تونس-الصباح : تتسبب حوادث الحياة المختلفة التى قد يتعرض لها الانسان في حرمانه من أحد أعضائه الحيوية كما أن الولادات المشوهة لبعض الأطفال تفضى بدورها إلى نمو غير متوازن قد يعيق الطفل على ممارسة حياته الطبيعية سيما إذا كان تأثير الولادة العسيرة قد يمس العمود الفقري أو يتسبب في تعطيل وظائف الأطراف السفلى أو العليا للطفل بشكل يجعله غير قادر على المشي والحركة واللعب. ولك أن تتخيل حالة الأم التي ترى ابنها عاجزا على الحركة أو ذلك الشخص الذي فقد في حادث شغل أو حادث مرور يده أو رجله أو الاثنين معا وتحول إلى رجل مقعد لا نفع منه. تسجل مثل هذه الحالات بشكل مستمر وتترك دون شك آثارا جسدية ونفسية بليغة وعميقة قد يكون من الصعب التخلص منها أو إصلاحها بشكل نهائي لكن تبقى عملية تقويمها والتخفيف من وطأتها ممكنة وهو تحديدا الدور الذي يقوم به مركز صنع الآلات المقومة للأعضاء الذي نجح مؤخرا وتحديدا في شهر فيفري الفارط في إجراء عملية هي الأولى من نوعها في بلادنا وتمثلت في صنع وتركيب طرفين علويين مع ذراع يمنى متحركة «كهرو عضلي» وذلك لفائدة شاب تم بتر أطرافه العليا والسفلى إثر حادث شغل خطير. المساعدة على الاندماج هذه العملية الأخيرة التى قام بها المركز ونجاحها في إعادة إدماج فيصل (الشاب الذي أجريت عليه العملية) في الحياة الإجتماعية والاقتصادية وإعادة الأمل لديه في الحياة بعد أن راودته فكرة الانتحار وهو ما صرح به للمختصين الذين باشروا العملية، كانت الدافع وراء زيارة «الصباح» للمركز للتعرف على أنشطته وكيفية الانتفاع بالخدمات التى يقدمها إضافة إلى الإطلاع على مشاريعه المستقبلية سيما في مجال تحسين مستوى الخدمات وتقريبها من المواطن. تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن مركز صنع الآلات المقومة للأعضاء يعود إنشاؤه إلى سنة 66 ووقع إدماجه بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي سنة 95 ويتمثل نشاط المركز في صنع وإصلاح وتجديد مختلف الآلات المقومة للأعضاء والأطراف الإصطناعية ومن بين أهداف المركز الإستجابة لحاجيات المعوقين من مختلف الشرائح وتمكينهم من الآلات اللازمة.كما يساهم المركز في تكوين ورسكلة الإطارات الفنية والمساهمة في البحوث والدراسات المتعلقة بتطوير قطاع تقويم الأعضاء. ويتفرع نشاط المركز إلى عدة إختصاصات ضمن ورشات تختص كل واحدة في صنع وتركيب نوع من الآلات المقومة وهي الأطراف الإصطناعية العليا والأطراف الاصطناعية السفلى ومختلف آلات الشلل وآلات تقويم إعوجاج العمود الفقري والأحزمة والشددات والأحذية الطبية إضافة إلى أجهزة وآلات مختلفة للتقويم. خلال تواجدنا في المركز ومعاينة عدد من الحالات وحديثنا مع الفنيين والمشرفين حول أبرز الحالات التى تتوافد على المركز أو الأسباب التي تؤدي إلى الحاجة إلى آلات تقويم الأعضاء أشار المباشرون للحالات التى تتوافد على المركز أن الاسباب تعود في المرتبة الأولى إلى حوادث الحياة سواء حوادث المنزل أو حوادث الشغل أو حوادث المرور كما أن انتشار مرض السكر والشرايين في بلادنا يؤدي إلى ارتفاع حالات بتر الأطراف السفلى تحديدا إضافة إلى تضييق عروق الساقين بسبب التدخين واللجوء في هذه الحالة إلى بتر الأرجل. وترتبط اسباب الحاجة إلى آلات تقويم الأعضاء كذلك بالأمراض الناتجة عن مشاكل في الولادة إضافة طبعا إلى مرض الشلل رغم أن حالات الإصابة بهذا المرض في تراجع مستمر. ماذا عن التغطية الاجتماعية؟ تعتبر عملة صنع هذه الآلات مكلفة نوعا ما وذلك بالنظر إلى المواد الأولية المستعملة ووجود بعض المواد يتم توريدها من الخارج من هذا المنطلق فإن التساؤل عن التغطية الإجتماعية في حالات الحاجة إلى هذه الآلات تبدو مشروعة وفي الإجابة على هذا التساؤل نشير إلى أنه يستفيد من نشاط المركز المنخرطون بالصناديق الإجتماعية وحاملو بطاقة العلاج والتعريفة المنخفضة والمنتفعون بتغطية شركات التأمين إضافة إلى المستفدين على حسابهم الخاص ويشير المشرفون على تسيير المركز أنه لا توجد إشكاليات على مستوى تأمين التغطية الإجتماعية للمستفدين من آلات تقويم الأعضاء سيما إذا توفرت فيهم شروط الانتفاع بالتغطية. ويفيد تقرير نشاط المركز أن المستفيدين بخدمات المركز بلغ حوالي 5 ألاف مستفيد وعلى سبيل المثال فقع بلغ عدد المستفدين من المنخرطين في صندوق التأمين على المرض 1849 شخصا. نشاط المركز وتشير الإحصائيات الأخرى المتعلقة بنشاط المركز أنه تم خلال السنة الفارطة صنع ما يزيد عن 6400 آلة تقويم أعضاء وبلغ عدد العيادات الطبية لتشخيص الآلات المقومة للأعضاء التي تقوم الوحدات الجهوية للمركز حوالي 302 عيادة عاينت ما يقارب 8 ألاف مريض. يذكر في هذا السياق أن لمركز صنع الآلات المقومة للأعضاء 4 وحدات جهوية في كل من سوسة وصفاقس والقيروان ونابل إضافة إلى وحدة متنقلة بتونس تغطي زغوان وجبل الوسط وسوسة والمنستير والقيروان ووحدة بصفاقس تغطي المهدية وقابس ومدنين وقفصة وتم مؤخرا إضافة وحدة بالكاف وأخرى بجبل الوسط وقريبا سيتم فتح وحدة بالمتلوى . وفي إطار تحسين جودة الخدمات قام المركز مؤخرا بانتداب 16 فنيا ساميا ولمواجهة الضغط وزيادة الطلب على آلات تقويم الأعضاء والتقليص من فترة الانتظار شرع المركز منذ سنة 2005 في عملية تأهيل شامل لكافة المراكز ستتواصل على غاية 2009.