الفخراني... تجربة ثرية ومتنوعة قمرت - الصباح إن كان يحيى الفخراني مشهورا ومحبوبا في الزوايا الأربع للمنطقة العربية لأنه من بين أبرز الممثلين في مصر ومن بين أعلاهم كفاءة ولكن أيضا لأنه يأسر قلوب مشاهديه بذلك الصدق وتلك العفوية وخلوه التام من عقد الممثل الكبير. ربما قد تنسى عنوان عمل من أعماله السينمائية والتلفزيونية الكثيرة ولكن من الصعب أن لا تستحضر تلك الطبيعة الطيبة والخيرة والمرحة عند يحيى الفخراني الذي استقبلته تونس ضيف شرف ونجم الدورة الجديدة للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون التي افتتحت مساء أمس وتتواصل إلى 16 من جويلية الجاري. وكانت الإنطلاقة في الحديث مع هذا الطبيب الذي تحول بمحض إرادته إلى الفن باستفسار حول مدى قدرة السنين الطويلة في ممارسة الفن في إقناعه نهائيا بصواب الإختيار فكان الحديث التالي: تحصل الفنان يحيى الفخراني سنة 1971 على شهادة الطب والجراحة ومارس مهنة الطب لفترة قصيرة ثم تفرغ تماما للفن. هل تعتقدون اليوم بعد كل هذه السنين أن التحول من ميدان الطب إلى التمثيل كان قرارا مريحا؟ - أطرح السؤال من زاوية ما إن كان القرار سليما أم لا وأعتقد أن قراري كان سليما لأنني أحب التمثيل وأستمتع كثيرا بهذا العمل. ربما لم أنس الطب لأن هذه المعارف لا تنسى وإنما فقدت الممارسة. مع العلم وأن الفن سابق لدراسة الطب فقد بدأت التجربة الفنية بالموسيقى بالمدارس الإعدادية وكنت أعزف على آلة الآكورديون وواصلت التجربة بالجامعة من خلال المسرح. يكاد يكون الفنان يحيى الفخراني من أكثر نجوم اليوم الذين يحققون أرقاما هامة من حيث الإقبال الجماهيري. هل أن معرفتكم بأن الجمهور يساندكم تمنح الفنان مناعة وهل تخلق هذه المساندة إشكالية من حيث الخوف من عدم الإبقاء على محبة الجمهور مثلا؟ إن محبة الجمهور ثروة حقيقية. ودعم الجمهور لا يمكن إلا أن يكون دافعا لمزيد العمل لكن هذا لا يعني أن يكون الأمر عائقا دون الدخول في مغامرات وتنويع التجارب. الخطر الذي يتربص بالممثل يتمثل في أنه أحيانا لا يستطيع الخروج من النجاح. وفي مثل هذه الحالات قد يبقى مشدودا إلى نوعية محددة من الأعمال دون غيرها. بالنسبة لي ينبغي أن تستفيد من مساندة الجمهور لتطوير تجاربك وتنويعها. أذكر على سبيل المثال شخصية " حمادة عزّو " التي جسمتها في مسلسل " يتربى في عزو " (يجسد شخصية الإبن المدلل الذي لم يستطع الخروج من جلباب والدته حتى بعد الستين من عمره). قد لا يقبلها المشاهد في البداية لكنه عندما يحترم تجربة هذا الممثل فإنه سيصبر عليه ثم يكتشف رويدا رويدا قيمة العمل. شخصيات على غرار "سليم البدري" في مسلسل ليالي الحلمية بأجزائه الأربعة أم "حمادة عزو" أم "الملك لير" (مسرحية تتواصل منذ 10 سنوات) إلخ.. ماذا تترك فيك هذه الشخصيات عندما تنتهي منها؟ الأمر واضح بالنسبة لي. كل شخصية أنتهي منها أتركها خلفي. هكذا فقط أتجنب الوقوع في التحنيط أو ما سميته عدم القدرة على الخروج من النجاحات التي يحققها الممثل. يكرر الفنان يحيى الفخراني دائما أنه لم يقبل تلك الشخصية أو غيرها بما في ذلك شخصية الملك "فاروق" رغم أنها ألفتها الدكتورة لميس جابر قرينتكم لأنها لا تناسب سنه فهل أن الفنان يجب أن يرتبط حقا بعدد سنوات عمره؟ الأمر كذلك والمسألة محسومة عندي لأنني لا أقبل أن أقوم بعمل لا يناسب عمري وبالتالي يرفضه الجمهور. وصحيح كذلك أنني رفضت آداء شخصية الملك الفاروق التي كتبتها زوجتي لأنها لا تتلاءم مع سني. كل جيل وجيله وكل فترة من العمر ولها حرمتها وخصوصيتها. تقول دائما في تصريحاتكم أن السينما لا توفر مواضيع تناسبكم هل للأمر علاقة بالعمر كذلك. السينما تقترح مواضيع لا تناسبني وهي تتوجه أكثر للشباب مقابل ذلك فإن التلفزيون يوفر لك الفرصة لتقديم أعمال هامة ويمنحك الإحساس بقيمة العمل الذي تقترحه على جمهور المشاهدين لكنني لست في قطيعة تماما مع السينما ولم أرفض مثلا فيلم "محمد علي " (من تأليف لميس جابر) لأنني رأيت أنه يتناسب مع المرحلة العمرية التي أمر بها اليوم. لكن مشروع فيلم محمد علي ما فتئ يتأجل. هل أن فرضية انجاز هذا الشريط الذي تأجل موعد تصويره مرات عديدة قد تصبح صعبة التحقيق في نهاية الأمر. كان من المفروض أن تنطلق عملية التصوير في شهر أكتوبر من العام الجاري. لكن وإلى حد الآن لم يأت من الشركة المنتجة للعمل ما يفيد بأنه سيقع الإلتزام بهذا الموعد. بالنسبة لي كان الإتفاق واضحا فقد أعلمت الشركة بأن موعد أكتوبر القادم آخر تأجيل أقبل به بخصوص هذا العمل. تعد أعمال الفخراني التلفزيونية والسينمائية بالعشرات وأغلبها لاقت استحسان الجمهور والنقاد. كيف تنتقون الشخصيات وهل من مواصفات لشخصية بعينها ترغبون في آدائها؟ ليس هناك شخصية بعينها لأن الشخصيات في نظري وليدة المجتمع والعصر. بالنسبة لي يجب أن تكون الشخصية قريبة من المشاهد يفهمها ويتواصل معها. بدأت الحدود المصرية تفتح نوعا ما في وجه الإنتاج العربي خاصة إذا كانت "هوليود العرب" طرفا في هذا الإنتاج. كيف تقيمون تجربة الإنتاج العربي المشترك وكيف تراقبون مسألة الحضور العربي بمصر خاصة فيما يتعلق بالفنانين؟ أعتبر من جهة أن الإنتاج العربي المشترك شيء مهم ومطلوب أما بالنسبة لوجود الممثل العربي على التراب المصري فهو كذلك أمر إيجابي وأشجعه ففيه دعم للإنتاج ككل. مرحبا بالكفاءات لأنها تقدم الإضافة. أمريكا مثلا وهي الدولة الواسعة المترامية الأطراف تستقبل الممثل والكفاءات من أوروبا وآسيا وأستراليا. فهي المستفيدة في نهاية الأمر لأن الفيلم أو العمل يبقى أمريكي بالأساس. تعود جمهور النظارة منذ سنوات بمشاهدة يحيى الفخراني في شهر رمضان فبماذا تطلون على الجمهور العربي خلال شهر الصيام لهذا العام؟ أجسد شخصية "ابن الأرندلي" وهي كلمة دارجة مصرية تعني المتحّيل. وعموما أحرص على الظهور في هذا الموعد من كل عام لأن رمضان موسم هام بالنسبة للممثلين وللجمهور كذلك ويهمني أن أبقى وفيا لهذا الموعد. عموما بالنسبة لي لا أقدم أكثر من عمل تلفزيوني واحد كل عام وأحرص أن يكون في رمضان. يحيى الفخراني ضيف شرف بالمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون بماذا يمكن أن تفيد مثل هذه التظاهرات في ظل تعدد قنوات البث الأجنبية وغزوها للتراب العربي؟ أهم شيء بالنسبة لهذه المهرجانات أنها توفر فرصا للتلاقي قبل أن تكون مساحة للعرض والطلب. بالنسبة للمنافسة الخارجية لا بد من الحذر والجودة المهنية. ولابد من لفت الإنتباه إلى أننا كممثلين وفنانين نستفيد من كوننا أبناء هذه الثقافة و هذه البيئة. نحن مبجلون على الأجنبي من الجمهور العربي. يعني يمكنني أن أحقق العالمية من منطقتي العربية. المهم أن نكون في المستوى مهنيا وتقنيا حتى لا نترك مساحة شاغرة للأجنبي كي يحتلها. يكاد يكون يحيى الفخراني من الفنانين القلائل الذي يحرص على أن يطرح نفسه على الجمهور بدون ماكياج. هل من فلسفة لهذا الإختيار؟ فعلا لا أستعمل الماكياج ولا أنوي استعماله. أفضّل أن أكون كما أنا خال من الرتوش والتزويق ولا أنوي أن أتغير. لا حاجة لي بالتجميل ولا أتصور أن عدم استعمالي الماكياج كان في يوم ما عائقا أو حائلا دوني ودون وصول أعمالي إلى الجمهور. حوار: حياة السايب ------------------------------------------------------ الفخراني... تجربة ثرية ومتنوعة يحيى الفخراني من مواليد أفريل 1945. متحصل على شهادة في الطب والجراحة. مارس الطب لفترة ثم تركه لفائدة الفن والتمثيل. ويجمع اليوم الفخراني رصيدا ثريا من الأعمال التلفزيونية والسينمائية والمسرحية. ومن أشهر أعماله التلفزيونية ليالي الحلمية في أجزائه الأربعة ونصف ربيع الآخر ويتربى في عزّو وجحا المصري وسكة الهلالي وشرف فتح الباب (2008) وللعدالة وجوه كثيرة ألخ... أما من أبرز أفلامه فنذكر جريمة في فجر الخميس والأقزام قادمون ورحلة الشقاء والحب وامرأتان ورجل والحب في الثلاجة وإنهم يسرقون الأرانب وغيرها من الأعمال التي تعد بالعشرات. وهو حاليا بصدد الإعداد لفيلم "محمد علي" الذي رصدت له ميزانية ضخمة جدا كما يلاقيه جمهور التلفزيون في رمضان من خلال مسلسل "ابن الأرندلي". ومن أبرز أعمال الفخراني المسرحية نذكر بالخصوص "الملك لير" التي يعرضها منذ سنوات. ويحيى الفخراني متزوج من الطبيبة وكاتبة السيناريو المعروفة لميس جابر التي عرفها منذ أيام الجامعة.