تونس – الأسبوعي - أصدر البنك الدولي منذ بضعة أيام تقريرا نهائيا يحمل عنوان: «نظرة استراتيجية حول الماء الصالح للشراب والتطهير في تونس: تقرير نهائي». ونظرا الى أهمية التقرير والى أن البنك الدولي جهة محايدة تساعد المؤسسات والحكومات في مختلف أنحاء العالم على التطوير والتحديث والتنمية فإننا اخترنا أن ننقل لكم أهم ما جاء في التقرير حول الديوان الوطني للتطهير (أوناس). خارج الشبكة رغم مرور 34 سنة على انبعاثه (التقرير لا يشمل سنة 2009 باعتبار أن الديوان أنشئ في 1974) فإن خدماته لا تغطي كافة المناطق البلدية ومناطق التنمية السياحية والصناعية. فمع نهاية سنة 2006 حسب التقرير شملت خدمات الديوان 5 ملايين و800 ألف ساكن من أصل 6 ملايين و700 ألف يمثلون العدد الجملي للسكان آنذاك. وتمثل نسبة التغطية 57.6% من مجموع السكان و87.8% من مجموع سكان المناطق الحضرية، علما بأن الديوان لا يفضل أن يأخذ على عاتقه تغطية المناطق غير الحضرية بحيث ظل (مع نهاية 2006 ) 813 ألف ساكن موزعين على 109 بلديات. إما خارج شبكة الديوان وإما تحت شبكة ضعيفة جدا تشرف عليها عادة البلديات. دون المواصفات! إذا أخذنا بعين الاعتبار نسبة التغطية في المناطق الحضرية (86.6%) ونسبة التغطية في المناطق غير الحضرية (4.9% فقط حسب التقرير) فإن الملاحظ هو أن قطاع التطهير، وحسب ما ورد حرفيا في التقرير، يتطور بصفة غير عادلة بين ما أسماها «مدن الديوان» (Villes ONAS) و«مدن غير تابعة للديوان» (Villes Non-ONAS) . وبما أن تطهير المياه المستعملة هو أحد المهام الرئيسية للديوان فإن تقرير البنك الدولي كشف محدودية وسائل الديوان في هذا المجال والمشاكل الجمّة المترتبة عن ذلك. فالمواصفات العالمية تفرض ألا يتجاوز نسبة ما يعرف باسم 5DBO ثلاثين ملغ في اللتر الواحد بينما بلغت هذه النسبة في المياه المطهرة من قبل الديوان 43 ملغ في اللتر. كما لاحظ التقرير أن ما لا يقل عن 88 مليون متر مكعب من المياه المستعملة ألقيت في الطبيعة دون تطهير أي أنها غير مطابقة لمواصفات الالقاء (Normes de rejet). عجز المحطات سنة 2006 قام الديوان بتشغيل 95 محطة تطهير تبلغ طاقتها 250 مليون متر مكعب. وبما أن كميات المياه المستعملة تضاف اليها كميات الامطار، أكبر من طاقة استيعاب المحطات فإن هذا الوضع أدّى الى مشاكل كبيرة كشفت محدودية نظام التطهير الذي ظل يتطور ببطء شديد على مدى 34 سنة. ومن هذه المشاكل فيضان بعض هذه المحطات بسبب الضغط الشديد عليها دون غيرها والاوحال التي تنتج عن بقاء المياه المستعملة مدّة طويلة في المحطات. ولعل أكبر مشكل هو الغازات التي تفرزها هذه المحطات وتسمى les gaz Nauséabonds» وهي طبعا سبب تلك الروائح الكريهة التي تمثل مصدر إزعاج لكافة المناطق التي توجد بها محطات تطهير. وتضاف الى كل هذا كميات المياه الصناعية الملوثة التي تصب في هذه المحطات دون أن يقوم الصناعيون بمعالجتها قبل صرفها في القنوات العمومية. ونظرا الى عدم مطابقة المياه المطهرة للقانون والمواصفات فإنها ممنوعة في إعادة الاستعمال ولم يتم الانتفاع منها في الفلاحة مثلا الا بنسبة 29% فقط من جملة المياه المطهرة. وهذه النسبة استعملت في ريّ 9000 هكتار منها 760 ملعب قولف و340 مساحة خضراء. قلة تعاون وحسب التقرير فإنّ الديوان قليل التعاون مع الهياكل الاخرى خاصة منها التي لها دخل في نشاط الديوان على غرار وزارة الفلاحة ووكالة حماية المحيط التي تفرض مواصفات صارمة لتطهير الديوان الذي لم يتقيّد بتلك المواصفات بدعوى أن التقيد بها مكلف جدا. من جهة أخرى لا يسعى الديوان كذلك، حسب التقرير الى التعاون فيما يتعلق بالمعلومات. زاد بشري فائض يسند الديوان أغلب الدراسات والأشغال الى القطاع الخاص. وفي المقابل يقوم بصيانة منشآته واستغلالها وتنفيذ أعماله من خلال زاده البشري الخاص. وهذه السياسة التي تحتاج الى إعادة نظر حسب التقرير هي المسؤولة بنسبة كبيرة عن التضخم غير المبرر في الزاد البشري للديوان الذي يشغل 4991 شخصا (إحصاءات 2006) كما لاحظ التقرير أن هيكلة الزاد البشري تظهر ضعفا كبيرا في التأطير إذ يمثل أعوان التأطير 11% فقط بينما يمثل أعوان التنفيذ 73% وأعوان التسيير 16% . بلا تبرير ولعل أكبر ما يعيبه التقرير على الديوان -إضافة الى ما سبق- أن أعوان التنفيذ التقنيين لا تتجاوز نسبتهم 54.3% خلافا للقاعدة التي تقول إن العمل الميداني هو الذي يتطلب زادا بشريا أكبر . من جهة أخرى يستغرب التقرير من تعويل الديوان على القطاع الخاص في أغلب الدراسات وتقريبا في كافة الاشغال والحال أن «جيشا» كاملا من الموظفين يعمل بهذا الديوان..!!