تبذل الدولة جهودا هامة للنهوض بالبلاد والارتقاء بها الى مستوى الامم الراقية التي يحلو فيها العيش ويتركز اهتمام الحكومة على إعداد المخططات وبرمجة المشاريع الكبرى وتنصب جهودها على جلب الإستثمارات وتوفير المزيد من مواطن الشغل مؤتمنة مؤسسات الدولة المعنية بالحفاظ على جودة الحياة بتأمين ما يستلزم لذلك، موفرة لها الإمكانيات اللازمة لتوفير الحدود الدنيا في شتى الخدمات التي تجعل المواطن راض على أداء من اؤتمنوا على هذه المهام النبيلة. ومن هذا المنطلق فإن لهاته المؤسسات ومسؤوليها دور فعال في توطيد العلاقة بين المواطن والدولة أو توتيرها.. ورغم ثقل المسؤولية ودقتها فإنها هينة على من يدرك طبيعة العلاقة التي يفترض أن تتوطد مع المواطن والتي تتلخص في الانصات الى مشاغله وجعله يشعر بأنه ليس مجرد رقم في معادلة النمو يوفر ناتجا ويسدد أداءات ويتكلف على صندوق التعويض بنسبة مائوية مقارنة بما يقدمه والجهود مبذولة لتخفيض ذلك الى النصف بحلول المخطط القادم، بل هو ذات بشرية لا تطلب الكثير بل تطلب أمورا بسيطة هي في الواقع السهل الممتنع في نحو من فهموا خطأ مرامي الرسالة النبيلة التي أوكلت لهم عند تحميلهم المسؤولية فحفظوا حقوقهم وأحسنوا صرفها وتناسوا واجباتهم واعتبروها بالإتكاء على ''المذهب الحنفي'' ممنوعة من الصرف ملقين بالمسؤولية على ضعف الإمكانيات. وعلى هذا الاعتبار أصبحنا نرى العجب العجاب، فهل سمعتم بالحفرة التي تهزم الدولة بكل هياكلها ومؤسساتها وبالعلامة المفقودة أو المركزة في غير مكانها التي تجعل قياسات الدولة خاطئة ومعطياتها الرسمية مغلوطة إذا ما رام المواطن التنقل بسيارته بين مدينة وأخرى أو حتى داخل المدينة الواحدة وهل سمعتم بشاحنة النظافة التي تكذّب الجهات الرسمية التي تعلن بأن مرجع نظر الشاحنة حاصل على جائزة أنظف بلدية.. وهل سمعتم بالناموسة التي تسقط طائرات رش المبيدات بعد أن عاين الناس هزيمة الدولة أمام تلك الحشرة البسيطة.. أشكال وأنماط قد تفرض علينا مساحات بأضعاف أضعاف ما ننشره. إن ما تبذله الدولة من جهود تذهب سدى لأسباب بسيطة كان بالامكان تداركها لو اوليت عناية خاصة بالجزئيات بنفس القدر التي تولى به العناية للمسائل الكبرى، فكم من أمور ظاهرها بسيط لكنها تخفي تعقيدات يعسر فكها إذا ما وقع الحافر على الحافر لذلك فإن تلك المؤسسات في أمس الحاجة اليوم إلى نفس جديد لدى من اؤتمنوا على توطيد العلاقة بين المواطن وقيادات البلاد... نفس لا يبقي إلا على من يعشق ثقافة التميز والمواظبة في العمل وله ايمان راسخ بأهمية ما يقوم به، نفس مستعجل وإلاّ فإن غدا لناظره قريب. حافظ الغريبي للتعليق على هذا الموضوع: