تونس الصباح في سهرة امس الاول بفضاء قصر العبدلية بالمرسى وبحضور جمهور غفير بل وغفير جدا كان الموعد مع تلامذة «استوديو الممثل» التابع لفضاء «التياترو» بادارة توفيق الجبالي الذين اقترحوا على الحضور مجموعة لوحات مسرحية ساخرة مأخوذة ومستوحاة جميعها من نصوص لكتاب عالميين مثل شكسبير وبريشت ويونسكو وبودلير فضلا عن نصوص صاغها ووضع لها التصور المسرحي تلامذة «الاستوديو» انفسهم. فوضى مسرحية خلاقة الفنان المسرحي توفيق الجبالي الذي وضع التصور الفني العام واخرج العرض ولئن نحا به (العرض) منحى تجريبيا على مستوى الشكل اذ تمازجت فيه الموسيقى بالالقاء بالكوريغرافيا بالبعد التشكيلي البصري فانه على مستوى المضمون بدا مغرق في المحلية والوضوح وطنيا ودوليا! فمثلها وردت اشارات ساخرة من قضايا «تونسية» بحتة مثل العنف والقرف والتسيس والتدين والتحزب.. فان «عناوين» مثل العراق وفلسطين ولبنان وحتى دارفور ودار نوار! لم تكن غائبة بدورها.. كل هذه «المسائل الحياتية» تم طرحها مسرحيا او لنقل فرجويا بطريقة ساخرة وفوضوية.. فمجموعات الممثلين الشبان الذين جسدوا مختلف اللوحات بدوا وكأنهم حريصين على ان يكونوا «فوضويين» في كل شيء.. في حركاتهم وفي اقوالهم وفي ازيائهم وفي مكياجهم.. فعلى امتداد مدة العرض (ساعة ونصف تقريبا) لم يخل فضاء العرض من حضورهم الجماعي والصاخب فهم يدخلون اذا ما دخلوا مجتمعين وينسحبون مجتمعين الى درجة انه لم يحدث قط وعلى امتداد مدة العرض ان تواجد ممثل واحد بمفرده على «الركح». ايضا وانت تتفرج على عرض «مسألة حياة» لا تملك الا ان تتساءل كيف يمكن لوجوه انثوية جميلة ولاجساد شابة ان تصنع «فوضى» مسرحية صاخبة و«خلاقة» بهذا الشكل فيها من العنف بقدر ما فيها من الرومانسية وفيها من اصوات ازيز الرصاص بقدر ما فيها من كلمات الشعر والشاعرية وفيها من الجدية بقدر ما فيها من السخرية.. فهل يكون هذا الجيل الجديد من المسرحيين الشبان المنتمين لفضاء «التياترو» بادارة الفنان الكبير توفيق الجبالي قد قرروا الرد على نظرية «الفوضى الخلاقة» التي اطلقها الرئيس بوش والتي لا تزال تعاني من تبعاتها شعوب ودول في الشرق والغرب، الرد عليها بشكل من اشكال «الفوضى المسرحية» المضادة والخلاقة بدورها الساخرة من كل اشكال الحماقات السياسية والثقافية والاجتماعية هنا وهناك!.. قد يكون ذلك خاصة وان نهاية العرض تخللته قراءة لابيات من واحدة من اخر قصائد محمود درويش التي يقول فيها: على هذه الارض ما يستحق الحياة!