ما أعلنه ناتنياهو مؤخرا عن اعتزامه تسريع الاستيطان في الضفة قبل أي تجميد محتمل تطالب به السلطة الفلسطينية والأسرة الدولية بهدف إحياء عملية السلام المجمّدة في المنطقة يؤكد أنّ الحكومة اليمينية في تل أبيب ماضية قدما في سياساتها الاستيطانية لفرض واقع جديد على الأرض، في إطار نهج مخطط له سلفا للترحيل الجماعي وإجهاض حلم الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على أراضي 67. إن تأكيد المسؤولين في حكومة ناتنياهو بأن التجميد المحتمل سيشمل فقط بناء وحدات استيطانية جديدة في مستوطنات الضفة حيث يعيش حاليا حوالي 300 ألف مستوطن، ولن يشمل 2500 وحدة سبق أن وافقت الحكومة على بنائها إضافة الى كون التجميد لن يشمل المباني الحكومية ولا الأحياء الاستيطانية في القدسالشرقية التي يعيش بها حوالي 200 ألف مستوطن، يعكس صورة واضحة لا لبس فيها أن حكومة اليمين الاسرائيلي المتطرّف لا تصغي لأيّ طرف ولا تؤمن بالسلام العادل والقائم على مبادلة الأرض بالسلام مثلما نصت عليه المبادرة العربية في قمة بيروت 2002. في ظل إصرار الدولة العبرية على اجهاض كل الخطوات الرامية لإحياء عملية السلام، اكتفت الولاياتالمتحدة كالعادة بمجرّد الاعراب عن الأسف لهذا المشروع الذي اعلنه ناتنياهو، مؤكدة أن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تعقد جهود أوباما الرامية لاستئناف المفاوضات، في المقابل اقتصرت ردود الفعل الأوروبية هي الأخرى على مجرد التنديد والدعوة إلى الوقف الكامل للاستيطان لإفساح المجال أمام عودة الأطراف المعنية الى طاولة الحوار. ورغم تأكيد الأطراف الدولية بأن مشاريع إسرائيل لتسريع الاستيطان لا تخدم عملية السلام ولا استئناف المفاوضات ولا تتماشى والتزاماتها بمقتضى «خريطة الطريق» إلاّ أنّها تبقى مجرد تصريحات دون فاعلية تذكر وهو موقف لا يشرف تلك الاطراف الدولية وخصوصا الاتحاد الأوروبي الذي يملك واقعيا من الأوراق الكثير التي تمكنه من ممارسة الضغط الكافي على حكومة تل أبيب وردعها حتى تستجيب لقرارات الشرعية الدولية وكل الاتفاقات الثنائية. ولعل المطلوب عربيا في هذه اللحظة بالذات بذل الجهد الديبلوماسي اللازم لتفعيل هذا الدور الأوروبي واستثماره كأفضل ما يكون لتعديل مسار عملية السلام والخروج بالقضية الفلسطينية من الأحادية القطبية المنحازة الى التدويل.