لاشك أن الاعلان الاسرائيلي الأخير عن مشروع بناء استيطاني جديد باحد الاحياء العربية في الجزء الشرقي من مدينة القدس وطرد عائلتين فلسطينيتين واستبدالهما بمستوطنين يهود يكشف عن مخطط اسرائيلي مدروس والسياسة الخارجية التي يعتمدها رئيس الوزراء ناتنياهو ووزير خارجيته المتطرف ليبرمان والمتمثلة في الإصرار التام والمطلق على مواصلة التهجير والترحيل القسريين للأبرياء من منازلهم وبناء مستوطنات يهودية في القدسالشرقية التي ضمتها اسرائيل عام 67 واعتبرت ان سلطتها عليها أمر غير قابل للنقاش. وكدليل على مواصلة اسرائيل نهجها الاستيطاني العدواني على حقوق الشعب الفلسطيني ومضيها قدما في رفض النداءات الدولية - وفي مقدمتها مطالبة واشنطن لها بتجميد الاستيطان - كشف ناتنياهو مرة أخرى عن وجهه الحقيقي الرافض لأي جهد من شأنه أن يؤسس لسلام عادل يكفل للشعب الفلسطيني حقوقه الدنيا في تقرير المصير وتحقيق حلم الدولة المرتقبة ذات السيادة على حدود 67. لقد أكد ناتنياهو أن الانسحاب الأحادي الجانب أو ما سمي بخطة الانفصال من جانب واحد من قطاع غزة في سبتمبر 2005 قبل 4 سنوات بعد احتلال دام 38 سنة تنفيذا لخطة رئيس الوزراء الأسبق ارييل شارون كان خطإ ولن يتكرر وهو ما يعني أنه لا سبيل للحديث عن امكان اخلاء مستوطنات الضفة في أي اتفاق مرتقب مع الفلسطينيين. تصريحات ناتنياهو الأخيرة تؤكد مرة أخرى أطروحاته اليمينية وزيف ادعاءات سعي اسرائيل الدائم للسلام في مقابل ترويجها ككل مرة انه لا يوجد شريك فلسطيني لصنع السلام تصريحات مثل هذه هي في الواقع محاولة لفرض امر واقع على الفلسطينيين وتكريس المزيد من التهجير والترحيل للأبرياء من منازلهم ومزارعهم وقراهم. وفيما تطالب واشنطن حكومة ناتنياهو بتجميد الاستيطان في الضفة لاطلاق عملية سلام مع الفلسطينيين من أجل التوصل الى تسوية لاعقد ملف في المنطقة يطالعنا هذا الأخير برفضه المسبق لأي حديث عن مستوطنات الضفة أو الانسحاب منها على غرار غزة الذي كان - حسب رأيه - اكبر خطا ارتكبته حكومة شارون. الأكيد ان مثل هذه التصريحات سوف لن تخدم عملية السلام المجمدة أصلا ولن تزيد الأمر إلا تعقيدا والوضع تدهورا وهو ما يفسر رفض تل أبيب إلى حد الآن مطالب البيت الأبيض بتجميد الاستيطان، في تملص واضح من كل الاتفاقات السابقة واجهاض لأي جهد من شأنه اعادة الحقوق المسلوبة إلى اصحابها.