم    أضواء على الجهات:جمعية صيانة مدينة بنزرت أفضل مثال على تكاتف الجهود بين المجتمع المدني و مؤسسات الدولة    أضواء على الجهات: المسبح البلدي أبرز منشأة رياضية تمت صيانتها بالكامل في ولاية بنزرت خلال السنوات الأخيرة    مفزع/ تونس تسجل بين 18 و24 ألف مريض بالجلطة الدماغية سنويا وخطة وطنية للتكفل بهم..    تصريح / مشروع جسر بنزرت الجديد لم يواجه أي مشكل عقاري ،وقيمة تعويض أصحاب المنازل المزالة بلغت 45 مليون دينار    بزشكيان يشارك في القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة    اريانة: تكريم الجمعيات الرياضية و الرياضيين المتألقين بالجهة في اختصاصات مختلفة    كاس ديفيس للتنس (المجموعة الاولى) تونس - السويد 1-1    عاجل/ 100 قتيل و146 مفقودا اثر غرق قارب بهذه المنطقة..    وزارة الصحة تطلق خطة وطنية للتكفل بمرضى الجلطة الدماغية    ارتفاع عجز ميزان الطاقة الأوّلية بنسبة 16% مع نهاية جويلية 2025    السبت: حالة الطقس ودرجات الحرارة    الديوانة: حجز بضائع مهرّبة تفوق قيمتها 19 مليون دينار خلال الأسابيع الفارطة    فيديو اليوم... شيخ تونسي ينهار فرحا بخروج اسمه في قافلة الصمود    بعد الهجوم على كاتس.. قراصنة "أتراك" ينشرون أرقام هواتف نتنياهو و11 وزيرا إسرائيليا    أسامة حمدان.. محاولة اغتيال وفد حماس إطلاق نار مباشر على ورقة ترامب    حمام الزريبة اختتام الدورة 35 للمهرجان الجهوي لنوادي المسرح بولاية زغوان    أخبار النادي الصفاقسي .. الكوكي يرفع التحدي وغموض حول معلول    الكشف عن مواعيد بيع تذاكر "كان" المغرب 2025    أولا وأخيرا .. انتهى الدرس    كارثة صحية في مصر.. إصابة جماعية بالعمى داخل مستشفى شهير    وزارة التربية: يمكن للتلاميذ والأساتذة الاطلاع على جداول الأوقات الخاصة بهم على بوابة الخدمات الرقمية    اصدار دليلين موجّهين للأولياء والمربين حول حماية الأطفال من التحرش الجنسي    العجز التجاري لتونس يصل الى 14640 مليون دينار مع موفى اوت 2025    عاجل/ عملية سطو على فرع بنكي بهذه الجهة    عاجل/ فرنسا تمنح تونس 3 قروض وهبتين.. وهذه قيمتها    عاجل/ بداية من أكتوبر المقبل: الترفيع في المنحة المُسندة لهؤلاء..    يهمّ التونسيين: شرط جديد لإداء العُمرة    مع نظرة مستقبلية مستقرة.. فيتش ترفع تصنيف تونس إلى "B‬-"    يوم 28 نوفمبر .. جمعية مالوف تونس باريس تقدم عرضا في صفاقس    تونس: حجز أكثر من 15 ألف كرّاس مدرسي    خطر على المستهلك: دعوة عاجلة لتسوية وضعيات محلات تعليب المواد الغذائية    بطولة العالم للكرة الطائرة : المنتخب التونسي يستهل مشاركته بالانتصار على الفيليبين 0-3    وزارة الصحة تحذر من مخاطر السمنة وتقدم نصائح للوقاية    كرة اليد: بعث بني خيار ينتدب الظهير الفرنسي عبد الله ماني    الاحتفاظ بشاب صوّب سلاحا ناريّا مزيّفا نحو دورية أمنية بسيدي بوسعيد    بلاغ هام لوزارة الداخلية..    تحذير لكلّ إمرأة تونسية: مادة في طلاء الأظافر مسرطنة    وزارة الثقافة تبحث تحضير ملف إدراج قرية سيدي بوسعيد في لائحة التراث العالمي لليونسكو    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    خطبة الجمعة .. مكانة العلم في الإسلام    أبراج 12 سبتمبر: يوم يحمل فرصًا جديدة لكل برج    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان التشكيلي والفوتوغرافي وديع المهيري    مهرجان المناطيد الدولي يرجع لتونس في التاريخ هذا...وهذه تفاصيله والأماكن المخصصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمهور يتابع بشغف.. واحتفالية تواصلت إلى ما بعد العرض
افتتاح مهرجان الحمامات الدولي ب«مانيفاستو السرور»:
نشر في الصباح يوم 09 - 07 - 2009


الحمامات - الصباح:
حطّ جمهور غفير يتكون أغلبه من رجالات الثقافة والمهتمين بالآداب والفنون ليلة الثلاثاء الرحال بمسرح الهواء الطلق بالحمامات لحضور عرض "مانيفاستو السرور" الذي افتتح الدورة الخامسة والأربعين لمهرجان الحمامات الدولي.
وإن كان طرح اسم الأديب الراحل علي الدوعاجي في هذا العمل كفيل بإثارة الفضول فإن ارتباط العرض بالفنان توفيق الجبالي المسرحي المعروف الذي تولى انتاج العرض وإخراجه يجعل الفضول مضاعفا. ولم نكن بالتالي بعيدين عن التساؤل: إلى أي مدى نحن إزاء عملية إعادة اكتشاف على يدي الجبالي لعلي الدوعاجي الأديب التونسي الراحل وتقديمه في الصورة التي وعد بها في حديثه السابق لعرضه، صورة تكشف مدى استيعابه لشخصية الرجل المتعددة والثرية وتقديمها في عمل فرجوي يستهدف بالخصوص تلك الجماهير التي لا تعرف عن هذا الأديب الذي تكرمه بلادنا من خلال إحياء ذكرى مائويته الأولى إلا النزر القليل. لقد ظل الرجل كذلك على غزارة انتاجه حيث تقدر مسرحياته بالمئات وأشعاره وأغانيه كذلك إلى جانب اسهاماته في ساحة الإعلام والفنون التشكيلية وغيرها. وإلى أي مدى سيستفيد الجمهور من تجربة الجبالي وخصوصيات عمله وخاصة جرأة طرحه في الظفر بعمل فرجوي يجمع بين شواهد الإعتراف لشخصية استثنائية وتاريخية وأسباب العمل الفني القادر على شد الإهتمام حتى وإن كنا أو فرضنا أننا لا نعلم شيئا عن الدوعاجي.
كان العرض أخيرا أمامنا منذ أن دقت الساعة العاشرة ليلا. صمت بالغ وفضول كبير رافق البداية واهتمام تواصل إلى النهاية وأكثر من ذلك لقد بدت تلك المشاهد التي تلت العرض مباشرة أشبه ما تكون بالسوريالية.
أجواء الفرحة تمنح الجبالي أجنحة
أكثر من مائة مشارك من الشباب استمروا على المسرح يعيشون اللحظة بكامل ما يمكن أن تتيحه من مشاعر.
يصطفون لأجل صورة تذكارية مع السيد عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة والمحافظة على التراث الذي شهد العرض كاملا إلى جانب والي نابل وعدد من الإطارات الجهوية. وفجأة تتعالى الأصوات وتهتف باسم الجبالي الذي يأتي قافزا وكأن أجواء الفرح قد منحته أجنحة ليلتحق بالجمع. كانت الحركة على الركح ملفتة للإنتباه. وكأن الفرجة ينبغي أن تتواصل إلى ما بعد العرض رغم أن مدة هذا الأخير لم تكن قصيرة. حوالي ساعتين ونصف. كل الأطراف المشاركة في "مانيفاستو السرور" كانت موجودة على عين المكان. المؤلفان محمد رجاء فرحات وعز الدين المدني يتلقيّان بدورهما التهاني. يعلن رجاء فرحات أن العرض إعادة اكتشاف لعلي الدوعاجي الذي كدنا ننساه رغم أنه جزء من الذاكرة التونسية ويغدق عليه بكم من الأوصاف الحميدة التي تلتقي كلها في وصف عبقرية الرجل ويقول عز الدين المدني من جهته أن الدوعاجي هو ذاك الذي شاهدناه على المسرح ولكن العرض لا يختزل شخصيته بالكامل ويشدد على أن أمورا كثيرة لم يشر لها العرض وأنه سيصدر له خلال الشهر القادم كتاب جديد بالفرنسية يضم أشياء للدوعاجي لا علم لأحد بها من قبل. ويذكّر عز الدين المدني بنفس المناسبة مستفسريه أنه كان ولازال يعمل كل ما في وسعه لإعادة اكتشاف الدوعاجي ليقدمه خاصة بين يدي جمهور الشباب الذين لا يستطيعون حسب رأيه هضم عرض "مانيفاستو السرور" ماداموا لا يعرفون شيئا عن آثار الرجل الأدبية والإعلامية والفنية.
ولم يتردد المسرحي المنصف السويسي الذي كان من بين الحضور في الإعلان عن مباركته للتجربة معربا عن سعادته الكاملة بعودة مهرجان الحمامات للأصل والأصل عنده يتمثل في الإحتفاء بأبي الفنون.
كانت الأجواء احتفالية على الركح .و مع ذلك وإذا ما عدنا إلى بداية العرض فإننا ندرك أن الأمور لم تكن بديهية إلى هذا الحد.
كانت عملية الإقلاع صعبة شيئا ما. طالت المشاهد قليلا وكأن المخرج تعمد تمطيط المشاهد الأولى ليثير تساؤل الجمهور وشوقه. لكن مع مرور الوقت. تحرّرت الأصوات والأبدان وبدأنا نتحسس بصمات توفيق الجبالي ووخزاته التي كم أسعدت الجمهور ودفعته للضحك بصوت عال.
رويدا، رويدا ندخل عالم الدوعاجي. نقتحمه من الداخل ونغوص في أعماق هذه الشخصية. ولا ننكر على توفيق الجبالي نجاحه في تقديم صورة واضحة المعالم للدوعاجي. لم يؤلهه ولم يقدم له صورة مجردة. وإنما قدم لنا شخصية إنسانية شفافة تحمل كل متناقضات المبدع الصادق من ملكات ومشاعر وعقد كذلك.
الثأر للدوعاجي والإنتفاضة ضد تلك النهاية البائسة
وبدت بصمات الجبالي واضحة جدا في المشهد الأخير. لقد اقتصّ بطريقته الخاصة من التاريخ. الدوعاجي الذي نعرف أنه مات وحيدا وبائسا وهو لم يقفل عامه الأول بعد الأربعين تبكيه امرأة عاشقة وتقام له جنازة رمزية ويودعه الناس بالولولة والنحيب وكأنه أراد من خلال ذلك اعلان ولادة الدوعاجي مجددا بعد الموت. وقبل ذلك لم ينفك العرض يقدم ابداعا لا يمكن إلا أن نندهش إزاءه عندما نعلم أن الدوعاجي كان قد عاش فيما بين 1909 و1949. ولا نزداد إلا دهشة عندما نستمع للدوعاجي يطرح قضية وجودية بأسلوب دقيق وبعيدا عن الإستهجان وهو الذي لم يبق على مقاعد المدرسة إلا عامين أو ثلاثة. وقد لخص الدوعاجي القضية في قصيدة بالدارجة التونسية يتساءل فيها بأسلوب يجمع بين النباهة والفطنة والظرف عما فعل بحياته وماذا ينتظر من هذه الحياة. كان توفيق الجبالي وفيّا لعهده. قال قبل العرض أنه لن يقدم الدوعاجي في صورة المبدع المتعب والمقهور وكان له ذلك. فلا شيء يشير إلى ما ترسخ في الأذهان حول ما يعرف ب"فنان الغلبة". حتى مشهد وفاة الدوعاجي الذي كان مأساويا حسب الرواة تحول إلى مشهد طريف. الدوعاجي يأفل أمام الكاميرا وهو يتحدث إلى مصدح المذيعة ( كريمة الوسلاتي ) في إعلان عن ذلك الصوت الذي يصدح عاليا وبالمناسبة فإن الجمهور اكتشف في هذا العرض المذيعة كريمة الوسلاتي تخطو خطواتها الأولى على المسرح وهي من بين تلاميذ توفيق الجبالي بورشة المسرح التابعة لفضاء التياترو.
اعتمد العرض إذن على الهواة من تلامذة التياترو. وهو ما جعله ينضح بروح الشباب وبعفويته واندفاعه. لكن بانت ملامح العمل الحرفي الذي قام به توفيق الجبالي والتأطير الذي خص به الجماعة مستعينا بذلك بفريق من الفنيين والتقنيين الذين برهنوا على قدرة واضحة على الخلق ومن أبرز هؤلاء المخرجين المساعدين غازي الزغباني ونوفل عزارة والشاذلي العرفاوي وفؤاد ليتيم وصمم الرقصات نجيب خلف الله.
اعتمد العرض إلى جانب السرد على أشكال فنية متعددة من بينها الغناء والرقص الكوريغرافي واستغل الجبالي بالخصوص الأجساد الرياضية للشبان والشابات لتجسيد الرقصات والمشاهد الإستعراضية كما استغل تقنيات تعدد الأبعاد خاصة في بداية العرض ومن خلال المشهد المحيل إلى مقهى تحت السور الشهير الذي كان يجتمع فيه الدوعاجي مع النخبة الثقافية والسياسية.
احتل الجانب الرمزي في العرض مساحة كبيرة. وتجنب المخرج أن يكون عرض " مانيفاستو السرور" درسا تلقينيا مرتبطا بعصر الدوعاجي فحسب وجعل منه عرضا فرجويّا يحمل جمالية خاصة حيث تختلط فطنة الدوعاجي وطرافته بذكاء الجبالي وقدرته الكبيرة على تمرير الإحالات على هذا العصر بأسلوب فرجوي عصري وبالغ الطرافة مستفيدا من تكنولوجيا العصر وكان مشهد " المروقية " الشهير من أقوى الدلائل على ذلك.
ولا ينبغي أن نغفل النص في هذا العمل. كنا إزاء توليفة ذكية وكوكتالا يختزل عمق التجربة الإنسانية ويعطي صورة واضحة عن تنوع تراث الدوعاجي وسخائه في العمل وطرافة أسلوبه وجمعه الذكي بين الجد والهزل.
احتلت المرأة في العرض مكانة جوهرية ولمسنا بوضوح ما يحمله المبدع الراحل من مشاعر متناقضة تجاهها. فهو تراه يلاحق المرأة تارة ويخشاها أخرى.
وقد لا ينبغي أن نغفل ما احتله "السفساري" من مكانة وكان في عمق عدد من اللوحات الكوريغرافية التي صممت للعرض كما أنه تم استخدامه لدوره الوظيفي ولما يحمله كذلك من رموز. ويبدو أن نجاح العرض كان وراء ما تقرر من إعادة برمجته في سهرة الإربعاء القادم بمهرجان الحمامات قبل أن يحل موعد السابع عشر من جويلية الجاري بمهرجان قرطاج الدولي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.