جلول: أفكر جديا في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.    عاجل/ تعطل الدروس بالمدرسة الإعدادية ابن شرف حامة الجريد بعد وفاة تلميذ..    خطير/بينهم تونسيون: قصر يتعرّضون للتعذيب في أحد السجون الإيطالية..    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي يواصل التحضيرات بجنوب إفريقيا    اليوم النظر في شرعية القائمات الثلاث المترشحة لإنتخابات جامعة كرة القدم    كانت متّجهة من العاصمة الى هذه الجهة: حجز مبلغ مالي على متن سيارة اجنبية    شكري الدجبي يطالب بمواصلة العمل بالإجراء الاستثنائي لفائدة الفلاحين    شهداء وجرحى في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة بقطاع غزة..    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الأربعاء 24 أفريل 2024    مفزع/ حفل زفاف يتحول الى مأساة..!!    تحول جذري في حياة أثقل رجل في العالم    الاتحاد الأوروبي يمنح هؤلاء ''فيزا شنغن'' عند أول طلب    جنوب إفريقيا تدعو لتحقيق عاجل بالمقابر الجماعية في غزة    التمديد في مدة ايقاف وديع الجريء    توقيع اتفاقية تعاون بين وزارة التشغيل وبرامج ابتكار الأعمال النرويجي    البطولة الإفريقية للأندية البطلة للكرة الطائرة: ثنائي مولودية بوسالم يتوج بجائزة الأفضل    ماذا ستجني تونس من مشروع محطة الطاقة الكهروضوئية بتطاوين؟    نابل: الكشف عن المتورطين في سرقة مؤسسة سياحية    قفصة: الاطاحة بمروجي مخدرات وحجز كمية من المواد المخدرة    بنزرت: تفكيك شبكة مختصة في تنظيم عمليات الإبحار خلسة    باجة: وفاة كهل في حادث مرور    اختناق عائلة متكونة من 6 أفراد بغاز المنزلي..    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    ممثل تركي ينتقم : يشتري مدرسته و يهدمها لأنه تعرض للضرب داخل فصولها    %39 زيادة رصيد الخزينة العامة.. دعم مكثف للموارد الذاتية    الحماية المدنية: 21 حالة وفاة و513 إصابة خلال 24 ساعة.    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    لطفي الرياحي: "الحل الغاء شراء أضاحي العيد.."    أنس جابر تواجه السلوفاكية أنا كارولينا...متى و أين ؟    بطولة كرة السلة: برنامج مواجهات اليوم من الجولة الأخيرة لمرحلة البلاي أوف    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل إلى النهائي رغم خسارته امام لاتسيو    أمطار غزيرة: 13 توصية لمستعملي الطريق    فاطمة المسدي: 'إزالة مخيّمات المهاجرين الأفارقة ليست حلًّا للمشكل الحقيقي'    نحو المزيد تفعيل المنظومة الذكية للتصرف الآلي في ميناء رادس    المنستير: افتتاح الدورة السادسة لمهرجان تونس التراث بالمبيت الجامعي الإمام المازري    الطقس اليوم: أمطار رعديّة اليوم الأربعاء..    تحذير صارم من واشنطن إلى 'تيك توك': طلاق مع بكين أو الحظر!    رسالة من شقيقة زعيم كوريا الشمالية إلى العالم الغربي    أريانة: إزالة 869 طنا من الفضلات وردم المستنقعات بروّاد    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    رئيس مولدية بوسالم ل"وات": سندافع عن لقبنا الافريقي رغم صعوبة المهمة    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب ويطالبون بتكثيف الحملات الدعائية لاستقطاب الزوار    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    الألعاب الأولمبية في باريس: برنامج ترويجي للسياحة بمناسبة المشاركة التونسية    أولا وأخيرا .. الله الله الله الله    فيروسات ، جوع وتصحّر .. كيف سنواجه بيئتنا «المريضة»؟    توزر.. يوم مفتوح احتفاء باليوم العالمي للكتاب    عاجل/ منها الFCR وتذاكر منخفضة السعر: قرارات تخص عودة التونسيين بالخارج    إكتشاف مُرعب.. بكتيريا جديدة قادرة على محو البشرية جمعاء!    يراكم السموم ويؤثر على القلب: تحذيرات من الباراسيتامول    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    ردا على الاشاعات : حمدي المدب يقود رحلة الترجي إلى جنوب إفريقيا    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس..    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدراما الدينية والتاريخية مزدهرة تلفزيونياً.. ومهملة سينمائياً
نشر في الفجر نيوز يوم 13 - 09 - 2008


الغرب أنفق المليارات علي أعمال سينمائية تبشيرية
50 مسلسلاً مصرياً و45 سورياً هذا العام فقط بينهم أعمال تاريخية عديدة بينما الحصيلة السينمائية صفر
هل يجتمع المال الخليجي والخبرات المصرية والسورية لإنتاج سينما تاريخية ودينية؟
حطين لصلاح الدين وفتح مصر لابن العاص وفتح الأندلس لابن زياد وملاذ كرد للسلاجقة وفتح القسطنطينية لمحمد الفاتح واليمامة لابن الوليد موضوعات جاهزة
الإقبال الأمريكي علي فيلم الرسالة بعد 11 سبتمبر لفهم الإسلام يعكس أهمية السينما

العمل الدرامي الديني سينمائيا كان أو تليفزيونيا غالبا ما يتناول مرحلة معينة من التاريخ الإسلامي يصور الأحداث التاريخية التي وقعت فيها أو في أكثر من مرحلة من مراحل التاريخ أو يترجم لحياة علم من أعلام الإسلام أو ولي من أولياء الله الصالحين أو يعرض مسيرة بطل من أبطال التاريخ الذين لعبوا دورا خطيرا في عصر من العصور الماضية أو قصة من القصص التي تتناول جانباً معيناً من الدعوة الإسلامية، وقد يكون موضوع الفيلم مأخوذا من واقع الحياة أو مؤلفا من وحي الخيال، أو قصة من روائع الأدب العالمي، التي تعرض صورة من حياة الماضي البعيد أو القريب وهي ذات الموضوعات التي تناولتها السينما المصرية عبر اثني عشر فيلما للفترة ما بين 1951 1972 . ومنذ عام 1972 توقفت مصر عن إنتاج هذا النوع من الأفلام، ولم ينتج بعد هذا التاريخ سوي فيلم الرسالة للمخرج مصطفي العقاد السوري الأصل والأمريكي الجنسية والذي يعد أضخم إنتاج سينمائي يتناول موضوعا دينيا عن الإسلام، وكذلك فيلم القادسية للمخرج صلاح أبو سيف.
ففي حين شهد الربع قرن الماضي إنتاج عشرات المسلسلات الدينية والتاريخية والتي تتكلف الملايين وربما فاق بعضها ميزانيات أي فيلم سينمائي ذي إنتاج ضخم إلا أننا لم نشهد أي فيلم سينمائي يعكس فهما لطبيعة الإسلام في أي من مراحل التاريخ الإسلامي سواء كان محوره شخصية ما أو مرحلة ما من مراحل التاريخ الإسلامي.
ففي مصر شاهدنا مسلسلات شهيرة منها الفتوحات الإسلامية لمجدي وهبة، عمرو بن العاص وعمر بن عبد العزيز وهارون الرشيد لنور الشريف، الفرسان لأحمد عبدالعزيز والمخرج حسام الدين مصطفي، عن البطل سيف الدين قطز، والظاهر بيبرس لرامز جلال، وعقبة بن نافع لأحمد ماهر، طارق بن زياد لممدوح عبدالعليم، بجانب مسلسلات أبو حنيفة النعمان لمحمود ياسين، وابن ماجه والنسائي وإمام الدعاة وعبدالحليم محمود لحسن يوسف، وابن حزم والأئمة الأربعة لمحمد رياض وإبراهيم يسري.
وفي سوريا التي تفوقت في الأعمال الدينية والتاريخية شاهدنا المسلسلات السورية الرائعة الحجاج بن يوسف وتم تصوير المسلسل في أماكن عديدة كالحجاز والعراق والشام وقد بلغت تكاليف المسلسل الإنتاجية ما يفوق 3 ملايين دولار ليخرجه محمد عزيزية صاحب الخبرة الواسعة في إخراج سلسلة من الأعمال الناجحة بطولة عابد فهد، غسان مسعود، جهاد سعد، وسلمي المصري، ومسلسل خالد بن الوليد بجزأيه الأول والثاني للمخرج محمد عزيزيه، الأمين والمأمون، أبو جعفر المنصور للمخرج شوقي الماجري وصقر قريش وربيع قرطبة وملوك الطوائف وسقوط غرناطة لحاتم علي والنجم جمال سليمان ومسلسل الظاهر بيبرس للنجمين عابد فهد وباسل خياط والنجمة سوزان نجم الدين والمخرج محمد عزيزية.
وهنا أجد نفسي مطالبا باسترجاع وعرض الاثني عشر فيلما التي قدمتها السينما المصرية من نوعية التاريخي والديني من بين ما يناهز الأربعة آلاف وخمس مائة فيلم التي قدمتها السينما المصرية علي مدي مائة سنة سينما.
وهذه الأفلام التاريخية والدينية أصبحت من بين كلاسيكيات السينما يتكرر عرضها مع أغلب المناسبات الدينية علي مدار كل عام.
والجدير بالذكر أن السينما العربية تأخرت كثيراً في إنتاج هذه النوعية من الأفلام المهمة ولم تنتج فيلماً دينياً إلا في عام 1951 وهو فيلم (ظهور الإسلام) الذي أخرجه إبراهيم عز الدين عن قصة (الوعد الحق) للدكتور طه حسين وقام ببطولته الفنان الراحل عماد حمدي في دور عمار بن ياسر والفنانة كوكا في دور أمه سمية (أول شهيدة في الإسلام) وأحمد مظهر (أبو جهل) وبعد نجاحه الهائل توقع الجميع أننا سنشهد مزيداً من الإنتاج الديني في ظل انتشار الروايات والقصص الدينية علي يد أدباء كبار مثل طه حسين والعقاد والسحار وعلي أحمد باكثير ومحمد عبدالحليم عبدالله وغيرهم من الأدباء الكبار ومع وجود عشرات الروايات والقصص الدينية الجميلة وكلها تبرز الصورة المضيئة لديننا الحنيف إلا أن هذا لم يحدث وأصبح ما نشاهده نتيجة جهد فردي كما حدث من الفنان الراحل العظيم حسين صدقي الذي قدم فيلم (خالد بن الوليد) بعد أن أكرمه الله بالالتزام في السنوات الأخيرة من حياته.
فيلم بلال مؤذن الرسول فكانت البطولة للفنانة ماجدة ومحمود المليجي وحسين رياض ويحيي شاهين وحسن البارودي وعزيزة حلمي من إخراج أحمد الطوخي وكان أبيض وأسود وتم إنتاجه عام 1953م.. فيلم واإسلاماه بطولة احمد مظهر ولبني عبد العزيز ورشدي أباظة وحسين رياض وهو فيلم تاريخي مصري وإنتاج مشترك بين مصر وايطاليا استند إلي رواية واإسلاماه للمؤلف علي أحمد باكثير علي أحمد باكثير، أخرج الفيلم إنريكو بومبا وأندرو مارتن.. ويحكي الفيلم عن مدي المعاناة التي عاشها كل من محمود وجهاد أبناء السلطان جلال الدين بعد ضياع ملكهم علي يد التتار لتقذف بهم الحياة في بؤرة البحث عن الآخر وكذلك مدي المؤامرات بين شجرة الدر واقطاي وأيبك.
فيلم الناصر صلاح الدين عام 1963بطولة أحمد مظهر وحمدي غيث وعمر الحريري وليلي طاهر، مريم فخر الدين ونادية لطفي وصلاح ذو الفقار وليلي فوزي وإخراج يوسف شاهين.
فيلم فجر الإسلام إنتاج عام 1971 بطولة محمود مرسي ونجوي إبراهيم ويحيي شاهين وعبد الرحمن علي وسميحة أيوب قصة وسيناريو وحوار عبد الحميد جودة السحار وصلاح أبو سيف من إنتاج المؤسسة المصرية العامة للسينما.
ويعد فيلم الشيماء للمخرج الراحل حسام الدين مصطفي وبطولة سميرة أحمد وأحمد مظهر، من الأفلام الدينية الجميلة، شمل الفيلم أغاني رائعة.. حيث تغنت المطربة سعاد محمد بعدة قصائد حققت نجاحا كبيرا.
وفيلم هجرة الرسول بطولة ماجدة، إيهاب نافع إخراج إبراهيم عمارة الذي يعرض عادة إما احتفالا بالمولد النبوي الشريف أو بالعام الهجري الجديد.
أما رابعة العدوية التي لم تكن أبدا في يوم من الأيام غانية ولا من أهل الفجور ولا ممن غرقوا في بحر الشهوات، كما صورها بعض الكتاب فقد أظهرتها شاشات السينما بنفس الطريقة في فيلم (رابعة العدوية) للمخرج نيازي مصطفي عام 1963 من بطولة الفنانة نبيلة عبيد وفريد شوقي وحسين رياض.
ويبرز اسم الراحل عبد الحميد جودة السحار كرائد الأفلام الإسلامية حيث قدم ثلاثة أفلام من بين 12 فيلماً سينمائياً فقط لا غير أنتجتهم السينما المصرية والعربية أي قدم ما يعادل ربع الإنتاج السينمائي الديني، ويعتبر فيلم (فجر الإسلام) الذي كتب قصته وشاركه المخرج الراحل صلاح أبو سيف في كتابة السيناريو والحوار إلي جانب إخراجه له، حيث غامر بإنتاج هذا الفيلم بعد رفض كل شركات الإنتاج الكبري إنتاجه بحجة أن المشاهدين لن يقبلوا علي هذه النوعية من الأفلام وهذا بالطبع ما نفاه الواقع، فالمشاهد يقبل علي الفيلم الجيد سواء كان تاريخياً أو دينياً.
ورغم أن السحار قدم أيضاً الفيلم الخالد (بلال مؤذن الرسول) وحقق نجاحاً ضخماً عند عرضه إلا أنه فشل في إقناع شركات الإنتاج بإنتاج الأفلام الدينية رغم النجاح الجماهيري الذي حققه (فجر الإسلام) وإشادة النقاد بكل النجوم الذين شاركوا فيه مثل محمود مرسي وسميحة أيوب ويحيي شاهين.
ومن بين النجوم يبرز سينمائيا فارس السينما المصرية أحمد مظهر كأشهر من قدموا الأدوار التاريخية والدينية 0 قطز في واإسلاماه، بجاد في الشيماء، صلاح الدين في فيلم الناصر صلاح الدين، أبو جهل في فجر الإسلام)، ولمع رشدي أباظة وصلاح ذو الفقار بجانبه في أفلامه، في حين تألقت ماجدة ونبيلة عبيد وسميرة أحمد فيما قدمن من أدوار، أما تليفزيونيا فتألق أحمد ماهر في عدة أدوار وكلك ممدوح عبد العليم ومحمد رياض وجمال سليمان وعابد فهد، بجانب الفنان الكبير حسن يوسف الذي تغيرت وجهته الفنية تماما إلي الديني والتاريخي تمثيلا وإنتاجا في العشر سنوات الأخيرة.
أما فيلم الرسالة الذي أخرجه وأنتجه الفنان الأمريكي الجنسية والسوري الأصل (مصطفي العقاد) فيحكي قصة الرسالة النبوية التي بشرت بمجيء الإسلام وقد أنتج الفيلم من نسختن واحدة بالعربية وأخري بالإنجليزية وكانت العربية من بطولة عبد الله غيث أما الإنجليزية فمن بطولة أنتوني كوين، وقد واجه الفيلم مشكلة المنع من العرض في الدول العربية حتي وقت قريب حيث بدأت القنوات الفضائية بعرضه.
ويعد من أفضل الأفلام الدينية العربية التي أنتجت في تاريخ السينما، ولذلك للاستعدادات الكبيرة التي قام بها المخرج وانتقائه أفضل الكفاءات الفنية من ممثلين ومصورين وديكورات وأزياء ومواقع تصوير، وقد حرص المخرج علي الحصول علي موافقة الأزهر علي سيناريو الفيلم الذي اشترك في كتابة السيناريو والحوار له أدباء مصر الكبار(توفيق الحكيم) و(يوسف إدريس) فضلا عن المخرج نفسه.
وكان الرسالة آخر عمل سينمائي ديني تقدمه السينما العربية وقد مضي علي إنتاجه 33 عاماً، ولم تتكرر تجربة إنتاج سينمائي ديني بعده، حيث اقتصر إنتاج الأعمال الدينية علي المسلسلات التليفزيونية فقط، فنشاهد كل عام مجموعة متنوعة من الأعمال الدينية والتاريخية سواء من إنتاج التليفزيون المصري أو القنوات والمحطات العربية والفضائية الأخري وتعرض جميعها في الشهر الكريم فقط، ونادراً ما يعاد عرضها في فترات أخري من العام.
وهكذا نجد أن اثني عشر فيلما أمر ليس قليلاً بل مخز فإذا كانت قطاعات إنتاج الأعمال الدرامية التليفزيونية في مصر وسوريا وكثير منها حكومية تنتج عشرات المسلسلات سنويا فهل تعجز منذ سنوات طويلة عن إنتاج فيلم سينمائي عالمي يمكن تسويقه للتعريف ببطل إسلامي أو نموذج إسلامي يعكس سماحة وجوهر الإسلام للعالم في وقت تأتي الإسلام سهام الهجوم والتجريح من كل حدب وصوب.
وإذا كانت إمارة ابوظبي قد أعلنت أنها ستستثمر علي مدي خمس سنوات مليار دولار لإنتاج أعمال سينمائية بالتعاون مع الشركات الإنتاجية العالمية بما في ذلك في هوليوود، علي أن تنتزع لنفسها مكانا مهما علي الخريطة السينمائية العالمية.فإننا نتمني أن توجه جزءا كبيرا من تلك الميزانيات لإنتاج أفلام دينية.
حيث أكدت الشركة التابعة للإمارة في بيان أنها أطلقت شركة جديدة ستقوم بتطوير وتمويل وإنتاج ثمانية أفلام سنويا كمعدل، علي أن تخصص هذه الأفلام للأسواق العربية والعالمية، فنتمني أن تستعين بالخبرات المصرية والسورية تمثيلا وكتابة وإخراجا وتقتصر الكوادر الأجنبية علي جوانب الإضاءة والتصوير والمونتاج والميكساج والماكياج لأن العمل الديني والتاريخي لابد له من روح يشعر بها المشاهد ولا يمكن إنتاج عمل ديني بمخرج لا يشعر بأحاسيس الشرق المسلم ومن ثم لن يصبح قادرا علي توصيل ما نود توصيله من رسائل للغرب غير المسلم.
وينبغي أن ننوه أنه في أمريكا وأوروبا يحظي الدين بمكانة سامية، وهم لا ينكرون البعد التبشيري والقصد الدعائي أثناء مخاطبة ملايين البشر في شتي أنحاء الأرض، ولهذا نجد أفلاماً مثل (الرداء) و(سالومي) و(الوصايا العشر) و(شمشون ودليلة) و(أغنية المهد) و(أنشودة برنادين) وغيرها من الأفلام التي أعيد إنتاجها أكثر من مرة وتم إنفاق ملايين الدولارات عليها لتظهر بصورة مبهرة وشارك في بطولتها كبار النجوم أمثال ريتا هيوارث وهيري لامار وقام بإخراجها مخرجون عالميون مثل سيسل دي ميل، الذي أعاد تصوير فيلم (الوصايا العشر) في مصر عام 1954 بعد ربع قرن من إنتاجه الأول، وتاريخنا الإسلامي عامر بالموضوعات والقصص أكثر من تاريخ الغرب وأبطالنا أكثر بكثير، ولن نكون تبشيريين بل فقط نشرح ونوضح الجوانب المضيئة في هذا التاريخ ونرسم للغرب الصورة الحقيقية للإسلام الحنيف الذي يقوم علي المساواة بين البشر والعدل والحرية والتكافل الاجتماعي والعدل أكثر من أي حضارة أخري، فبجانب حياة الرسول المصطفي صلي الله عليه وسلم و23 عاماً من الدعوة وتحمل الأذي نجد بطولات لا تعد ولا تحصي وشخصيات أكثر.
فمعركة اليمامة لخالد بن الوليد شهدت بطولات لا ينساها التاريخ، معركة اليرموك واحدة من أعظم معارك التاريخ، فتح مصر ومعركة حصن بابليون وفتح عمرو بن العاص للإسكندرية وسماحته مع القس بنيامين وأقباط مصر، فتح الأندلس علي يد طارق بن زياد ومعركة وادي لكه التي استمرت قرابة أسبوع بين قوتين غير متكافئتين عددا وعدة، معركة ملاذ كرد والانتصار التاريخي للمسلمين السلاجقة علي الصليبيين، موقعة حطين وفتح صلاح الدين لبيت المقدس وتسامحه وعدله مع غير المسلمين، وأكبر الفتوح فتح القسطنطينية علي يد محمد الفاتح 1453، كلها وغيرها تصلح موضوعات لأفلام عالمية، بجانب شخصيات ظل التاريخ يدرسها قرونا طويلة..
وهنا يعود السؤال ليفرض نفسه عن السر في عدم إقدام شركات الإنتاج السينمائي لتقديم أفلام دينية رغم نجاح ما تم إنتاجه؟
الكثيرون يرون أن عمر الفيلم الديني والتاريخي قصير علي شاشات السينما، وخاصة الآن مع تغير طبيعة الشباب القطاع الأكثر إقبالا علي دور السينما شباب الانترنت والموبايلات والرنات، هذا الشباب يهتم بأحدث الأغاني وموضات الملابس وقصات الشعر وليس بالتاريخ الذي كان مادة دراسية ثقيلة علي قلبه، كما تقف المؤسسات الرسمية الدينية أمام تجسيد عشرات الشخصيات الدينية علي الشاشة.
كما يري البعض أنه من الصعب أن تجد ممثلين حالياً من الشباب قادرين علي تحمل فيلم ديني فمعظمهم لا يمتلكون من قواعد اللغة العربية السليمة ما يمكنهم من إقناع الجمهور، وفي الوقت ذاته من الصعب أن تقنع منتجاً بإسناد البطولة لممثلين غير مشهورين لمجرد أنهم متمكنون من اللغة.
ولهذا فإن التليفزيونات العربية التي توفر الدعم المادي والمعنوي للأعمال الدينية، فإن جميع المحطات الحكومية والخاصة التي تقدم في شهر رمضان من كل عام عددا كبيرا من الأعمال المميزة مطالبة بتبني إنتاج أفلام سينمائية دينية وتاريخية تصبح علامات في تاريخها وتتولي هي تسويقها كما تفعل الكثير من المحطات مع أغاني الفيديو كليب وأشرطة الكاسيت للمطربين العرب وكما تفعل مع المسلسلات.
فهروب المنتجين حالياً من تقديم أعمال دينية شيء مخزٍ، ويمثل إهانة قاسية للسينما العربية، والحجج التي يستندون إليها بأن الجمهور لن يقبل علي مشاهدتها حجج واهية وسخيفة لكون الجمهور يبحث عن العمل الذي يحمل قيمة وفكراً خاصة أنها ستقدم أعمالا لا تعتمد كالماضي علي خطب حنجورية وأصوات عالية بل بشكل يتفق وتطور الفكر وتغير العقليات بفعل تطور وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة.
إن قراءة موضوعية للدوافع الحقيقية وراء إنتاج هذه الأفلام الدينية والتاريخية تضعنا أمام الكثير من التساؤلات التي تكشف الإجابة عنها حقيقة التخلف الفني والإنتاجي التي تعرضت له السينما العربية عبر مسيرتها التاريخية التي قاربت القرن من الزمان ولنتذكر كيف أقبل الأمريكيون علي شراء نسخ فيلم الرسالة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر لمحاولة معرفة الإسلام وطبيعة رسالته، فتأثير فيلم سينمائي يفوق بمراحل كثيرة تأثير عشرات الكتب التي ربما تظل حبيسة الأرفف أو يقرأها عدد قليل ممن يعشقون القراءة.
وهكذا يمكننا القول إن السينما التاريخية والدينية ومنذ عام 1972 قد خرجت ولم تعد بل وطال انتظارها رغم كل ما حدث من تطورات في عالم الإنتاج السينمائي سواء من حيث الديكورات والملابس أو الخدع السينمائية والماكياج والتصوير والإضاءة والصوت.
الراية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.