تونس الصباح كشفت المؤتمرات النقابية للاتحادات الجهوية للشغل، التي انعقدت طيلة الاشهر الماضية من العام الجاري، عن بروز ملفات كثيرة ومطالب عديدة، مثلت انشغالات اساسية للنقابيين في قطاعات وجهات مختلفة من البلاد.. ورغم ان خريطة هذه المؤتمرات لم تستكمل بعد، بحكم بقاء ثلاث جهات لم تعقد مؤتمراتها، ونعني بها اتحادات الشغل بالقصرين وبنزرت وقبلي، فان المؤتمرات الجهوية والقطاعية التي انتظمت الى حد الان، عكست بعمق ابرز المطالب والملفات والمقترحات التي تدور في اذهان النقابيين وتعبر عن مشاغلهم التي يتوقع ان تكون بمثابة «الاجندة» في العمل النقابي خلال المرحلة القادمة.. ملف البطالة.. ووفق بعض المعلومات التي توفر ل«الصباح»، فان موضوع البطالة، شكل ابرز الملفات التي تكرر تناولها من قبل النقابيين خلال جميع المؤتمرات تقريبا، الى درجة ان البعض شبهها ب«كلمة السر» فيما بين النقابيين. وطالبت المؤتمرات ببعث صندوق للتأمين ضد البطالة واعادة هيكلة سوق الشغل وفق حاجيات الجهات وخصوصياتها. وعلمت «الصباح» في هذا السياق، ان القيادة النقابية التقطت هذا المطلب النقابي من خلال شروعها في انجاز دراسة تخص منطقة الحوض المنجمي، فيما اعطيت التعليمات لانجاز دراسات مماثلة لجهات عديدة، يتوقع ان تكون ولايات سليانة وسيدي بوزيد والكاف في مقدمتها.. وفي سياق الملفات الاجتماعية، تطرقت معظم اللوائح الصادرة عن المؤتمرات الى النظام الجديد للتأمين على المرض (كنام)، حيث طالب النقابيون بضرورة ايجاد خارطة صحية عادلة بين كافة الجهات، سيما وان بعض الجهات تفتقر الى طب الاختصاص، بخلاف العاصمة والمدن المتاخمة التي يوجد بها «ما فوق الاكتفاء الذاتي» ان صح القول.. القضايا الاجتماعية وكان ملف أنظمة الضمان الاجتماعي، بين القضايا التي طرحت بشكل مكثف من قبل النقابيين في مؤتمراتهم، حيث طالبوا بمراجعة هذه الانظمة في اتجاه ايجاد الحل الانسب لمسألة التقاعد، خصوصا في ضوء ما يتردد في الاوساط القريبة من الصناديق الاجتماعية من وجود خيارين في هذا المجال، الترفيع في سن التقاعد الى ما بعد الستين عاما، مثلما حصل في التعليم العالي، او الترفيع في مساهمات الاجراء والمنخرطين في التقاعد.. وهو الامر الذي اثار الكثير من الانتقادات، كما تسبب في حصول قلق لدى الاوساط النقابية والعمال والموظفين، المعنيون بهذا الموضوع.. وشدد النقابيون في هذا السياق، على ضرورة مراجعة صناديق الضمان الاجتماعي، سواء من حيث الخدمات او لجهة ضمان توازناتها المالية.. وافادت معلومات نقابية موثوقة ان صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية، دخل «المنطقة الحمراء» جراء العجز المالي الذي يعاني منه منذ فترة غير بعيدة.. فيما يتجه صندوق الضمان الاجتماعي لنفس المصير في افق العام 2012، اذا لم تتخذ الاجراءات اللازمة لانقاذه.. بين التضامن.. والضمان الاجتماعي.. على ان احد الاشكالات البارزة التي استأثرت باهتمام النقابيين، ما وصفوه ب«تغير دور صندوق الضمان الاجتماعي»، حيث لم يعد - في تقديرهم صندوقا لخدمة منظوريه فقط، ونما اصبح يقوم بأدوار اخرى ليست من جنس وظيفته.. وتطرقت المؤتمرات في هذا السياق الى المساعدات التي يقدمها الصندوق للمحتاجين وتقديم نفقات المطلقات، وذلك بذريعة التضامن بين التونسيين.. وارتفعت بعض الاصوات النقابية على خلفية ذلك للمطالبة بآلية اخرى لمساعدة بعض الفئات الاجتماعية المعوزة، على أن يبقى الصندوق لخدمة منظوريه، وربط هؤلاء بين هذه «الخدمات» الاضافية المقدمة من قبل الصندوق ومسألة عجزه المالي.. ومن غير المستبعد أن يتحرك اتحاد الشغل بشأن هذا الملف خلال المرحلة المقبلة، في ضوء تردد أنباء عن وجود دراسة يجري إعدادها صلب المنظمة الشغيلة ستقدم مقترحات للدوائر الحكومية.. ملفات متعددة وصبّ النقابيون في أغلب مؤتمراتهم، خصوصا في الجهات ذات الثقل الصناعي، جام غضبهم على موضوع المناولة، الذي يؤرق النقابيين بشكل لافت، سيما وأن أغلب المؤسسات الخاصة - بل حتى العامة - باتت تستخدم المناولة بديلا عن التشغيل المستمر والمقنن، فضلا عن عمليات استغلال مفضوحة للعمال والموظفين تتجاوز إطار نظام المناولة ذاته.. ويمكن اختزال بقية المطالب والملفات التي تمخضت عن المؤتمرات الجهوية والقطاعية لاتحاد الشغل، في جملة من النقاط أهمها: * المطالبة بالشفافية في تعاملات القطاع الخاص، سيما فيما يتعلق بالامتيازات التي منحتها الدولة للخواص، ودعاء النقابيون الى وقفة تأمل لبحث ما اذا كانت هذه الامتيازات اتجهت نحو أهدافها أم لا.. * الدعوة الى الاعتراف بنقابات المتقاعدين التابعين لاتحاد الشغل، من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية، تماما مثلما يجري اعتراف الوزارة مع جمعيات المتقاعدين. * ضرورة مراجعة النظام التربوي باتجاه تحسين مردوديته.. * توحيد العمل النقابي في الجامعة التونسية، ودعوة سلطة الاشراف لقبول الجامعة النقابية العامة للتعليم العالي (التابعة لاتحاد الشغل)، كممثل وحيد للجامعيين.. * ضرورة ايجاد سياسة جبائية عادلة بين جميع الشرائح الاجتماعية بما في ذلك قطاع المال والأعمال.. * التشديد على ضرورة انعقاد مؤتمر الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، بوصفها مكسب وطني.. * المطالبة بإيجاد حل لمساجين الحوض المنجمي.. * ترسيم العمال المتعاقدين، خاصة الذين ينسحب عليهم الفصل (4-6) من قانون الشغل، والقاضي بترسيم المتعاقدين لمدة أربع سنوات متتالية والابتعاد عن الحيل التي تحول دون ذلك.. * ضروة احترام الحق النقابي في المؤسسات، وهو المشكل المطروح في مؤسسات التعليم خاصة، فيما تم تقنين الحق النقابي مؤخرا، بعد أن كان مجرد آلية نضالية نقابية ب«العُرف».. الجدير بالذكر، أن المؤتمرات الجهوية والقطاعية لاتحاد الشغل، جرت بشكل شفاف وفي كنف النهج الديموقراطي، حيث لم يسجل أي طعن في نتائجها، كما هيمن عليها خيار الوفاق حينا والتنافس النزيه حينا آخر..