تونس الصباح الاستمتاع بفصل الصيف من حيث هو موسم الراحة والاستجمام والبحر والاصطياف يبقى مسألة غير مطروحة بالنسبة إلى أغلب الفنانين وبعض الممثلين في تونس، وذلك بسبب التزاماتهم العملية في المهرجانات أو «العرابن». ففصل الصيف هو فصل العمل والاجتهاد لجمع قوت العيش لباقي السنة. ولكن هل ينسى هؤلاء الفنانون الاصطياف؟ وكيف يعوّضون ما فاتهم من هذا الفصل؟ هذا السؤال طرحناه على بعض الفنانين والممثلين فكانت آراؤهم ومواقفهم متباينة. الإمتاع مقابل الحرمان على خلاف بقية الناس يحرم الفنان خلال فصل الصيف من البحر والخروج مع الأصدقاء أو زيارة الأهل والأحباب حيث يقول محمّد الجبالي: «هذه الصائفة أشارك في ثمانية مهرجانات وذلك يتطلب مني القيام ب«برايف» بصفة متواصلة إضافة إلى التزاماتي ببعض الحفلات الخاصة، لذلك فمن الصعب أن أضع برنامجًا خاصًا بالترفيه خلال هذا الفصل». أما هشام النقاطي فاعترف أنه بقدر إمتاعه الناس وإدخال أجواء إحتفالية في المناسبات التي يغني فيها لهم، فإنه يشعر بحرمان كبير من الراحة أولاً ومن البحر والجلوس إلى العائلة والأحباب ثانيًا ويقول: «أحيانًا كثيرة يحزّ في نفسي أن أرى بعض الناس يرقصون أو يتمتعون بال«برونزاج»، ثم إن طبيبي كثيرًا ما ينصحني بالبحر ولكني لم أجد إلى ذلك سبيلاً...» مضيفًا: «الفنان التونسي ليس كنظرائه من النجوم العرب أو بعض الاستثناءات التونسية من الفنانين الذين تقدر قيمة حفلهم الواحد بأكثر من أربعين ألف دينار، ثم إن العمل في الأعراس والحفلات الخاصة أصعب من العمل في المهرجانات». البديل في خضم زحمة العروض والسهرات وما يرافقها من تحضير وبذل مجهودات وتعب، يعمد البعض الآخر من الفنانين إلى عدم تفويت أي فرصة تتاح للاستمتاع بمزايا هذا الفصل حيث أكدت الفنانة علياء بلعيد أنها كثيرًا ما تبقى أكثر من أسبوع دون أن ترى أبناءها بسبب انشغالها بالعمل في الليل والنوم في النهار والتحضير للعروض في المساء. ولكنها في المقابل لا تفوّت نعمة البحر بأن تختار فصلي ماي وأكتوبر «للعوم». أما الممثلة نعيمة الجاني فهي أيضًا تشارك في المهرجانات الصيفية بعرض مسرحيّتها الأخيرة «أعطيني فرصة» صحبة درصاف مملوك والصادق حلواس، ولكن ذلك لم يمنعها من الاستمتاع بفضائل هذا الفصل حسب «القدر المستطاع» حيث تقول: «أختار بعض الأيام التي لا أكون فيها منشغلة بالعروض للقيام بزيارة الأهل والعائلة ثم إن الاصطياف بالنسبة إليّ ليس أمرًا ضروريًا». وهو تقريبًا نفس خيار محمّد الجبالي في التعاطي مع هذا الفصل لا سيما بعد أن تزوج وأصبح أبًا، باختيار فترات فراغه للتنقل مع العائلة إلى البحر. التعويض ودواعيه أكّد الفنان حسين العفريت أن واجباته العائلية تستوجب إيجاد الحلول لتعويض تقصيره تجاه أسرته خلال هذا الفصل الذي يتطلب ضرورة الاستمتاع بالخلاعة وما يتبعها من ناحية وما يعيشه هو كفنان من التزامات باعتبار الموسم الوحيد للعمل، موضحًا أنه اختار هذه الصائفة أن لا يعمل خلال شهر رمضان ليتفرّغ للعائلة. أما الممثلة جميلة الشيحي فهي بدورها اعترفت قائلة: «لم أرتح خلال فصل الصيف منذ سنة 2005، فكان أن خيّرت هذه الصائفة لأعوّض تعب سنوات، لذلك فمباشرة بعد أن انتهيت من تصوير 15 حلقة من سلسلة «شوفلي حل» خيّرت الاستمتاع بمتع هذا الفصل الذي أحبّه كثيرًا». هكذا فإن ضغط العمل الصيفي يقابله سبات شتوي وبطالة فنية بالنسبة إلى أغلب الفنانين في بلادنا. وهو واقع يعتبر خيارًا بالنسبة إلى أغلب الفنانين، وهو ما ساهم في تأزيم واقع هذه الشريحة لأنه بإمكانهم ضبط برامج واستراتيجيات عمل تخوّل لهم تجاوز هذه البطالة وتقسيم نشاطهم على مدار السنة بوضع نظام عمل وعيش يخوّل لهم باعتبارهم محترفين الاستمتاع بكل الفصول. فالعمل والنشاط اللذان يوفران الموارد المالية لا يرتبطان ضرورة بالصيف وحفلاته و«عرابنه» !