تونس الصباح تواصل كرة القدم التونسية خسارة أهم أبنائها الناشطين في البطولات الأوروبية لصالح منتخبات عرفت كيف تستحوذ على اهتمامهم وتصرف نظرهم عن وطنهم الأم، في حين يواصل المشرفون على كرة القدم في تونس التزام الصمت حيال هذا الموضوع. لا بدّ من التذكير أولاً بقائمة الأسماء التي فضلت منتخبات البلدان التي نشأت فيها عن وطنها وكانت البداية بصبري اللموشي الذي ثار على خلفية تركه على بنك الاحتياط في تشكيلة تونس أيام المدرب يوسف الزواوي واختار المنتخب الفرنسي ليتقمص زيه في المباريات الرسمية. منذ أكثر من سنة اختار تونسي آخر منتخب الدّيكة وهو حاتم بن عرفة الذي فضل فرنسا ضاربًا بالجامعة التونسية عرض الحائط. وآخر الأسماء التي فقدناها أخيرًا كانت سامي خذيزة للمنتخب الألماني، وسنخسر غدًا خدمات الشاب ماهر السويح لفائدة المنتخب الإيطالي، إذ يسعى المسؤولون هناك إلى إقناعه باللعب لفائدة منتخب بلادهم بتقديم إغراءات عديدة حتى يختار الأزرق نهائيًا. لماذا فشلنا في الاحتفاظ بهم؟ ما هي الأسباب التي تجعلهم يفضلون مسقط رؤوسهم عن وطنهم الأم؟ وهل من طريقة للحدّ من هذه الظاهرة؟ الأكيد أن أسباب الفشل تتعدّد ولا يمكن حصرها في خانة واحدة وتعدّ النشأة في بلاد المهجر والابتعاد عن الوطن سببًا أساسيًا في تحديد اختيار الرياضي لوجهته إلا أن عدم متابعتهم من قبل المشرفين على كرة القدم التونسية منذ انطلاقهم وعدم تقديم إغراءات مادية ومعنوية يغلق باب تمثيلهم لتونس، فتألق المنتخبات الأوروبية ومشاركتهم في أعتى المنافسات الدولية حلم يراود كل لاعب، ومن حقه أن يرنو إلى الوصول إليه بما أن مشاركات المنتخب التونسي لازالت إلى يومنا هذا متواضعة ولم تتجاوز في أية مناسبة عالمية الدور الأول. إذن خسرنا أهم المواهب التي من شأنها أن تدفع المنتخب التونسي نحو أهدافه، إلا أن السؤال الذ يجب أن يُطرح بشدة حول هذه القضية هو هل من طريقة أخرى لإقناع أبنائنا في المهجر بتمثيل بلادهم الأم؟ وهل ستخصص الجامعة التونسية لجنة لمتابعتهم أم أنها ستكتفي بالقليل وتواصل الصمت حيال هذه الظاهرة التي باتت تهدّد أبرز الرياضيين وألمعهم؟ كيف لا والمنتخب القطري لكرة اليد المشارك حاليًا في بطولة العالم للأواسط بمصر تمكن من تجنيس عدد من اللاعبين التونسيين الذين نشطوا في أندية تونسية في فترة قريبة ويقفون اليوم ضد بلدهم الأم؟ السبب مادي بحت.